* شوقي عوض :عائشة المحرابي شاعرة تكتب أحرف قصائدها النثرية في أنثوية متناهية وعذوبة رقراقة تندفع من خلالها الكلمات من بين اناملها بكل سهولة ويسر لتشكل حياة وروحاً متجاورة مع البحر وفضاءات الكون الطبيعية - حيث نلحظ في قصائدها النثرية ومضمونها الجموح العاطفي المتقد ولهفة الشوق المتقدة المشحونة في الانزياحات اللغوية وذلك الحلم الشعري المتصاعد في الاشتهاءات لهمسات ذلك الصدى في ( وتنفس الأقحوان ) حيث نقرأ مثل هذه الكلمات : البسني كفنا من حروفي وسدني بين الالف والهاء واكتب على شاهد قبري كانت .. عائشة ففي هذا السياق اللغوي المتصاعد من الانزياحات اللغوية المتناغمة يكون لهذه التأملات الكونية في الطبيعة والبحر صدىً ايقاعي مفعم في الأحاسيس الدالة في الوجود وبالمعنى والزمن والتي تدعو إلى القيم الكونية العليا التي يدعو الفن الى الارتقاء بها. اتخذت الشاعرة عائشة المحرابي من هذه التراكيب اللغوية الفنية والجمالية ولديوانها النثري ( وتنفس الأقحوان) احرفاً متآخية مع البحر والطبيعية لتصور لنا بذلك الاثر الجمالي والفني ما يتركه لنا البحر والطبيعة من الاثار الحسية في حضورنا الذهني والفكري ىوفي حياتنا الوجدانية عند نظرتنا لهذا الكون وفي لحظة تأملنا للبحر واندفاعنا نحوه الا انه وعلى الرغم من تدفق أمواجه المتصاعدة وتغير ايقاع موسيقاه تبقى الشاعرة عائشة المحرابي هي تلك القصيدة المسالمة الهادئة والحالمة في انعكاسات مشاعرها في البوح الشعري وفي ( وتنفس الأقحوان) ولذلك تقول : في مقاطع من قصيدة اتعثر في غيابك ... اقع من شاهق الاشواق حيناً وفخاخ الحنين إليك احياناً قائلة في ( ميناء احلامي ) :ها انا ارسو في مينائك واغرس ورد عمري على اطراف اناملك فقد اتعبني السفر واضناني الترحال مدن مهجورة لا حب يسكنها لا زارها نبض ولا وطئ أرضها احساس بشر وذكريات عالقة على ساريات السفن مزقها الحنين احرقها الندم وفي مقاطغ أخرى تقول : الريح تحملني بلا اتجاه بين مرافئ الاشواق اريد أن ارسو في ميناء قلبك والقي كل اوجاعي على رملك الهو كطفلة بريئة بين خلجانك ومنعطفاتك ننظم معاً عقد عشقنا حبات الشوق والحنين فنم على اطراف عاطفتي واترك لي رغبة السفر بين بحارك .. الخ وللحقيقة نقول إن الشاعرة عائشة المحرابي تقف وتتوازى في تجربتها الشعرية مع المسوغات الخصوصية بها والتي تكاد تلامسها تماماً وما تكتنزه بداخلها من المشاعر الوجدانية والانسانية. فمن حيث المعالجة النقدية الشعرية فإننا نلتمس في قصائدها النثرية دفقات شعورية فيها من الوضوح الكثير والشفافية الأكثر دقة في المعاني من الكلمات في ( تنفس الاقحوان) ففي قصائدها نلاحظ ايضاً الكثير من الحيوية والطاقة الإبداعية المنسابة في قصائدها والدالة على الاستضاءة المعرفية بالموروث الديني والحضاري والتاريخي والثقافي وجغرافية المكان. فهي تهتم بالتجديد لمضمون الكلمة اكثر من اهتمامها في تجديد الشكل في الاطار العام للقصيدة - لذلك ليس بالغريب على الشاعرة عائشة المحرابي أن تبني قصائدها النثرية بالخروج عن القوالب التقليدية الجامدة وتكسيرها خدمة في التطوير والتطويع لمعنى الكلمة والانزياح اللغوي المعاصر في شعرية القصيدة النثرية. وبذلك الاسترجاع الشعري المموسق في ايقاعه النثري حيث تدلف الشاعرة عائشة المحرابي في روحانية من المشاعر الوجدانية بموسيقى من العواطف الكامنة في الطبيعة. الى جانب تدفقات البحر وهدير امواجه حيث نلاحظ في ذلك المخيال الشعري انساقاً من البنى التعبيرية والبيانية كما نلاحظ مدى العمق في تجربتها الشعرية والتي تشكل محوراً ارتكازياً من التجارب الحياتية والانسانية. وفي لحظة انطلاقتها نحو الفضاء الفسيح حيث تقرأ لها في احد المقاطع الشعرية من قصيدة ( جدار الصمت ) قائلة :- دعني اتشبع بندى الفجر على شفتيك وكن مطراً يتساقط يغسل شعري باصابع لهفة الشوق كن قبضة حناء لوني بين يديك كزهرة عشق بلل اثوابي الفضفاضة اشعل كل قناديل هواك وهدهدني .. الخ هكذا إذن هي الشاعرة عائشة المحرابي حينما تسافر في ايماءات بحار كلماتها تحمل معها اسفاراً من المفردات اللغوية القريبة الى النفس والتي بها تجوب قاع هذه البحار في الشوق والاشتياق حيث نجد صدى لخلجات هذه البحار في النفس والروح معاً. بوقعها الخاص بها والتي ترفعها تارة وتنزلها تارة اخرى كما اننا نحس ايضاً بأنها ما زالت تمخر في عباب هذه البحار وفي وجودها الانساني لكي توصل معانيها وافكارها السامية المتقدمة والمتطورة في اسلوب سهل وممتنع. ولكي تغذي بها الروح البشرية الظامئة والتي ما زالت تفتقر الى الكثير من هذه الكلمات والمعاني الانسانية الراقية والسامية والمتطلعة الى أبسط الزهور من الورود ناهيكم عن العطور وروائحها الزكية والتي ما زلنا في مسيس الحاجة اليها وتلك هي الاحتياجات الروحية التي وجدناها في ( وتنفس الاقحوان) الديوان الذي يحمل الحقيقة.
|
ثقافة
قراءة في بحار عائشة ( وتنفس الأقحوان )
أخبار متعلقة