وقد وجدت في أيامنا هذه ظاهرة مزعجة ومنفرة تمارس من قبل بعض طلبة المدارس مع انتهاء كل عام دراسي بعد تقديم الامتحانات النهائية، ظاهرة تمارس عيني عينك ، ولسنا بحاجة إلى ميكروسكوب ليرصد ويتابع هذا الفيروس السلوكي الطلابي، فيتسابق بعض طلبة المدارس إلى تمزيق الكتب المدرسية او أوراق الامتحانات التي بحوزتهم ورميها قرب مدارسهم بشكل مؤذ لكل من يشاهد هذه الممارسات ، فضلا عما تشكله من مظهر غير حضاري وسلوك فيه ايذاء للبيئة وإزعاج لمنازل القريبة من المدارس بسبب تطاير وتكدس هذه الكتب امام منازلهم ، كما أن عمال النظافة يتكبدون الجهد والمعاناة لتجميع هذه الأوراق والكتب والحقائب ووضعها في الحاويات والقيام بتنظيف الأماكن التي تم رمي الكتب بالقرب منها .
ولتتبع ورصد هذا السلوك الطلابي العنيف نحو الكتب المدرسية وتمزيقها ، ورميها، ومحاولة تفسير وتحليل هذا السلوك الذي فيه اعتداء كبير وصارخ على الكتب المدرسية وعلى مسيرة عام دراسي بالكامل قضاها الطلبة بالدراسة والمتابعة والتحضير والاستعداد للاستفادة مما هو موجود ومخزون في بطون الكتب من علم، ومعرفة، واجتياز هذه الامتحانات ليتمكن الطلاب من الانتقال إلى صفوف دراسية أعلى، تفسير هذا السلوك يعود بالدرجة الأولى إلى تداخل عوامل مجتمعية ونفسية وتعليمية، فالتقليد الأعمى لأصدقاء السوء من الطلاب، وتباهيهم بالقيام بمثل هذه السلوكيات يشجع الطلبة الآخرين على تقليدهم وخاصة الذين في صفوف ومراحل تعليمية أدنى من صفوف الطلاب مرتكبي هذه السلوكيات على تقليدهم مستقبلاً، وغياب توجيه وإرشاد الأبناء للاحتفاظ بالكتب المدرسية، وعدم وجود توجيه ومراقبة من قبل المدرسة وعدم وجود برامج للاستفادة منه, وغياب تشجيع الابناء من قبل الأسرة والمدرسة نحو متعة قراءة الكتاب المدرسي والتي تكون بعد الانتهاء من تأدية الامتحانات المدرسية فائدتها اكبر كون القراءة للكتب تكون قراءة اختيارية ذاتية فتكون مفيدة للطالب لا سيما خلال العطلة الصيفية التي يحتاج الطالب فيها إلى إشغال وقت الفراغ والقضاء على الملل والكسل، والتركيز على إعادة قراءة بعض الدروس الصعبة في المناهج المدرسية وهذا فيه فائدة لفهم المواضيع بصورة أدق وأفضل، كما أن الطلبة بحاجة ماسة إلى تذكر بعض المواد للاستفادة منها في السنوات المقبلة من مراحلهم الدراسية .
وعند الحديث عن هذا الموضوع فإننا نؤكد أهمية تعاون الطلاب فيما بينهم وتبادل الكتب المدرسية والتحضير للصفوف المستقبلية خلال فترة العطلة الصيفية, وأرجو أن لا يفهمني البعض أنني من دعاة أن تتحول العطلة الصيفية إلى مجموعة من الأنشطة العلمية والدراسية فقط. وهذه نظرة خاطئة فيجب أن تستثمر العطلة الصيفية أيضا في تنمية مواهب الطلاب وهواياتهم الفنية والرياضية والرحلات الجماعية مع الأقارب والأصدقاء وممارسة الهوايات في أجواء وأماكن مناسبة لذلك. بحيث لا تنتهي العطلة إلا وقد اكتسب فيها كل شاب من وطننا العزيز موهبة يستفيد منها في بناء مستقبله. إلا أن التحضير المسبق والإعداد للمراحل التعليمية المتقدمة يساعد على تهيئة الطلاب واستعدادهم للمواضيع التي سوف يتعلمونها في المستقبل.
وبعد.. أتوجه إلى وزارة التربية والتعليم، والمدارس لأخذ موضوع تمزيق الكتب المدرسية ورمي الحقائب ومحتوياتها مع نهاية كل عام دراسي بعين الاعتبار، وان يتم الطلب من الطلبة مع نهاية العام الدراسي لمن لا يرغب بالاحتفاظ بهذ الكتب التبرع بها للمدارس؛ حتى تستفيد منها وتوزيعها على الطلبة غير المقتدرين المحتاجين لها في السنوات المقبلة، من دون ان ترمى بشكل غير لائق وغير حضاري في الشوارع, وفي هذا الجانب لا بد أن نؤكد دور الأسر في تدريب أبنائها وتوعيتهم وإرشادهم لأهمية تبادل الكتب المدرسية أو تعويد الطلبة على الاحتفاظ بها لاستفادة الإخوة أو الجيران والأقارب من اجل التخفيف على بعضهم البعض من الناحية الاقتصادية وتنمية التعاون بين أفراد المجتمع.
مسك الكلام ... في نهاية كل عام دراسي ، تتكرر ظاهرة تمزيق الكتب وأوراق الامتحانات ، ورمي الحقائب المدرسية ومحتوياتها في الشوارع ، فبالرغم من مرور أسبوعين على بد العطلة الصيفية إلا ان الكتب الممزقة والحقائب ما زالت موجودة في بعض الشوارع ، كما أننا نرصد تكرار هذه الظاهرة حتى من قبل طلبة التوجيهي . نريد حلولاً جذرية من أهل الحل والربط في وزاراتنا ومؤسساتنا التربوية تتقدمهم مؤسسة “ الأسرة “ المؤسسة الأولى في التربية والتنشئة الاجتماعية ، وتشجيع الأبناء لاقتناء الكتب المدرسية، وتحفيزهم لتأسيس مكتبات في منازلهم، لمطالعتها والاستفادة منها مستقبلا ، فما أجمل الذكريات المتعلقة بالمراحل الدراسية المختلفة .
[email protected]