ليس من مصلحة اليمنيين أن يتركوا هادي وحيداً في مجابهة هذه الضغوط، التي يتزعمها الجنرال محسن وكتبته، بل ليس من مصلحة هادي نفسه أن يلتزم الصمت أمام عراقيل التمرد التي يريد أصحابها أن يفرضوا بها الوصاية عليه للتحكم في قراراته القادمة، خاصة تلك المتعلقة بتطبيق قرار إعادة هيكلة الجيش.
لاحظوا كيف بدأت الحملة الشرسة عليه إعلامياً الممولة من مراكز القوى القديمة نفسها، لأنها باتت ترى أنها ستلفظ أنفاسها الأخيرة على يديه، وأن اليمن يمكن أن يكون شيئاً جديداً من دونها، لاحظوا كيف بدأ أولئك الذين كانوا يصفقون له بالأمس بكيل التهم له اليوم والطعن في نزاهته، فإذا به يصبح في نظرهم ذلك المناطقي والأسري، الذي يعيد إنتاج نظام سلفه.
لا بد أنهم كانوا يستضعفونه حينما وافقوا على اختياره مرشحاً للرئاسة، ظانين أن بإمكانهم تطويعه ليكون مستأجراً لديهم، فلا يرى إلا ما يرون ولا ينطق إلا بما يشتهون، لكنهم الآن بدأوا يراجعون حساباتهم، فالرجل يريد أن يكون رئيساً فعلياً، لا كما يحلو لوسائل إعلام كهنة الآباء والرموز والأصنام من العسكر وخلافهم حين تنعته بالمؤقت والانتقالي والتوافقي، ولا تستبعدوا أن تصمه أيضاً بالمستأجر والانفصالي في القريب العاجل.
سأظل على يقيني أن مشكلة اليمن الحقيقية تكمن في استمرار هذه الأصنام الاجتماعية، في بقاء هؤلاء الآباء المعتقين، في تهافت المزمنين المؤبدين المخلدين على نهش جسد هذا الوطن، فلم الإصرار على التشبث بهم كمنقذين ومخلصين؟! سئمنا من تخلف وفساد الأصنام والرموز، ولا متسع في صدر هذا الوطن لتحمل المزيد من عبث أنصاف الآلهة هؤلاء، بتاريخنا حاضرنا ومستقبلنا.
بل من المخزي جداً أن نستمر في التعويل على الماضي برموزه لإنقاذنا، نريد دولة وقانوناً ومواطنة وعدالة ومساواة، وإن كان لدى هؤلاء الآباء/الجثث الرميمة، أدنى درجة من درجات الوطنية فالأحرى بها أن تنتصر لفكرة الدولة المؤسسة، كما أن الأحرى بها أن تدفع لاختيار ممثلي الحوار الوطني المرتقب ممن يتوقع منهم أن يكونوا حراساً أمناء لصياغة مستقبل اليمن، لا أدوات معبأة بأحقاد التاريخ، لتفتيته وتقسيمه لضمان مصالح أسيادهم/الآباء/الرموز/الأصنام/أنصاف الآلهة/ الجثث!!