هناك مثل عدني يقول: «اذا غاب الاسد ترندع الدرين» فعندما تغيب الدولة عن فرض هيبتها وسلطتها على كامل التراب الوطني يقوم الانتهازيون ومن يصطادون في الماء العكر بالعربدة وافتعال القلاقل والفوضى واقلاق السكينة واثارة الرعب والتقطع في الطرقات واتلاف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والسطو والنهب والسلب والفيد وقتل النفس التي حرم الله قتلها وايقاف عجلة الحياة والتنمية في البلاد خاصة في الأماكن التي ليس فيها حضور أمني او تمثيل حكومي واغلب هذه الاماكن اما انها في اطراف البلاد او في الارياف التي يسكنها الناس الذين نشؤوا نشأة قبلية وتحكمهم اعراف وعادات بدائية يتحكم فيها شيخ او عشيرة او أسرة متسلطة.
وبلادنا اليوم بصدد عهد جديد ومرحلة تختلف عما سبقها من نظم الحكم الشمولية المستبدة والقامعة التي افرزت الكثير من القضايا والمشاكل والازمات التي من ضمنها الانفلات الأمني في بعض مناطق البلاد ما شجع بعض الافراد والجماعات ان (تلعب بذيلها وتترندع) كما يقول المثل الآنف ذكره و(تتبرطع) نتيجة هذا الغياب للدولة والحكومة ولسلطتها التي تقف عائقا امام من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد وهدوئه واستقراره وتوقفه عند حده وعندها يعمل لهذه الدولة والحكومة والأمن والجيش ألف حساب.
فما على مؤسسة الرئاسة والحكومة الا بذل المزيد من الجهود لفرض الأمن وسلطة الدولة وسيادتها حتى لا يتشجع المتطرفون والانتهازيون والدخلاء على بلادنا على انتهاك اراضينا ودمائنا وأموالنا واعراضنا وكرامتنا وسيادتنا وحتى نشعر ان لدينا دولة وحكومة حازمة وقوية وفاعلة منحناها صلاحية اتخاذ قرارات جريئة ومناسبة في اوقات مناسبة وظروف صعبة وان لا تظل تتفرج فقط على ما يحدث هنا وهناك او تتدخل على استحياء كأن يكون دورها كالوسيط فقط اويأتي دورها بعد خراب مالطا على اعتبار ان اليوم عند الدولة بسنة تأتي لمعالجة الأزمة او الحدث بعد فوات الأوان او تعالج المرض بعد ان استفحل او تضخم الورم فلا تستطيع استئصاله.
من هنا يدخل الدخلاء الى الملعب فيعيثون في الارض الفساد ويعبثون بمقدرات الوطن والمواطن ويهددون حياة الناس وأمنهم واستقرارهم.. اننا نريد من دولتنا وحكومتنا ان يكون لديها الشجاعة والحكمة لاجتثاث كل من يهدد البلاد وان تقتلع شأفته لان التأسيس لبناء دولة عصرية وحديثة يتطلب تنظيف وتهيئة الساحة من بؤر التوتر والصراع وما يهدد السكينة والسلم الاجتماعي بل ويقضي على كل توجه وطني يسعى الى تنقية الاجواء الملتهبة والقلقة التي تعيق هذا التوجه الهادف الى انتقال البلاد الى مرحلة متطورة ومزدهرة قائمة على العدالة والمواطنة المتساوية والحرية واحترام حقوق الانسان والديمقراطية.
ولا يكفي ان تقوم الدولة والحكومة بالحلول الأمنية فقط من دون دراسة اسباب ظهور هذه الفقاقيع الفوضوية المقلقة التي تظهر عندما يغيب (الصميل) أي القوة الضابطة والحاكمة للجميع بقوة الدستور والقانون بل ينبغي على الدولة والحكومة ابتداع طرق واساليب مبتكرة اخرى لمعالجة هذه الظواهر التي تهدد النسيج الاجتماعي كأن تقوم بتشغيل العاطلين عن العمل واحتواء او احتضان العديد من الشباب واستغلال طاقاتهم المهدورة وادماجهم في عملية البناء والتنمية ومساعدة الأسر الفقيرة او شرائح المجتمع المهمشة التي يخرج منها البلاطجة والمنحرفون بل وكبار المجرمين الارهابيين الذين ينضمون الى جماعات ارهابية متطرفة ترعاهم وتعمل لهم غسيل ادمغة بل وتوجههم لتدمير ما استطاعوا تدميره ولا يهمهم من مات او قتل او جرح من الابرياء الآمنين او يهمهم خراب وتدمير واتلاف هذه المنشأة او هذا المنجز الحيوي الهام للوطن والمواطن.
نريد من حكومتنا أن تقوم بتطبيق الحد الادنى من بنود الدستور والقوانين النافذة حتى نشعر اننا بلد نحترم فيه القوانين التي نصدرها ونطبق مبادئ الدستور الذي استفتى عليه الشعب يوما ما وحتى لا يقال عنا باننا نقول ما لا نفعل فيحل علينا غضب من الرقيب الحسيب.
ان من تحمل المسؤولية عليه ان يكون عند مستوى هذا التكليف الذي انيط به والا فليدعه الى من هو اجدر منه ويستطيع ان يقدم شيئا لهذا الوطن.. لا نريد حكومة تشتكي وتتذمر وتبحث عن مبررات تغطي بها عجزها وفشلها ونريد من ممثلي الشعب ان يقوموا بدورهم الوطني في محاسبة هذه الحكومة على تقصيرها او مراقبتها ومتابعة أماكن ومواضع اهمالها واخفاقاتها والاشادة بمنجزاتها ونجاحاتها.. نريد دولة وحكومة قوية يهابها ويحترمها الجميع ويتمسك بها الكل ويشيد بخطواتها كل أفراد الشعب والمجتمع لان صوتها مسموع وافعالها ملموسة وهيبتها محترمة ومقدرة وتخاف على مصلحة الوطن وتحافظ على حياة كل مواطن وتوفر له الحد الأدنى من مطالبه وتحقق له طموحاته وما يصبو اليه.
مزيدا من الأمن وفرض هيبة الدولة
أخبار متعلقة