قامت ثورة يناير يوم عيد الشرطة وكان اختيار هذا اليوم يحمل مغزى سياسياً ثورياً ضد ممارسات الشرطة القمعية وسلوكياتها الاستبدادية، حيث كانت الشرطة هي اليد الباطشة التى تحقق مآرب وتنفذ أغراض النظام السابق، بدءا من قهر المعارضين وحتى «تضبيط» الانتخابات على المؤيدين، حيث إنها قد أصبحت في خدمة السلطان وليس في خدمة الشعب،
ولا أدل على ذلك أكثر من أن حبيب العادلى لم يمثل أمام مجلس الشعب مرة واحدة طوال ثلاثة عشر عاماً، لأنه كان وزيراً سوبر ستار.
والشرطة على مدى التاريخ وبكل مسمياتها منذ أن كان يطلق عليها العسس، وحتى الآن فهى أداة قهر بيد السلطان، أى سلطان، ولكن فى أى نظام ديمقراطى يحترم القانون، فالشرطة المحافظة على القانون وعلى تطبيقه ضد كل من يتجاوز القانون أياً كان رسمه أو لونه أو موقعه، وكان من الطبيعى أن يأمل الشعب الذى قام بثورة غير مسبوقة أن يرى الشرطة فى خدمة الشعب والقانون ليس فى خدمة السلطان، لكن ولأن الثورة قد خطط لها بأن تختطف من فصيل سياسى وجماعة حزبية بذاتها، ولما كان لها هذا فقد وجدنا هذا التيار وهو له حسابات سابقة مع النظام السابق كان يتم تصفيتها عن طريق الشرطة، وجدنا هذا الفصيل يقوم بتصفية هذه الحسابات ليس بعد وصوله للسلطة ولكن قبل ذلك، فحتى الآن وبعد ما يسمى بتقرير لجنة تقصي الحقائق الرئاسية، مازالت هناك أسئلة مهمة وخطيرة لم نجد لها إجابة حتى الآن، فمن قام بإحراق هذا الكم من أقسام الشرطة وسياراتها ومركباتها؟.
من الذى قام بفتح السجون وتهريب المساجين، ومنهم التابعون لحماس وحزب الله؟ من الذى قام بالهجوم على مقرات أمن الدولة وإحراقها وفي توقيت واحد مقدر له ساعة الصفر؟ ومَن من مصلحته هذه السلوكيات؟ وأعتقد أن هذه الأسئلة ليست ألغازاً ولكن هناك ما ساعد فى حلها، فعندما يقوم هذا التيار بالإعلان المباشر عن طريق بعض أفراده فى مجلس الشعب المنحل طالباً هذا العضو من تحت قبة البرلمان أن يتم سجن سين من الضباط فى نفس الزنزانة التى كان فيها هذا النائب، لأن هذا الضابط هو الذى قام بالقبض عليه، فما معنى هذا، وبهذه الطريقة الشخصية الانتقامية؟ ولأن الثورة قد توقف مسارها لحين إعلان آخر، فإننا نجد الجماعة الحاكمة تفهم الحكم وتترجم السلطة إلى حالة توريث للسلطة غير مدركة أن هناك فارقا بين الحكم وبين الوراثة، ويتم هذا التوريث تحت مسمى أخونة الدولة، ويتم هذا الخلط بين نظام الحكم وبين الدولة، فالجماعة لها الآن الحكم وليس الدولة، والدولة تعني مؤسساتها العميقة التاريخية التى تدار بطريقة البيروقراطية المصرية التى ساعدت على كيان الدولة المركزية المصرية طوال التاريخ، وما تعمل الجماعة من أجله الآن هو تسخير الدولة من رئيس الجمهورية، وحتى أصغر موظف مع كل المؤسسات لمصالحها، لذا فقد رأينا إقالة اللواء أحمد جمال الدين لأنه لم يخضع لأوامر الجماعة ولا لحزبها الذى يأخذ دور الحزب الوطنى المنحل الآن، فيكف لا يحمي مقار الإخوان؟ وكيف لا يفض مظاهرات الاتحادية؟.
وكيف تكون تحريات الشرطة مناقضة لتصريحات مرسي التى أعلن فيها اعتراف المتهمين بحمل السلاح وقبض الأموال، فيتم الإفراج عنهم بتحريات الشرطة الخائنة وبأوراق الوزير الخائن للجماعة، وهذا بالطبع هو محاولة لأخونة الشرطة حتى تكون أداة القمع وكأنه لا ثورة ولا يحزنون، فإذا كانت الجماعة تريد السيطرة على الشرطة مثل نظام مبارك فأين الثورة، الجيش والشرطة والقضاء خط أحمر، وحاجز الخوف قد كسر، والثورة وإن توقفت لكنها لا ولن تموت، ولا عودة للوراء، ولابد من التوقف أمام شعار ما يسمى بائتلاف ضباط الشرطة «وزارة الداخلية وزارة سيادية وليست عزبة أو تكية» ووصول 26 طالبا بالصف الثانى بكلية الشرطة فيهم نجل العريان، ومائة طالب فى الصف الأول لا يعنى أخونة الشرطة، فمصر لن تكون ملك أحد فهي ملك لكل المصريين، فالأخونة هى إفشال لن يسمح به أحد.
أخونة الدولة أم إفشالها؟
أخبار متعلقة