قال مركز "ستراتفور" الأميركي للدراسات الإستراتيجية والأمنية إن من المرجح أن تهاجم إسرائيل عددا صغيرا من الأهداف الإيرانية، ردا على وابل الصواريخ التي أطلقتها طهران الثلاثاء.
غير أن المركز يرى أن إسرائيل ربما تحاول انتهاج خيارات تصعيدية أكثر، من بينها شنّ هجمات أكبر عددا وأوسع نطاقا جغرافيا، أو حتى مواصلة حملة غاراتها الجوية التي من المحتمل أن تستدرج مزيدا من الهجمات الإيرانية.
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أطلق، الثلاثاء، نحو 180 صاروخا باليستيا باتجاه إسرائيل، بما في ذلك مقر جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) في تل أبيب، انتقاما -كما قال- لمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) في طهران إسماعيل هنية في 31 يوليو ، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله وجنرال إيراني في 27 سبتمبر.
وزعم المركز الأميركي في تقييمه أن تلك الضربات كان لها تأثير محدود نسبيا على إسرائيل نفسها، إذ أفاد المسعفون حتى الآن بإصابة شخصين فقط. ويبدو أيضا أن الصواريخ لم تصب البنية التحتية العسكرية أو المدنية الرئيسية وربما لم تعدّها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تهديدًا.
وتوعد الجيش الإسرائيلي بالرد، لكنه قال إنه سيُنفذ مثل هذه العمليات في الوقت والمكان اللذين يختارهما، في حين ذكرت الولايات المتحدة أنها تتخذ خطوات للمساعدة في تأمين إسرائيل دفاعيا من أي هجمات أخرى.
ووفقا للتقييم، فإن الهجمات الإيرانية تهدف إلى الرد على الاستفزازات الإسرائيلية، فضلا عن طمأنة مؤيديها المحليين ووكلائها في المنطقة بعد سلسلة من الانتكاسات العملياتية الكبيرة والاغتيالات التي نالت من الجماعتين المدعومتين من إيران (حماس وحزب الله).
ومع أن الحرس الثوري الإيراني امتنع في البداية عن الرد على قتل إسرائيل إسماعيل هنية، إلا أن اغتيال نصر الله ونائب قائد فيلق القدس عباس نيلفوروشان "شجع" طهران على الأرجح على الرد من أجل الحفاظ على درجة معينة من الردع في مواجهة الإسرائيليين، الذي كان يتقلص مع مرور الوقت، بينما ظلت إسرائيل تتجاوز باستمرار الخطوط الحمراء التي وضعتها إيران وحلفاؤها خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية، وفق تقييم ستراتفور.
كما تعين على القادة الإيرانيين أيضا "استرضاء" المتشددين الذين يشكلون قاعدتهم الشعبية في الداخل، فضلا عن إظهار أن طهران لن تتخلى عن حزب الله، "أهم وكلائها" في المنطقة، للحفاظ على درجة من المصداقية السياسية لدى الحزب اللبناني وغيره من وكلاء إيران في ما يسمى بمحور المقاومة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرد الإيراني جاء بعد أن تعرض حزب الله لهجمات إسرائيلية كبيرة، جعلته "في حالة من الفوضى، وعرضة لغزو إسرائيلي بري لجنوب لبنان".
ففي أعقاب اغتيال نصر الله، أفادت تقارير بأن أنصار حزب الله ألقوا باللوم على إيران لتخلّيها عن الحزب في معركته ضد إسرائيل.
ونقل مركز ستراتفور عن تقرير نشره موقع "أكسيوس" في 30 سبتمبر أن الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية أشارت إلى أن حزب الله طلب من إيران مباشرة الانتقام لمقتل نصر الله، لكن إيران أبدت تحفظا رغم أن المسؤولين الإيرانيين نفوا ذلك.
ويمضي مركز ستراتفور في تقييمه إلى أنه على الرغم من اتساع نطاق القصف الإيراني، يبدو أن الهجوم لم يتسبب في خسائر بشرية إسرائيلية كبيرة، وهو ما من شأنه أن يضعف منطق إسرائيل السياسي لتبرير شن ضربة مضادة موسعة على إيران في المدى القريب، خاصة أن تل أبيب تركز حاليا على الجبهة الشمالية مع حزب الله.
ومع ذلك، يقول الموقع إن الجيش الإسرائيلي سيظل يتطلع إلى إيجاد طرق للرد على إيران وتقليل احتمالات الضربات الإيرانية المستقبلية أو على الأقل التخفيف من حجمها وتأثيرها، وفقا للتقييم.
وفي نهجها الأقل خطورة، قد تختار القوات الإسرائيلية، وفقا لستراتفور، ضرب عدد محدد من الأهداف الإستراتيجية داخل إيران، على غرار الرد الرمزي الذي نفذته إسرائيل ردا على قصف إيران لها في أبريل/نيسان 2024.
وتوقع الموقع أن يكون مثل هذا الهجوم مدفوعًا بدوافع تكتيكية ويهدف إلى تجنب وقوع خسائر بشرية كبيرة داخل إيران، أو إلحاق أضرار جسيمة بقطاع إيراني رئيسي.
ورجح أن تقتصر إسرائيل على جولة واحدة فقط تضرب خلالها أهدافًا مختارة حول القطاعات النووية والطاقة والصواريخ وربما المسيّرات أو القطاعات العسكرية الصناعية الأخرى في إيران، وبكميات محدودة.
ولفت إلى أن من شأن ذلك أن يحدّ من التهديد المباشر لاندلاع حرب إقليمية شاملة، ولكن لن يقضي على ذلك التهديد، مشيرا إلى أنه حتى الهجمات المستهدفة قد تؤدي إلى جولة أخرى من الانتقام الإيراني المباشر.