لفت انتباهي عبارة من مقال للكاتب أحمد حسين بنما في العدد (15390) من صحيفة 14أكتوبر بتاريخ 15 / 2 / 2012م تحت عنوان “فليسعنا التصالح والتسامح” قال الكاتب: “استبشرنا خيراً بالتصالح والتسامح الجنوبي في جمعية ردفان عام 2006م، ولكن ما لاحظته أن التصالح والتسامح لم يسعنا ولم نجد من يدافع عنا أو يشاركنا الحفاظ على وطنيتنا الجنوبية التي سلبها منا النظام رغم أننا شاركنا في أول مظاهرة جنوبية في المهجر ورفعنا علم الجنوب مع الإخوة في قيادة التجمع (تاج) في عام 2005م .. إلى أن يقول الكاتب: التصالح والتسامح الجنوبي وسع من قتلوا أبطال الجنوب ووسع من حاولوا تفجير مصفاة عدن وإحراق عدن في الثمانينات ولم يسع عبدالفتاح إسماعيل وأسرته (لأن أصوله وجذوره من شمال الوطن) التصالح الجنوبي وسع الذين دكوا بدباباتهم حصون عدن وفتحوها للقادمين من الشمال، ولم يسع الشهيد جار الله عمر الذي شكك بجدوى الوحدة قبل عشر سنوات .. “لأن جذوره وأصوله من الشمال” التصالح الجنوبي لن يكتمل ما لم يسع كل أبناء الجنوب بمختلف مشاربهم وأفكارهم وأصولهم .. ثم يختم الكاتب عبارته تلك في إخوانه الباحثين عن وطن .. « إن لم تتسع صدورنا لبعضنا فلن تقوم لنا قائمة ما دمنا نفكر ببناء وطن على أساس عنصري ( يمني وجنوبي ) لا يقبله الزمن أو المنطق .. والأهداف النبيلة لابد أن تكون نبيلة بكل معنى الكلمة .. انتهى كلام الكاتب الجنوبي من أصول شمالية، يفهم من كلام الكاتب أنه يلمح إلى أن التصالح والتسامح الذي تم بين الجنوبيين هو تصالح وتسامح خداج أي منقوص لأنه استثنى شريحة كبيرة من المجتمع الجنوبي أصولها من شمال الوطن.
وفي العدد (15374) من صحيفة 14أكتوبر بتاريخ 28 / 1 / 2012م مقالة قصيرة في عباراتها عميقة في محتواها ومضامينها للكاتب المعروف فريد الصحبي أنهاها كاتبها بعبارة « لا جدوى ولا معنى للتصالح والتسامح اليوم .. المسألة مش هرج ومرج .. ثم (تعود حليمة لعاداتها القديمة) مطلوب أفعال لا أقوال لا بد أولاً من استئصال نوازع الشر والطمع والأنانية الدفينة في النفوس .. ومن ثم العودة إلى الله .. العودة إلى الحق » .. انتهى كلامه حول هذه الجزئية الواضحة وضوح الشمس التي يركز فيها الكاتب على تنقية وتصفية النفوس أولاً قبل التصالح والتسامح من الأحقاد والضغائن .. هذان كاتبان من جنوب الوطن على سبيل المثال لا الحصر .. شاهدان من أهلها على التشكيك في هذا التصالح والتسامح الجنوبي المنقوص الذي يشبه اللعبة السياسية الجهوية والمناطقية أو الفئوية التي لم تتجاوز منطقتها الضيقة ولم تتسع لكي تشمل التصالح والتسامح بين الإخوة في جنوب الوطن وشماله.. ونقول ما دامت النفوس قد تصالحت وتسامحت في جنوب الوطن فلماذا تحمل في داخلها حقداً دفيناً لإخوانها في الشمال فالذي عرف الألفة والمحبة والتسامح والتصالح لا يحيد عنه إلى الحقد والكراهية والبغضاء لأنه سيحمل النقيضين (الذي يحب ما يعرفش يكره) كما يقول المثل الشعبي المصري .. وبلادنا هذه الأيام تمر بمرحلة توافقية وتصالحية فينبغي أن نتناغم معها ونستثمر الفرصة الذهبية السانحة التي جاءت إلينا في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي تنص على اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً .. وإلا فإن الجميع سيتساءلون كيف يمكن للإنسان أن يحب ويكره في الوقت نفسه؟ إنه نوع من المفارقة العجيبة والتناقض الغريب في هذا الزمن التوافقي.؟!!
لماذا لا يتسع التصالح والتسامح ليشمل الوطن بكامله..؟!
أخبار متعلقة