إما أن نكون أو لا نكون، إما نصنع مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وبناتنا وإما أن نظل نراوح مكاننا ولا نتقدم قيد أنملة ونظل نرزح في تخلف وفوضى واستجداء الآخرين لكي يجودوا علينا ببعض فتاتهم، إما أن نصنع دولة مدنية حديثة في جنوب الجزيرة العربية أو نظل في صراع دائم وقلاقل وحروب وثارات لا تنتهي كما كان يحدث في زمن الجاهلية الأولى، إما أن نلحق بركب التطور الحاصل في العالم ونصنع التغيير المنشود لبلادنا وإما أن نقبع في أحلامنا الوردية بالبقاء في ماضينا الأليم والمتخلف وحياة البؤس والنكد والشقاء والحرمان واليأس والفقر والمرض والجهل والعقليات المحنطة الخشبية ذات النعرات القبلية والطائفية والمناطقية والجهوية والأنانية الضيقة والمفرطة فأين غابت عقولنا؟ وأين احتجبت حكمتنا؟ وأين هي المشاعر الوطنية الصادقة تجاه هذا الوطن الكبير الذي يسمونه اليمن؟ وأين هو الحماس وروح التعاون والتآلف الجماعي من اجل عمل الخير لكل الناس بدلاً من أعمال الشر والعدوان والقطيعة والحقد والكراهية لكل شيء داخل هذا الوطن وتدمير أي شيء جميل فيه أو تم إنجازه ويخدم كافة الناس؟. لماذا حل القبح والبشاعة والإرهاب في نفوسنا وعقولنا بدلاً من إشاعة الحب والألفة والجمال والأمن والاستقرار؟. أين ذهب عقلاء اليمن وحكماؤهم؟ وأين ضاعت الحضارة والأمجاد التي صنعها رجال أفذاذ أنجبتهم اليمن عبر التاريخ الطويل والعريق؟ وأين من ذاع صيتهم وملأت سمعتهم وشهرتهم الآفاق؟. هل مات اليمانيون أم ذهبوا يغطون في نوم عميق أم ماذا حدث لهم أم غابوا عن الوعي أم فقدوا حاسة التمييز والتفريق بين الأشياء المتناقضة والمتضاربة؟ لماذا لم نعد نميز بين تناقضاتنا ونفرق بين الخير والشر والحق والباطل والحقيقي والمزيف والحلال والحرام وبين الماضي والحاضر والمستقبل؟ لماذا لا نفرق بين الموت والحياة والتقدم والتخلف والأمن والسلاح أم زاغت عنا الأبصار؟ وهل فقدنا بوصلة تحديد المسار وأصبحنا ساكنين بلاحراك وحائرين لا نعمل ولا نصنع تنمية ولا تطويراً وهناك دول وشعوب ومجتمعات ليس لها تاريخ عريق مثلنا نهضت من بعدنا وتقدمت وتطورت وعملت لأوطانها ومجتمعاتها الشيء الكثير ونحن ظللنا ندمر ونحطم ونهلك ونفسد ما بنيناه وصنعناه بأيدينا وظللنا نكايد ونفاحس ونناكف بعضنا البعض وكأننا أعداء داخل وطن واحد. لماذا تحولنا كالقوم الذين يخربون بيوتهم بأيديهم؟ متى سنصبح أمة ناهضة تفكر بالمستقبل أكثر ما تفكر بالعودة بالوطن إلى الوراء وإلى الخلف؟ لماذا نحن هكذا وما الذي حدث لنا وماهي الأسباب التي تعيق طريق تقدمنا ورقينا.أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة فإذا عرف السبب بطل العجب. هل هناك خلل في تفكيرنا أم في طرق التفكير أم في المنهج أم هو مرض في النفوس وتقديم الأهواء والميول والأمزجة والنزوات والحماس العاطفي على العلم والمعرفة والخبرة والإتقان والعقل والمنطق أم أن الجميع يفتقر إلى الإحساس بالوطنية وبالعمل الجماعي الخيري وبالخوف على المال العام والمصلحة الوطنية العليا؟