كنت اشاهد احدى القنوات الفضائية تعرض آخر ما توصل اليه الغرب في العلم و التكنولوجيا و ما تلقيته جعلني افتح فيّ ببلاهة و لم املك سوى ان التزم الصمت و انصت بخشوع تام فأنا في حضرة العلم ،، دقائق فصلتني عن واقعي و أسرتني حقاً ،، لا اسئلة مناسبة لوضعها الآن..
رحت أقارن واقعنا و واقعهم المختلفين تماما من حيث ما وصلوا اليه و ما نحن عليه ، جل ما نشترك به هو التقويم الميلادي نفسه هم يقدسونه لما يحمله الزمن من أهمية عند وضع الخطط و تطبيقها ، و نحن نعلقه كزينة على جدران منازلنا او على مكاتبنا و نمارس عليه غطرستنا اليومية في تمزيق اوراقه يوما بعد يوم بعد يوم حتى يستوطن “ الزمن “ سلة القمامة ..
لعقل العربي أيضاً يمكنه التفكير و لكن شريطة الا يتعدى بتفكيره الخطوط الحمراء تلك التي رسمت حول “ الدين و السياسة “ و إلًا سيكون هناك قانون يجرمه او تتقاذفه فتاوى الشيوخ المسيسين .. تكلم احدهم في ذلك البرنامج الذي ذكرته سلفاً قائلاً : (( نحن نفكر في تأهيل احد كواكب الفضاء لنجعل منه وطناً للانسان ، فنحن لم نخلق لنعيش على الارض !!! لان الارض ستنتهي يوماً من الايام و يجب علينا ان نحمي وجودنا و الكائنات الحية ولهذا وضعنا تصوراً الكترونياً لشكل الوطن الجديد )) !!!
إذا ما استسلمنا للصدامات التي تتلاقفنا كل يوم من كل فريق فلن يكون في العقل و لو مساحة بسيطة شاغرة فيه ليؤدي وظيفته الرئيسية “ التفكير “ و لن نجد من الوقت ما يكفي لنتأمل واقعنا و نحدد مشكلاتنا و نفكر بايجابية لإيجاد حل لها و ننتشل انفسنا من هذه الهوة التي تتسع يوما بعد يوم و نـتهاوى جميعنا فيها انا و انت و الجيل القادم .. و كيف يمكننا منع حدوث ذلك و كل اصبح مشغولاً بفريقه .. انت تتبع من ؟ و كأننا قطعان ظلت راعيها و كل قطيع شغله الشاغل ان يبحث له عن راع ، و الطامة ان لم يوافق رأينا الرأي الآخر سنرمي بالتهم ،و كأنه لا يكفينا تجريم القانون لنا و تقاذفات فتاوى الشيوخ المسيسين ، بل ستطالنا الاتهامات و التصنيفات التي يرشق بها المواطنون بعضهم بعضاً .
و بصرف النظر عن تطبيقهم لما سمعته في ذلك البرنامج من عدمه ، نجد ان الغرب قد تجاوزوا بتفكيرهم المعقول ، و نحن لا نزال في دوامة خلافاتنا و اهمال قضايا نعتبرها صغيرة و لم نفكر بجدية بكيفية ايجاد حل لها مهما “ بلغ حجمها “ و بما هو متاح ، أخشى اذا ما استمرينا على هذه السياسة اننا سنواجه بعد حين مشكلة أكبر و هي عدم جاهزيتنا لمواجهة كل القضايا المتراكمة التي اعتبرناها صغيرة سلفاً و التي سيصعب علينا حينئذ حلها بسهولة..
قال محمد (صلى الله عليه و سلم) إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل .. القيامة لم تقم بعد اذاً لازلنا نملك من الوقت ما يكفي لنغرس أكثر ..
فلنغــــــرس أكثـــــــر
أخبار متعلقة