منذ قرار فتح الشارع بالقوة يوم الجمعة قبل الماضية عانى سكان هذه المدينة الأمرين ، فلا الشارع الرئيسي فتح ولا الهدوء عم هذه المدينة، بل على العكس أغلقت جميع المنافذ الفرعية والداخلية وبقي الشارع الرئيسي مفتوح بقوة السلاح لكن لا تقوى أي سيارة على المرور فيه .
حتى يوم أمس كان عدد الضحايا من المدنيين قد وصل إلى عشرة شهداء وما يزيد على خمسة وعشرين جريحا ، ترى هل يصح أن يكون هذا ثمناً لفتح شارع؟ كلا وألف كلا حتى لو كان هذا شارع الشانزليزيه لأن دماء البشر أعظم وأغلى وأثمن من أن تسيل عبثاً في سبيل مشروع كان يمكن حله بقليل من التعقل والتفاوض والحوار بدلا من استخدام القوة العسكرية .
حينما يغزو الليل مدينة المنصورة تتحول إلى مدينة أشباح ويكسوها الظلام من كل جانب، حتى أن انطفاء الكهرباء وإضاءتها لا يشكل فرحاً في هذه المدينة التي يكسوها الظلام كل ليلة ، مع غروب الشمس يحبس السكان أنفاسهم ومع انطفاء الكهرباء يضطرون للمكوث في منازلهم خوفا من رصاصة قناص قد تصيب بريئا خرج من بيته إلى الشارع هربا من الحر ، في حين لا تتوقف الاشتباكات يوميا الا لساعات معدودة .
هل يعلم قادة السلطة المحلية في عدن أن الأسواق في المنصورة خاوية على عروشها والمحلات مغلقة ولا يستطيع المواطن شراء أبسط ضرورياته بفضل قرار فتح الشارع بالقوة .. هل يعلمون أن غالبية سكان الحارات الملتهبة تحولوا إلى نازحين داخليين وغادروا مساكنهم خوفا من جحيم الاشتباكات ؟ .. هل يعلمون أنهم أضافوا إلى المواطن أعباء لم تكن موجودة قبل حملتهم الأخيرة.. هل يحز في نفوسهم حالة الرعب والخوف والحزن التي انتشرت في المدينة المسالمة والتي ما زالت حتى اليوم تبكي وتشيع قتلاها ؟ .
ألا يكفي سقوط عشرة مدنيين وعدد من الجنود وعشرات الجرحى لوضع حد لحمام الدم الذي يسيل في المنصورة ؟ .. ألم يكن بالإمكان فتح طريق المنصورة بطريقة أرقى عبر الحوار والتفاوض وتعويض أسر الشهداء كما جرى في شارع المعلا الرئيسي الذي عادت إليه الحياة دون دماء ، ألم يكن هناك أولويات أمام قيادة المحافظة في الجانب الخدماتي أهم من فتح شارع مغلق منذ أكثر من عام ؟ .. أم أن الانتقام السباق على السيطرة على ساحة المعتصمين كان الهدف .
إنها مناشدة إلى الرئيس عبدربه منصور هادي بالتدخل لوضع حد لمعاناة الأهالي في المنصورة الذين تحملوا الكثير من المعاناة منذ القرار الخاطئ وغير المدروس باستخدام القوة لفتح الشارع ، آملين منه التدخل العاجل لحقن الدماء ونزع فتيل التوتر، أما الشارع المغلق فإن قليلا من الحوار والتفاوض وتدخل العقلاء كفيل بأن ينهي مشكلته كما جرى في شارع المعلا .
نثق بأن اللواء صادق حيد مدير امن عدن وابن هذه المدينة لا يرضى عن النتائج الكارثية لما يجري في المنصورة ، لكنها دعوة لكافة القيادات المحلية والامنية في عدن للتدخل ووقف حمام الدم .. فالاشتباكات علاوة على قتلها للمدنيين الأبرياء قد تدفع بقوى أخرى إلى استغلال الموقف عسكريا بما لا يخدم الأمن والاستقرار .