غير أن الحقائق والوقائع تقول إن حمل السلاح هو مظهر غير حضاري فضلاً عن أنه - وهذا هو الأخطر- يزهق أرواح الكثير من الأبرياء إما بسبب العبث بالسلاح،أو إستخدامه، كردة فعل في خلافات تافهة!
ويمكن القول إن عدم الجدية من القيادات المتعاقبة في الدولة والحكومة في إتخاذ موقف حازم تجاه ظاهرة حمل السلاح، والموقف المتخاذل لمجلس (النوَّام) أو (النوَّاب)- لافرق- ساهم في تفشي وتوسع هذه الظاهرة السلبية إلى الحد الذي أطلق على اليمن (بلد الستين مليون قطعة سلاح)!
ولاشك أن تزايد حالات الإنفلات الأمني مردُّه - بالأساس - إلى إنتشار السلاح بأنواعه المختلفة، حتى مع وجود حملات ( خجولة) لوزارة الداخلية لضبط قطع سلاح هنا وهناك، ويظهر تقرير عن الوزارة أنها ضبطت 62 ألف قطعة سلاح (مخالفة) ! خلال النصف الأول من العام الجاري 2012 م ، كما يؤكد مقتل 102 شخص ، بينهم 34 طفلاً وإصابة 530 شخصاً بحوادث عبث السلاح ، خلال الفترة نفسها.
حملات الداخلية لضبط الأسلحة جهد إيجابي تشكر عليه الوزارة ، لكنه يظل محدود التأثير إن لم يشمل كبار وعلية القوم في الدولة والقبائل ، وكل من ينظرون إلى أنفسهم بأنهم فوق القانون، ذلك أن أي جهد حكومي لتحسين صورة البلد وبسط الأمن والاستقرار وجذب الإستثمارات يظل قاصراً وناقصاً، إن لم تثبت الدولة هيبتها وتقوم بإنفاذ قوانينها - حبيسة الأدراج - على الكبير قبل الصغير كما قال الأخ رئيس الجمهورية مؤخراً.
وعندما أكدت حكومة الوفاق الوطني - غير مرة - أنَّ أولى أولوياتها هو الإقتصاد وتحسين معيشة الناس ، وفرض الأمن وتثبيته ، فإن هذا التأكيد يحتاج إلى أن يكون واقعاً على الأرض بعيداً عن المبالغة والتصريحات الإعلامية التي لاتسمن ولاتغني من جوع.
ندرك صعوبة المرحلة ودقتها وحساسيتها ، لكننا ندرك - كذلك - أن الإرادة والجدية تأتي بجلائل الأعمال ، ولاشك في أن صوت أمن الناس ومعيشتهم يجب أن يكون المهمة الأولى للحكومة ، فالأمن أمان وإيمان.
إن الله قد كرَّم وأكرم الإنسان ، وجعل للنفس البشرية قيمتها التي لايضاهيها حتى هدم أحجار الكعبة حجراً حجراً ، ولذلك فالواجب على الحكومة - شرعاً - أن تُلجم وتكبح جماح هذه الظاهرة المستفحلة أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة ، وتصون كرامات وأنفس الناس من التهديد المباشر لها من استمرار ظاهرة انتشار السلاح.
كما ننتظر من المجلس النيابي ، تحريك مشروع قرار منع حمل السلاح المخبأ في أدراجه منذ تسعينيات القرن الماضي ، وإجراء التعديلات اللازمة عليه بالتزامن مع المرحلة التي نعيشها اليوم ، وهي أكثر خطورة من مرحلة التسعينيات ، بحيث يتم تجريم وتحريم حمل السلاح مع قيام الدولة والحكومة ومؤسساتها القضائية والأمنية بحماية دماء الناس وأموالهم وأعراضهم