قلنا إن هؤلاء أصابهم الغرور ويعتقدون أنهم وصلوا إلى ما يبتغون، نكران ما حدث لن يغير من الواقع شيئاً ولن يزور ويزيف التاريخ، أصبحنا واعين لكل ما دار ويدور. بالأمس الديلمي واليوم اليدومي، والإساءات تتوالى والتضليل مستمر!
قال أيضاً إن الحاجة لبقاء المشترك لا تزال لعشر سنوات قادمة، جميل! لكن (مشترك) على أي أساس؟ تحالف قوى وأحزاب أم تبعية ؟ حزب مهيمن ومسيطر وأخرى خاضعة وتابعة؟! بعد تكرار الإساءات من بعض قيادات في الإصلاح وصمت الإصلاح عنها، أصبح من المهم إعادة التفكير بهذا التحالف “اللقاء المشترك” وبقائه على أساس تحالف وليس تبعية ، والحزب الاشتراكي رغم كل الضربات التي وجهت إليه بدءا باغتيال قياداته مرورا بنهب أمواله وممتلكاته وانتهاء بحملات التشويه التي طالته وطالت ولا تزال قياداته وأعضاءه، لا يزال حزباً قوياً بتواجده ، بقياداته وقواعده الشرفاء، بالتفاف الناس حوله، بمدنيته، والقوة المالية ليست كل شيء، ومقولة “صاحب المال متحكم” لا يجب أن تحضر في هذا التحالف.
لنمر على فتوى الشيخ عبد الوهاب الديلمي،هناك من يعترف بوجودها غير انه يصر انه لا يوجد في نصها ما يجيز قتل الأبرياء، وهناك من ينكرها من الأساس، لننظر في هذه الفقرة منها والتي نشر نصها بصحيفة الوثيقة والمؤرخة بــ15 - 8 -1995م، ونشر النص ، يعني أنها صدرت قبل هذا التاريخ وإلا ما حاجته لإصدار فتوى بعد انتصار قوات الشرعية على قوى الردة والانفصال؟! فالبعض يصر على ألا علاقة لفتوى الديلمي بما حصل ويحصل في الجنوب !لان الفتوى كانت في95م ، يا هؤلاء أعيد نشرها في95م ، وان افترضنا كانت بعد الحرب فهو يبرر قتل الناس في الجنوب. المهم وطبعا بعد تكفيره للاشتراكي مطلع الفتوى والتحدث عن تاريخه الذي وصفه بالأسود وكأن تاريخ الشمال وصالح وحلفائه ناصع البياض، والحديث عنه بأنه حزب أعلن الردة والإلحاد والبغي والفساد يقول الديلمي في فتواه الشهيرة ”وقد أجمع العلماء أنه عند القتال، بأنه إذا تقاتل المسلمون وغير المسلمين فإنه إذا تمترس أعداء الإسلام بطائفة من المسلمين المستضعفين، فإنه يجوز للمسلمين قتل هؤلاء المتمترس بهم مع أنهم مغلوب على أمرهم وهم مستضعفون من النساء والضعفاء والشيوخ والأطفال، ولكن إذا لم نقتلهم فسيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم من المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض، إذن فقتلهم مفسدة أصغر من المفسدة التي تترتب على تغلب العدو علينا، فإذا كان إجماع المسلمين يجيز قتل هؤلاء المستضعفين الذين لا يقاتلون فكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح” وبعد سنوات من الصمت ومثلها من النكران يصدر الديلمي اليوم بياناً ايسيء فيه لأبناء الجنوب، وينعتهم بالعبيد إبان الاشتراكي، ويسيء للاشتراكي، يعني”جاء يكحلها عماها“، كنا ننتظر اعترافاً واعتذاراً، بدلاً من إنكار فتوى لا يمكن لغربال البيان والإعلام أن يغطيها!
نحن من حقنا إذن أن نتساءل لماذا لم يكذب الديلمي هذه الفتوى حينها إن كانت لم تصدر عنه؟ ليس من العيب الاعتراف بالخطأ والاعتذار إنما العيب في الاستمرار بمحاولة خداع الناس وتضليلهم، الفتوى معروفة ومشهورة وتحدث عنها واستنكرها علماء الأزهر.
سأذكر حادثة قبل رمضان (كنت ذاهبة إلى مقر الحزب الاشتراكي، قلت لسائق التاكسي اذهب بي إلى مقر الحزب الاشتراكي، التـفت إلي وسأل باستنكار، أنتِ اشتراكية ؟ قلت له نعم ، وأيش المشكلة؟، قال المهم ألا تكوني كافرة! قلت له ومن قال لك إن الاشتراكيين كفار؟ وبدأ يسرد لي ما تناوله الإعلام الرسمي قبل وأثناء وبعد حرب صيف 94م، قلت له: وهل يعقل أن تصدق مثل هذه الترهات والافتراءات؟ وأضفت: حين يحصل زواج بين الدين والسياسة يخلق هذا المولود المعاق والمشوه المسمى (فتوى)، أليست هذه نتيجة طبيعية للتعبئة الخاطئة والحاقدة، التي ساهمت فيها جميع القوى الرجعية ضد الاشتراكي، لا أحتاج لمشايخ السلطان ليعلموننا ديننا، الدين أتى قبلهم ويبقى بعد فناء كل القوى والأحزاب المتحدثة اليوم باسم الله، القوى التي تقتل وتجهض باسم السماء كل مشروع مدني يتعارض مع مصالحها ، ومن تآمر على مشروع الدولة الحديثة و قتل الرئيس الحمدي هو نفسه من قتل جار الله عمر، القاتل هو الذي يرى في أي مشروع مدني تهديد لمكانته ووجوده ومصالحه!
