البيان الاخير لعلماء اليمن وضع صخرة كبيرة في طريق التغيير، وقطع الشك باليقين، وبخر ما بقي من أحلام التوافق، والغريب أن أولئك العلماء هم الأقرب من صف الثورة، لقد وصل الوضع الى حد لا يحتمل السكوت فالوطن هو بيت اليمنيين جميعا ولا يجوز أن نهدمه من اجل سلطة أو مال رخيص، الوقت يمر والأشقاء والأصدقاء بذلوا جهدا يشكرون عليه و يبقى الأمل والرهان على من يحمل في نفسه إيمانا بالحل وحبا للوطن.
الثورة تعني الكثير ولا يمكن اختصارها بالخروج للساحات، أو الانتقال من حزب لآخر، أو تشكيل حزب جديد، الثورة سلوك ومبادئ وأخلاق وقيم إنسانية تنبع من وجدان الثائر لتجعله يثور على نفسه أولا فيغسل قلبه من الحقد ويتخلى عن الفساد ويعترف بأخطائه ويعتذر لضحاياه، لقد صدم شعبنا وفقد الأمل حين رأى العلماء يطلون من الماضي الأسود ببيانهم المنحوس ليتأكدوا ان علماءنا الإجلاء لايزالون يسيرون على نهج حرب94 المشؤومة، لقد اتضحت الصورة ان الثورة لم تحن بعد وان ما حصل هو أزمة وإرهاصات ثورة وصراع على السلطة لاقتسام الكعكة، وطالما أن الأطراف بنفس العقلية وبنفس السلوك سيبقى اليمن في ذيل قائمة الدول، وستبقى الدولة المدنية بعيدة المنال حتى يأتي الله بفرجه، وسيبقى الفاسدون جاثمين على مقدرات هذا الوطن الجريح، وسيبقون فقراء نفوس حتى لو جمعوا مال الدنيا فلن يشبعوا منه.
ما نقصده من المصالحة ان الاختلاف ليس له ما يبرره طالما وانه لم يحمل أي تغيير غير أنه يضع زيداً محل عمر.
إن الأوطان لا تبنى إلا بالعلم والعقول السليمة، والواقع يثبت إن من فشل بالأمس سيفشل اليوم، وهذا ليس من تشاؤمنا بل من حقيقة الأرض، وعلى العالم إن يدرك ان المعالجة بهذا الشكل ستصل إلى طريق مسدود حتما، وعلينا ان نستعرض نماذج فشلنا في التشطير وفشلنا في الوحدة وفشلنا أيضا في التغيير، ونقول لمن يعيش في القرون الو سطى بعقلية الفيد والغنيمة، أتقوا الله يا قوم فلديكم من المال ما يكفي حتى قيام الساعة، فلا تجعلوا الشيطان يزين لكم الدنيا فانتم أكثر الخاسرين أمام الشعب اليمني، لان الشعب قد خسر بسببكم كل شيء وبفعل هذه الازمات المتلاحقة، من أمنه قبل عيشه، لقد أصبح الوطن في خطر محدق والانهيار قادم لامحالة، ما لم يتدخل العقلاء بتوفيق من الله لإنقاذ هذا الشعب، وعلى الأشقاء وعلى رأسهم الشقيقة الكبرى السعودية ان تنصب خيامها على طول الشريط الحدودي كون نسبة المجاعة ارتفعت بشكل مخيف، لان الدولة اذا انهارت فلن يستطيع العالم فعل شيء وعلى القوى السياسية ان تراجع حساباتها، وعلى العالم ودول الجوار ان لا تبني تحالفاتها ضد ارادة الشعب وطموحه في التغيير حتى لا يبقى الجمر تحت الرماد، فاليمن مختلف عن بقية الدول العربية بحكم فشل دولتي الشمال والجنوب في الوحدة التي لم يتم الاتفاق والمعالجة بشأنها حتى اللحظة، و مازالت اسيرة فتاوى الامس وفتاوى اليوم، والتي نخشى لا سمح الله أن تؤدي باليمن إلى التفتيت.
* الوكيل المساعد لمحافظة الحديدة