الفنان محمد سعد عبد الله..
جميل محسنالفنان اليمني الراحل محمد سعد عبدالله يعد واحداً من اكبر أعلام الغناء اليمني، فهو واحد من الفنانين القلائل، جمع بين التأليف الشعري والموسيقى والأداء الغنائي، بالإضافة إلى أنة واحد من اثنين أجاداغناء الأغنية اليمنية بمختلف لهجاتها وألوانها الغنائية، وللأستاذ الراحل محمد سعد ديوان من الشعر الغنائي عنونه بأشهر أغانيه لهيب الشوق، والعشرات من الألحان والكلمات التي تغني بها الفنانون اليمنيون والخليجيون والعرب وفي مقدمتهم هيام يونس التي غنت له (الدلع) و (أنت ساكن وسط قلبي).وكان الراحل الكبير محمد سعد احد ابرز رواد الأغنية الحديثة وخلال اكثر من نصف قرن قدم أعمالا خالدة هي اليوم حية تخلد صاحبها الراحل الذي لقب بـ (أستاذ الموسيقى الحديثة في اليمن الجزيرة والخليج) من قبل الفنانين الكبيرين ابوبكر سالم بلفقيه ومحمد عبده، والشيء الذي اتفق عليه الجميع هو أن أبا مشتاق من القلة الذين حافظوا على أصالة الفن العربي اليمني والتمسك بتراثه . كما عرف عند الجميع بالمطرب العاشق الذي قدم مئات الأغاني الحزينة والعاطفية وجمع بين كتابة الأغنية والتلحين والأداء بمشاعر حساسة وصادقة، وهو أيضا الفنان الذي غنى من الحانه أو كلماته معظم الفنانين اليمنيين بمن فيهم محمد مرشد ناجي واحمد بن احمد قاسم، أما الفنانون العرب فقد نهل معظمهم من إبداعاته وفنه ومنهم الراحل طلال مداح والفنانتان اللبنانيتان هيام يونس وليلى شقيق وعدد كبير من الفنانين الخليجيين والعرب.[c1]ميلاده الفني[/c]بدأ حياته في أسرة فقيرة غلب عليها طابع الفن والموسيقى فوالده كان فناناً وعازفاً للعود، وعمه مطرباً وأمه ذات صوت جميل وبسبب هذا المناخ تمرد على الدراسة ولجأ إلى الفنان أحمد عوض الجراش الذي مكث عنده سنوات تعلم خلالها أسس الغناء وأساليب العزف خاصة وان الجراش يعد من أشهر الفنانين في الخليج والجزيرة العربية، وتعد أغنية (ما أحلى السمر جنبك) التي لحنها وعمره 16 سنة أول أعماله التي نالت الكثير من استحسان الجمهور اليمني خاصة وان كاتبها هو الدكتور الراحل محمد عبده غانم، وكانت هذه الأغنية بداية استقلاله عن الغناء المكرر من المصري والهندي والمعرب والصنعاني واليافعي، وغيرها من الألوان الغنائية الخليجية التي يجيدها الفنان الراحل أكثر من غيره، تماماً مثل إجادته لكافة ألوان الغناء اليمني، ومع إفتتاح إذاعة عدن عام 1954م والتي تعد من أقدم الإذاعات في الوطن العربي، بدأ عدد من الفنانين اليمنيين تسجيل إعمالهم الغنائية وكان الفنان محمد سعد عبد الله احدهم، وفي غرفة صغير مربعة لا تتجاوز المترين كانت أغانيه، تبث لأكبر شريحة من الناس ومنها قدم (مابا بديل) (ياناس ردوا حبيبي) (هاجري أحبه) وغيرها من الأغاني التي انطلق بها مع بداية افتتاح الإذاعة، وربما هذه الأغاني وغيرها التي أتت فيما بعد هي التي شكلت مدرسة خاصة به أطلق عليها أكثر من فنان عربي لقب مدرسة الموسيقى الحديثة، وقدم ألحانا في الستينيات والسبعينيات سبقت مرحلتها تعد اليوم من أجمل الألحان والأغاني ويرددها كثير من الفنانين الخليجيين بل أن الشباب منهم أكثر تأثراً به ، ويذكرنا محمد سعد عبد الله بظاهرة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ الذي احتل المرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي في أعماله الغنائية والتي مازالت إلى اليوم.