ابصم بالعشر أن القليل جدا من الوسائل الإعلامية من تقرأ الأحداث بواقعية، وتتفق مع نهايتها، بحيث تظن أنها وقعت من قبل، ومنها صحيفة الرابع عشر من اكتوبر، التي ادركت منذ بداية الأحداث التي عصفت بامتنا العربية أن ما يحدث هو فوضى صدرها الغرب الينا تحت مسمى الربيع العربي.
ان الفوضى التي تعيش فيها الاقطار كانت الصحيفة قد نبهت ونوهت اليها مرارا، مما يدل على حسن قراءتها للاحداث، فما يجري اليوم في مصر الحبيبة، تناولته الصحيفة حرفيا في يومياتها، وكشفت حينها عما كان مستورا عن البعض، وهو ما اصبح اليوم واضح المعالم.
ان فوضى الشارع الذي لحق بالعرب، سيستمر طاما، فما بني على باطل فهو باطل، فالإخوان في مصر مثلهم مثل بقية تيارات الاسلام السياسي، ركبت موجة احتجاجات الشباب، وتسلقت على اكتافهم، وما ان تمكنت من الحكم حتى ازاحتهم عن المشهد السياسي جملة وتفصيلا.
في هذه المساحة يوم تم اسقاط الرئيس المصري السابق -مبارك- قلت انها فوضى، وانه لن يحكم مصر بعد اليوم احد لفترة طويلة، لان الأسلوب المتبع، هو اغتصاب للسلطة، تحت حماية جموع الشارع -مهما كان تصنيف الحاكم- وقلت حينها ان من يصعد به الشارع لسدة الحكم، سيقوده نفس الشارع الى غياهب السجون.
لست مع الطريقة التي ازيح بها الرئيس -المعزول- مرسي، لانها ذات الطريقة التي ازيح بها مبارك، ولا يمكن للاخوان اليوم التباكي على شأن هم انفسهم شرعوا له وشاركوا في صنعه، ففوضى الشارع فرح بها الاخوان يومها لانها اوصلتهم للحكم، وهاهم اليوم يكفرون من يقومون بها، لأنها اخرجتهم من الحكم... فهم اليوم يشربون من نفس الكاس الذي اسقوه لغيرهم.
عندما نشبت الازمة في يمننا الحبيب، قلت يومها: ان الاحتكام للشارع الفوضوي سيقودنا لنهاية كارثية، وباركت الخطوات التي اقدم عليها الرئيس السابق، الذي سلم السلطة عن طريق الانتخابات، ولو كان استجاب لفوضى الشارع لكنا حينها في المربع الأول... لقد اختار اليمنيون الطريق الصحيح، الذي لو عمل به (الإخوان) في مصر لكانت أوضاعهم اليوم غير.
على الأحزاب ذات التوجه الديني، ان تراجع سياساتها، فالحكم باسم الدين شيء، والحكم على الآخرين بانهم خارجون من الدين شيء آخر... طالما وان هذه الاحزاب قد ارتضت بالديمقراطية -التي كانوا يقولون عنها سابقا انها حرام- وانها مصدرة من الغرب، فما عليهم الا التعاطي الايجابي معها، فلا يمكن ان يحصدوا ايجابياتها -من وجهة نظرهم- التي اوصلتهم للحكم، وينكروا سلبياتها -من وجهة نظرهم- التي قوَت صوت المعارضين.
ما يؤلم في النفس ان نستقبل رمضان المبارك، وفينا من يحرض على قتل اخيه بغية عودة الحكم اليه، معتبرا مكوثه في الشارع جهادا، وموته فيه -بسبب تعديه على المرافق الحكومية- استشهادا، هذا ما سيعمق الفارق، بين الشعوب وبين من يريدون ان يحكموا باسم الدين على هواهم، مع اننا كلنا مسلمون نشهد الا إله الا الله وأن محمداً رسول الله .
شهر مبارك ، وتقبل الله صيام الجميع.
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
فوضى الشارع
أخبار متعلقة