نعم إنه 26 سبتمبر 1962م يوم طوى نكسة تاريخية مزمنة تلعثم النظام الفردي الكهنوتي في الرد على كرنفالاته ومبادئه وعجزت الأيام أن تحظى بمناخه وطقسه وأن تجد لها مكاناً في القلوب إلى جانبه .وبهذه الإمتيازات يظل 26 سبتمبر في مقدمة الأيام الوطنية ويتقدم التواريخ اليمنية , وعندما تحتشد الأقلام والعقول في خوض غمار الحديث عن اليمن فلا يذكر اليمن إلا ويحضر هذا التاريخ بقداسته بما يكتسبه من مناقب التاريخ والحضارة اليمنية وماله من أثر على كيان الوطن حاليا فهو المنعطف الخطير الذي غير وجه الجغرافيا وانطلق إلى بناء الإنسان وأعاد النور بعد ظلام طويل .
المدارس المنتشرة في ربوع الوطن جاءت مع شمس هذا اليوم والطرقات التي انطلقت من السهول واحتضنت الجبال وربطت التراب بالبحار أوجدتها إرادة هذا التاريخ وسياسته، وما وصلت إليه البلاد من تقدم على كافة المستويات صنعها هذا اليوم وبها اكتسب قداسته وخصوصياته ليكون يوماً يستحق أن يكون المرجعية التاريخية للجميع وأن تستقي منه كل الحركات الدينية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني مصداقية الولاء للوطن .
ونحن بحاجة إلى أن نقف مع التاريخ ونتأمل في ماقبل هذا التاريخ ومابعده ونقرأ بإنصاف فما نلاحظه على أرض الواقع بداية من البنى التحتية إلى ما حققه الإنسان من مكاسب في شتى نواحي الحياة يعبر عن إيجابية طلوع فجر هذا اليوم في حياة الشعب اليمني وما صنع من تحولات أثمرت ما نعيشه من حرية وأسس ملامح النشاط والحراك السياسي الحاضر وهيأ البيئة العلمية والتربوية التي تفتخر بمخرجاتها المتسلحة بالعلم والمعرفة بصورة واقعية تعكس إرادة هذا التاريخ وقدرته في تحقيق اهدافه .
إن الإخفاقات التي شهدتها مسيرة التنمية والعراقيل التي واجهها هذا اليوم صنعها أعداء سبتمبر ورعاة الفساد الذين تغلغلوا في مفاصل النظام الجمهوري بصورة سرطانية واقحموا هذا المنجز الثوري في حروب وأزمات الموروث الثقافي وسياسة التسلط التي اكتسبوها من النظام الامامي والعرف القبلي (ثقافة الشيخ) فبادروا الى نهب إمكانياته ومقوماته الاقتصادية التي تمكنه من تحقيق انجازات شاملة بما يعكس أهدافه على الواقع لكونها تتناقض مع مصالحهم الأنانية الضيقة النابعة من عدم قدرتهم على السير في خط دولة مدنية بما يحقق المواطنة المتساوية تضعهم في مستواهم الطبيعي وتبعدهم عن مواقع المسؤولية التي تمكنهم من التسلط حيث أنه جاءت سياسة إبعادهم بدواع منطقية لافتقادهم إلى المؤهلات العلمية وابسط مبادئ الإدارة والقيادة فما كان منهم إلا تسخير جهودهم لاستغلال الثغرات السلبية وتوسيعها وعرقلة سير التنمية معتمدين على ظروف داخلية قبلية وطائفية وأخرى خارجية بمد أيديهم للعمالة وبيع انفسهم وضمائرهم لتنفيذ مصالح أجنبية للوصول إلى تحقيق مطامعهم الشخصية على حساب المصلحة الوطنية .
وبالرغم من ذلك فقد استطاع هذا اليوم التاريخي ان يقف على قدميه وأن يقول للشعب هأنذا في الصورة في مواجهة الصعوبات في صنع المعجزات و التحولات لا اقبل التراجع وأنا المتجدد كل زمان وكل مكان في هذا الوطن وعندما نحب الوطن ننصت إلى هذا اليوم ونرى أنه حاضر في الساحات الثورية وفي الجامعات والمستشفيات وأنه واقف بين صفوف الطلاب في المدارس وأن 26 سبتمبر غائب في مجالس الطائفية وفي مجالس العصابات القبلية وأنه لا يدنس مبادئه في صنع قرارت حروب تجر اليمن إلى الاقتتال والتناحر بما يعرقل سير التقدم وصنع المنجزات.
ويجب علينا أن ندرك أننا أمام مهام صعبة بحكم ما يشهده العالم من تغيرات لبذل الجهود بما يضمن حضورنا مع العالم ومشاركة الشعوب في مكاسبها العلمية والسياسية والاقتصادية فالوطن هويتنا الأولى والصورة التي تعكس ثقافتنا. وقد سبق إلى رسم ملامحها على هذا التراب ذلك اليوم وإكمال هذه المسيرة التنموية مسؤولية تقع على كاهل الجميع .ويحق لنا أن نحتفل بـ26 سبتمبر التاريخي فكلنا جئنا من 26 سبتمبر .
قداسة (26) سبتمبر من إنجازاته
أخبار متعلقة