الصورة كانت بارزة امامنا .. عكست تماما حال الشارع الجنوبي واستغلال الشباب عبر شعارات ركيكة مكررة لا تهدف الا الى زيادة معاناة شباب عدن خاصة والجنوب عامة. اذا تحدثنا عن عدن فهي المدينة التي عرفت عبر التاريخ بانفتاحها على العالم وتعايشها مع مختلف الثقافات والاجناس والديانات وكانت وطنا وملاذا امنا لكل من ولد وعاش فيها . لم تعرف بوابة الجنوب عدن عصرها المزدهر في التنمية والاقتصاد الا عندما احتضنت الاستثمارات والاعمال وامنت مناخا مستقرا وجاذبا لرأس المال المحلي والاجنبي ومثل مجتمعها المتجانس المتفاعل نموذجا متميزا للسلم الاجتماعي والتسامح الديني والاخلاقي والقبول بالأخر ونبذ العنف والتطرف .
الآن هذه المدينة المسالمة ترزح تحت وطأة العنف والكراهية والفوضى لتتحول عدن الى مدينة طاردة بعد ان كانت رمزا عالميا للتعايش والتآلف والسلام . الصراعات والمصالح السياسية والاجندة الاقليمية التي تستمد قوتها واستمراريتها من مظالم ومعاناة ابناء المدينة عملت على اثارة الشارع وتأليبه على بعضه البعض تارة تحت تأثير المال وتارة اخرى بالتلاعب بمشاعر الشباب الصادق بمزاعم تحقيق العدل والانصاف والكرامة.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: من الذي يدفع ثمن كل هذا ؟ اليس ابناء عدن وحدهم, ومن الذي يوزع الحبوب المخدرة على ابنائنا في منتصف الليل ؟ ومن الذي من مصلحته تخدير الشباب وتدمير مستقبلهم ؟ ومن الذي جعل عدن اليوم مدينة للظلام الفكري والتطرف المناطقي والارهاب الاجتماعي؟ ومن ومن ومن ؟
كان لابد من صوت العقل ان يخرج الى النور ليحذر شبابنا: ابنوا انفسكم ومدينتكم اولا.. وعبر التنمية ولاشيء غيرها . السياسية قتلت شبابنا وجعلتهم فريسة للاستغلال البشع لمطالبهم وحقوقهم المشروعة . ان اعلان انشاء منتدى عدن للتنمية اقلق الكثيرين من حاملي معاول الهدم لتدمير مجتمع ومدينة عدن فبدوءا يصدرون البيانات ويعقدون الاجتماعات ويتهمون المنتدى والقائمين عليه بالتآمر على عدن وشبابها.
في ختام فعاليات المنتدى التقيت بعدد من الشباب الصادق والنقي من ابناء عدن وقالوا انهم فقدوا الثقة من كثرة الشعارات بتحقيق التنمية في حين لم يلمسوها على ارض الواقع وعرضوا معاناتهم ومشاكلهم بطريقة رائعة ومدنية تميزوا بها كعادتهم. مثل هؤلاء الشباب موجودون في عدن بمئات الآلاف لكنهم بحاجة لمن يستمع اليهم ويتفاعل معهم ويبحث عنهم.
وكوني احد المؤسسين للمنتدى فإن البرامج القادمة سيلمسها ويشعر بها ابناؤنا في عدن وسنعمل لأجلهم ولأجل مستقبلهم بعيدا عن السياسة وحبالها الشائكة التي التفت وخنقت مدينتنا وحولتها من مدينة السلام والتنمية والتعايش الى مدينة توقف فيها التاريخ وعرقلت التنمية وغاب عنها صوت العقل والحكمة .
عدن عرفها العالم عبر التاريخ مدينة مفتوحة وحضناً دافئاً وامناً ومستقراً .. علينا الا نسمح للظلاميين ان يحاصروا ويقفلوا عدن ويشوهوا تاريخها وواجب شبابنا المخلص المتعلم ان يقف بادراك ووعي لدعوات التجهيل والافقار والتدمير . على شباب عدن ان يقود عهدا جديدا للتنمية والبناء وان يمدوا ايديهم لأي مبادرة تعمل بهم ولأجلهم .