دلال محمد عبد القوي الحياة مدرسة نتعلم فيها من كل شيء حتى الظلام الذي يراه الناس أنه نقطة النهاية وعنده يضعون رحالهم فيتوقف الشعاع المنبعث منه في نظرهم فلا يرون إلا الظلام فقط رغم أنه قد لا يكون عندهم إلا لفترة قصيرة وينتهي، فيستغربون كيف أن الكفيف يظل في الظلام سواء أكان في الليل أو في النهار لكنهم لا يدركون كم علمني فهو بالنسبة لي نور جعلني أدرك أشياء ربما لا تعرفونها انتم. علمني الظلام: أني اكتشفت ذاتي وعرفت في نفسي قدرات ما كنت لأعرفها إذا كنت أرى، علمني الظلام أن أمشي في الطريق لوحدي دون أن أراه وأن أرتب حاجاتي في مكانها وآخذ أشيائي من دون أن أراها. علمني الظلام أن أقرأ وأكتب من دون أن أرى الأحرف، الظلام لم يوقفني عن المذاكرة والاجتهاد والنجاح بل كان الدافع لذلك، وحين أتسلم شهادتي يصفق لي الناس رغم أني لا أراهم فمن يصفق لك وأنت لا تراه فهذا دليل على الصدق الذي تطلقه تلك الصفقات وتسمعك اعترافها بك ممن تعرف ولا تعرف. علمني الظلام أن الناس لهم صورة واحدة وشكل واحد ولون واحد فأنا لا اعرف الإنسان إلا أنه إنسان مثلي مثلك مثل غيرنا لا فرق بينهم عندي ولا اختلاف إلا بأخلاقهم.علمني الظلام أن اعرف من الناس من يتحدث عني بالخير أو السوء ويهمس بالحديث من حولي وهو يظن بأني لا اسمعه. علمني الظلام كيف أميز الناس فاعرفهم دون الحاجة إلى النظر إليهم... علمني الظلام أن أرى نفسي في المرآة وأيضاً لا أرى نفسي في عيون الناس، علمني الظلام أن لا أقلد أفعال الناس فكنت أنا هو أنا. علمني الظلام أن ابتسم في وجه غيري دون أن أراه مثلماً يبتسم لي دون أن أراه، علمني الظلام أن أكون دائماً مستعداً فلا نعلم ما الذي سيهجم علينا في الظلام، علمني الظلام أن يزداد صبري فأصر على الظلام، علمني الظلام أن لا أخاف من الظلام. فلا تستغرب بعد اليوم ولا تسأل نفسك كيف أننا نعيش في الظلام لأن الله عز وجل لم يخلق شيئاً إلا وهو يعلم كيف يسيره ويدبر أمره.
علمني الظلام
أخبار متعلقة