، لابد أن هذه الأسباب جميعها ربما تكون وراء ما نحن عليه اليوم من تنازع وصراع ونفي للآخر وعدم الاعتراف به لقد ضاقت صدورنا وعقولنا وأفئدتنا بتقبل بعضنا للبعض الآخر ونحن في وطن واحد وسفينة واحدة وربان واحد، لماذا هذا التشرذم والبحث عن انقسام وتشظ وابتعاد عن بعضنا بعضاً؟ ولماذا التقوقع بعيداً عن المجموع؟ .إننا على يقين بأن حالنا هذا (سينصلح) وستنقشع الغمة وتزول الأزمة بإذن الله تعالى لأن الشدة يأتي بعدها فرج واليسر يأتي بعد العسر ودوام الحال من المحال فبلادنا عبر التاريخ قد تعرضت لكثير من المحن والأزمات ومع ذلك نراها وقد صحت من غفوتها وغفلتها وسباتها العميق بفضل جهود أبنائها الشرفاء والمخلصين لهذه الأرض والإنسان وهم كثر وليس كل أفراد المجتمع اليمني في نوم عميق أو في غيبوبة بل هناك من لديه مشروع مستقبلي طموح يخدم الوطن ويعمل على تغيير الواقع المؤلم والتعيس ومن هؤلاء الشرفاء والمخلصين رئيس الجمهورية عبدربه منصور حفظه الله. لقد كتبنا حول هذه الإشكالية التي يمر بها وطننا الحبيب وعن الوجدان والمزاج الشعبي والمشهد اليمني الراهن مقالات كثيرة وعديدة نبحث فيها عن الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة التي لاتسر حبيب ومع ذلك لم نفقد الأمل في أن نرى بصيص ضوء في نهاية النفق ويكفينا أن نكون بتلك المقالات الكثيرة قد رميناً حجراً في بئر راكدة وآسن وحركنا مياهها وصنعنا دوائر صغيرة داخل تلك البئر الراكدة الفاسد ماؤها والماء كما يعلم الجميع هو سبب الحياة لأن الله سبحانه وتعالى قال عنه في محكم التنزيل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) ومن الصحيح القول بأن العبر والمواعظ والحكم كثيرة وغزيرة لكن الاعتبار قليل ومن يسمعون القول ويتبعونه أو يطبقونه هم قلة ولايتجاوزون أصابع اليد ولكن الخير فيهم فهم من سيقود المجموع وينتشلونه من الغرق في الطين والوحل وينقذونه من مستنقع الصراعات في دوائر مغلقة لاتنتهي ولاتفضي إلا إلى دمار وهلاك وتلاش وضياع فربما في هذا الإنقاذ لذلك المجموع أو المجتمع إنقاذ لكينونته ووجوده ككيان حضاري كانت له إسهاماته وبصماته التي لاينساها التاريخ الإنساني المجيد.. إنها قضية وجود وكينونة، فإما أن نكون أمة عربية وإسلامية وإنسانية لوجودها معنى ومساهمة في التقدم الإنساني الحضاري أو نعيش في الحضيض وننتهج أسلوب لغة الغاب القوي يفترس الضعيف ويهجم هذا على هذا والبقاء للأصلح والأقوى ومن قال حقي غلب شعار القبيلة والبداوة وعصور ماقبل التاريخ والزمن الجاهلي الذي فيه تنتهك حقوق الإنسان وحريته وآدميته وكرامته وعرضه وشرفه ولا يعترف للضعيف فيه بالحياة الحرة والكريمة وأحياناً يباع ويشترى كالأنعام أو كالسلع وبقية المتاع.. إن المرحلة الحرجة والصعبة التي تمر بها بلادنا تحتم علينا أن نحفز الهمم ونستجمعها ونتجاوز الامتحان الصعب هذا ونحقق شعار إما أن نكون أولا نكون ونقلع عن عاداتنا السلبية القديمة وأن نتمسك بمبدأ التغيير في أنفسنا وفي أوطاننا تحقيقاً لقول ربنا في قرآنه الحكيم: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.
|
آراء
نكون أو لا نكون مع دولة النظام والقانون
أخبار متعلقة