تستوقفني مثل عامة الشعب حالة غريبة جدا، فكلما أقرت الحكومة قرار معينا (بغض النظر عن صوابه أو خطئه) ينبري علينا من يجيش الناس للخروج في مظاهرات للاعتراض على قرار الحكومة، والاعتراض في حد ذاته ظاهرة صحية، ولكن ان تعود تلك النغمة الممقوتة: الشعب يريد اسقاط النظام، الشعب يريد اسقاط الحكومة، الشعب يريد كذا.....الخ، وهي شعارات اثبتت الايام انها سبب نكسات الامة العربية حاليا.في حقيقة الامر الشعب لا يريد الا الاستقرار فقط، أما تلك الشعارات المرفوعة، فهي لا تخدم الا من تضرروا بصورة كبيرة من اي اجراء تتخذه الحكومة.. ومصلحتهم فقط من تدفعهم الى دفع الناس للشوارع تنفيذا لمآربهم الشخصية فقط.لا يختلف أحد على ان اجراءات الاصلاحات السعرية، كانت قاتلة للمواطن المسكين، ولكن هل نستمر في الخطأ.. ان الرفع خطأ في حد ذاته ولكنه جاء ليعالج خطأ أكبر منه، فما يتحصل عليه المتنفذون والمهربون من الدعم طامة كبرى، مع ان هذا لا يعفي الحكومة من دورها الذي افتقدته، فلا هي استطاعت ان تفرض هيبتها وتضبط هؤلاء القلة المتلاعبين بأقوات الناس، ولا هي استطاعت ان تتجاوب مع الاعباء المفروضة عليها، خاصة فيما يتعلق بالمرتبات، فقد وصل الحال الى عجزها عن دفعها ما لم تقدم على الاصلاحات السعرية.استغرب في حقيقة الامر من الذين يجيشون المواطنين نحو الحكومة، ويغضون الطرف عن المتاجرين بأقوات الناس، فأين هم من المتاجرين بالبترول والديزل وهم يرونهم يبيعونها جهارا نهارا، وأين هم من الذين تجاوزوا تسعيرات الحكومة في المواصلات والرغيف، ولم يحركوا ساكنا تجاههم.كان الاحرى بالذين يطالبون الحكومة بإعادة اسعار اللمشتقات النفطية لسابق عهدها، أن يساندوها في تثبيت الاسعار المعلن عنها، فالتعاون بين الشعب والحكومة ينبغي ان يكون في تضييع الفرصة على من يريدون التربح من رفع الدعم.. ومطالبة الحكومة بفرض هيبتها من خلال المراقبة المستمرة وفرض الاسعار التي اعلنتها.ان ارادت الحكومة تفويت الفرصة على الراغبين في ان تدخل البلاد فوضى شبيهة بعام 2011م فما عليها الا تكون حازمة في تثيبت الاسعار، فكما استطاعت ان تفرض على الشعب قرار رفع الدعم، كيف لا تستطيع اجبار التجار والسائقين على التعامل بالأسعار التي اعلنتها.. فلا يمكن ان تتراخى في تثبيت الاسعار، وتطلب من المواطنين الرضوخ الى رفع الدعم.ان قرار رفع الدعم تم بموافقة الشركاء السياسيين، ولكنهم يخدعون الشعب من خلال التظاهر برفض رفع الدعم في الشارع ويوافقون عليه في الغرف المغلقة، هذا تناقض غريب لا ينم الا عن حب الاصطياد في الماء العكر.. على الشعب ان يعرف ان الاحزاب لا تخدم الا نفسها فقط.الكرة الان في ملعب الحكومة فهي من فرضت رفع الدعم، وهي من بيدها تثبيت الاسعار والسيطرة عليها، وبدون ذلك سيكون زجاجها امام مرمى حجر المتربصين بأمن الوطن، وهي بذلك تفسح المجال أمامهم لخداع الشعب من جديد.> نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء .
|
آراء
المظاهرات من يديرها ويدبر لها؟!
أخبار متعلقة