وهكذا الأمر بالنسبة للفنان محمد سعد عبد الله على مستوى الخليج والجزيرة العربية.[c1]التجربة الشعرية[/c]في عام 1958م خاض أول تجربة له في كتابه الأغنية، وبدأ تجربته بأغنيات كلمة ولو جبر خاطر، وأعز الناس، وأنا ما أطقش الهجرات، وعادوني.، كما كتب بعدها مجموعة من الأغاني التي حققت نجاحاً كبيراً، غير أن محمد سعد عبد الله لم يدون اسمه في هذه الأغاني بل تركها بأسماء مستعارة وكان لذلك تبريره الذي أقنع به الجميع بمن فيهم الفنان محمد مرشد ناجي الذي كتب مقدمة ديوانه (لهيب الشوق)، والحقيقة أن الأغاني التي كتبها محمد سعد في هذا الديوان كانت من أشهر وأنجح الأغاني وهي تردد إلى اليوم عبر وسائل الإعلام وكأنها لحنت وغنت اليوم وليس في الخمسينيات.قدم محمد سعد عبد الله كافة الألوان الغنائية اليمنية بما في ذلك الأوبريت والمنولوج وتمكن من أداء اللون الصنعاني وتبسيطه وتقريبه للجمهور الذي بدا منسجماً مع الفنان محمد سعد وهو يقدم اللون الصنعاني بمقدمة على آلة العود تسمى (الرتوش) وصعوبة أداء اللون الصنعاني تكمن في اللهجة أولاً والعزف ثانياً والإيقاع ثالثاً، والغناء الصنعاني عبارة عن قصائد وفيها تواشيح، كما أن معظمها طويلة جداً بحيث يظل الفنان يقدمها لأكثر من ساعة، وهناك نصوص غنائية تجاوز عمرها الـ500 سنة والبعض يفاجأ بأن مثل هذا الغناء الأصيل هو بالفطرة وليس بالدراسة الموسيقية.[c1]رحلة بيروت[/c]من زياراته إلى خارج اليمن رحلته إلى بيروت وإقامته فيها أكثر من سنتين وهناك قام بتسجيل أغنيات (جدد أيام الصفا، يا طير ياذا المعلى، كلمة ولو جبر خاطر، ياناس ردوا حبيبي.. وغيرها) وقام بإرسالها إلى تلفزيون عدن الذي افتتح عام 1964م وبدأ بث هذه الأغاني بشكل متواصل وهذه التجربة التي خاضها محمد سعد، خاضها الفنان ابوبكر سالم وبالفترة نفسها، حيث التقيا معاً في بيروت، كما اشتركا في تقديم ألوان غنائية يمنية بأصوات عدد من الفنانات اللبنانيات فقدم أبوبكر سالم للفنانة نجاح سلام (من نظرتك يازين) وعدداً من الأغاني لرويدا وليلى شفيق، بينما غنت من ألحان وكلمات محمد سعد عبد الله الفنانة هيام يونس (الدلع، أنت ساكن) وغنت الفنانة ليلى شفيق (خاف الله) وفي الفترة نفسها قدم له الفنان الراحل طلال مداح ( لا بكى ينفع) فضلاً عن الدكتور عبد الرب إدريس وأيوب طارش في أغنية (قال بن سعد) وعبادي الجوهر ومحمد عمر وعلي عبد الكريم في أغنية (غيروك الناس عني) والفنان محمد عبده الذي اشترى حقوق أكثر من عشرين أغنية من الفنان محمد سعد عبد الله، بالإضافة إلى الفنانين اليمنيين الذين غنوا من كلماته أو من ألحانه ومنهم أحمد قاسم (كل ما تخطر على بالي) ومحمد صالح عزاني (التقينا فين) ومحمد مرشد ناجي (قائد الجيش البريطاني) وكذلك فتحية الصغيرة وطه فارع وأحمد علي قاسم وفؤاد الشريف والمحسني، وغيرهم حيث شكل بن سعد بذلك أول ظاهرة فنية في اليمن حيث أسهم في تقديم إشعاره وألحانه لمعظم الفنانين اليمنيين.