الغريب انه كلما تحدثنا عن فتوى الديلمي يتحدثون عن أحداث يناير، الجنوبيون أنفسهم لا يذكرون الآن غير فتوى الديلمي، وإن كانت يناير مجزرة فهي بين القيادات أنفسهم لم توجه الأسلحة إلا إلى صدور بعضهم، وليس إلى النساء والأطفال، ولم يصدر قيادي اشتراكي فتوى بجواز قتل المتمترس بهم من النساء والأطفال. وأصلاً لم يكن نظام الشمال ديمقراطياً ورحيماً بالشعب لتتحدثوا عن نظام قمعي في الجنوب ومن قتل في الشمال بالتقسيط من السياسيين والمعارضين وزج بهم في المعتقلات قبل الوحدة وبينهم نساء أكثر بكثير ممن قتلوا في أحداث يناير، ولو فتح هذا الملف وتم التحقيق فيه، سيعرف اليمنيون حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق رجال ونساء الشمال. ولا أعرف عن أي حقوق وأي أعراض تلك التي انتهكت في عهد الاشتراكي في الجنوب، قبول، وورد الفاتش وغيرهما كثير، نساء اختطفهن الأمن الوطني في الشمال وعذبن وأحرقن حتى الموت بتهمة قرابتهن لشيوعيين ومخربين، وبعض تلك الاعتقالات كانت بيد ضباط بعضهم اليوم ثوار!
الجنوبيون أبدا لم يكونوا في عهد الاشتراكي عبيدا، ولم تكن النساء إلا متعلمات ومثقفات وقياديات، ورائدات على مستوى الجزيرة العربية، وكيف هو حال المرأة اليوم بعد دخول الفاتحين على المحافظات الجنوبية؟!
للاشتراكي أخطاؤه لكن على الأقل بنى دولة نظام وقانون، تعليم وصحة، لا أحد ينهب ارض غيره أو بيته، كان التأميم خطأ، لكنه تأميم من اجل شعب، أما غيره من المنتصرين، شركاء حرب صيف 94م، نهبوا وأمموا كل مؤسسات الجنوب ليس للدولة أو للشعب، إنما لأنفسهم ،للنافذين واللصوص، حاولوا محو هوية ارض وشعب، استبدلوا أسماء الشوارع والمدارس وكل شيء، وكأن كل شارع وكل مدرسة ومؤسسة جنوبية حجارها وأصحاب الأسماء التي تحملها كانت كافرة واستبدل اسمها بعد إسلامها على يد أولئك الفاتحين.
إن أسوأ التحالفات هي حين يتحالف” الدين والعسكر والقبيلة” فكيف حين يجتمع كل هذا في حزب أو جماعة ما؟ إنه يدمر اليمن، ويقضي على ما تبقى من حلم اليمنيين في بناء الدولة المدنية الحديثة، الدولة الديمقراطية ، لذا نحن متيقظون ولم نقم بثورة من أجل أن نسقط الطاغية والديكتاتور صالح لنستبدله بالديكتاتورية الدينية أو القبلية.
ويا شيخ عبد الوهاب الجنوبيون أحرار، وحين كان البعض من”شركاء القتل والفيد“ يرفضون الاعتراف بقضية الجنوب العادلة إلى وقت ليس ببعيد، كان هؤلاء الذين نعتوا بالعبيد يواجهون آلة القتل والقمع ،وفتحت للآلاف منهم المعتقلات والزنازين والمحاكم! من فمن هو الحر ومن هو العبد؟ أنا اعتقد أن العبد هو من يصدر من أجل السلطان فتوى تستبيح الأرض وتقتل الإنسان، وتسفك الدم المعصوم ،العبد من يكيف الدين حسب مصلحته أو ليرضى الحاكم.
الآن عليكم أنتم أن تعودوا إلى الله ولدينه الحق وانتم محاسبون على كل كلمة تخرج من أفواهكم وكل فعل يصدر منكم،ونحن لم نسمع كلمة حق ولا صوتا في جرائم الاغتصاب ونهب الأراضي ، لم نسمع لكم صوتا في أطفال يتاجر بهم بدول مجاورة، في نساء يتسولن في الشوارع ويتم التحرش بهن، في نساء يبعن أعراضهن من أجل سد جوعهن ، في مخربي أبراج الكهرباء، في الدم الذي يسفك في عدن، من الفوضى في تعز وقضايا كثيرة تحتاج لفتاواكم !!
وسؤال أخير إلى التجمع اليمني للإصلاح ، بالأمس تحدث اليدومي عن الدولة المدنية أنها دولة العدالة “وفق الضوابط الإسلامية” والإصلاح مع المشاركة السياسية للمرأة أيضاَ “وفق الضوابط الإسلامية” وعلى اعتبار إن اليدومي احد قياداته وكان يتحدث باسمه نريد منه أن يحدد لنا ما هي الضوابط الإسلامية؟ لأنها كلمة فضفاضة وكلٍ سوف يفسر كل قضية حسب هواه ومزاجه وستقمع المرأة، وتنتهك حقوقها “وفق الضوابط الإسلامية” لذا أفتونا أثابكم الله.