إشراقة
بمكواة كهربائية، يرسم الشاب الغزي المقعد، كرم شبلاق (25 عاما)، ما خطه بقلمه الرصاص على لوح خشبي. يعطي الشاب الذي أصيب في أحداث الانقسام الأليمة، انطباعا عن التحدي الذي يقوم به ذوو الاحتياجات الخاصة لمواجهة ظروفهم الصعبة.في منزله بحي الشعف شرقي مدينة غزة، يجلس كرم على كرسي متحرك بالقرب من عشرات اللوحات التي خطتها يده منذ أصيب بالشلل، ولا تغادر لوحاته الجميلة، صور فلسطين وخريطتها وأجواء الدفاع عن الأرض، والصمود في وجه الاحتلال.وأصيب كرم في العمود الفقري خلال الأحداث الداخلية الأولى عام 2006، ونتج عن الإصابة شلل سفلي وتهتك في النخاع الشوكي والأعصاب، وتنقل خلال سنوات الإصابة الخمس الأولى بين المستشفيات طلباً للعلاج، من دون نتائج.ورغم المصاعب التي يعانيها كرم ونظراؤه الفلسطينيون، إلا أنه يتابع حياته بشكلٍ طبيعي برفقة كرسيه المتحرك، ويتنقل به إلى كل مكان يرغب في الوصول إليه، ويتابع أوقاته مع الرسم والتخطيط على اللوحات، والمشاركة في المعارض الفنية.عقب فشل محاولات علاجه، انضم كرم إلى مشروع لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، وأكمل هوايته الأولى، حتى أصبح ماهراً في الرسم والحرق على الخشب.شارك كرم في معارض عدة، منها معرض لوحات فنية عن النكبة الفلسطينية، ومعرض عن التراث الفلسطيني القديم، ومعرض نظمته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" قدم فيه لوحات للأجداد القدامى وصور تراثية معبرة.يقول كرم "خلال مشاركاتي في المعارض أعجب إنتاجي الكثير من الناس، الذين كانوا يستغربون أن تخرج هذه الأعمال من شخص على كرسي متحرك، ووجدت مؤسسات قامت بتحفيزي على المشاركة في المعارض الدولية، لأن الاهتمام المحلي بفئة الفن والفنانين المعاقين نادر وقليل". متطلعا إلى مشاركة أوسع في معارض محلية ودولية، وأن يجد من يرعاه ويحفز فيه الموهبة.ويشدّد الشاب الغزي على أن الإعاقة "إعاقة العقل وليس الجسد" كما يتصورها الكثيرون، ومادام الإنسان يملك عقلاً وإرادة فهو إنسان قوي، ويقدر على تحمل كل الصعاب بتسلحه بموهبته.