إصلاحيـة السجــن المركـزي بالمنصـورة تطلـق أنفاسهــا الأخيـرة 2-1:
تحقيق/ منى قائد بعد أن كانت المكان الأول في إعادة تأهيل وإصلاح نزلائها، كما كانت تقوم برفد المجتمع بكوادر فاعلة ومتفاعلة يشار إليهم بالبنان أصبحت إصلاحية السجن المركزي بالمنصورة تعلوها الأتربة والصدأ والأرضة، حيث تراكمت الأتربة على بقايا الآلات والمعدات التي كانت تستخدم من قبل نزلاء السجن لإعادة تأهيلهم وإصلاحهم فأخذ الصدأ مكانه في تلك الآلات لينخر فيها ولم يبقى منها سوى صورة لهياكل آلات كانت موجودة هناك إلى جانب وجود الأرضة على بقايا الخشب الخاص بها، ناهيك عن وجود عجز في الحصول على الدواء وعجز أكبر في الحصول على التطبيب لهؤلاء المرضى من النزلاء، هذا ما آلت إليه الإصلاحية. صحيفة 14أكتوبر زارت الإصلاحية وتلمست عن قرب الأوضاع هناك والتقت بمسئوليها للتعرف على وضع هذه الإصلاحية فإلى ما تم الخروج به: نموذج يحتذى بهكانت أول لقاءاتنا مع العقيد/ حسين محمد يحيى الجوبعي مدير إصلاحية المركزية بعدن حيث قال: إصلاحية عدن المركزية هي أول إصلاحية (سجن) تم إنشاؤها في عام (1965م) في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً، حيث مثلت نموذجاً يحتذى به من حيث تصاميم عنابر سكن النزلاء والإدارة بالإضافة إلى المباني التابعة لها من عيادات طبية ونفسية وأماكن أخرى لمزاولة الأنشطة الرياضية المختلفة والعزل..الخ، إلى جانب احتوائها على عدة معامل وعدة أجهزة لتأهيل نزلاء الإصلاحية مثل معمل النجارة ومعمل البلوك (البردين) وكذا معمل الخياطة ليتم بذلك تأهيل النزلاء وقضاء أوقات فراغهم حتى لا يشعروا بالملل. وأضاف: و تم تأهيل العديد من نزلاء الإصلاحية الذين استفادوا من التأهيل والتدريب وكانوا يحصلون على مبالغ مقابل عملهم ويعطى المبلغ لهم على النحو التالي: ثلث للنزيل وثلث لأسرته إن كانت من المعدمين والثلث الأخير يتم الاحتفاظ به الى يوم خروجه بعد انقضاء فترة العقوبة، حيث كان يخرج مؤهلاً وعنده ما يبدأ به لتكوين نفسه، لذا فإن هذه الإصلاحية كان لها دور بارز في التدريب والتأهيل على عكس بعض الإصلاحيات الأخرى.. علماً أن هذه الإصلاحية أنتجت أفضل المواد المكتبية والمنزلية، كما تم تأثيث العديد من الدوائر الحكومية والمنازل لما تميزت به من دقة في العمل والذوق الرفيع، كذلك بنيت العديد من الدوائر والمنازل من بلوك (بردين) هذه الإصلاحية التي كان لها أكثر من معرض لمنتجاتها. انتهاء عمرها الافتراضيواستطرد قائلاً: كما استقبلت واحتضنت العديد من القيادات السياسية بمختلف مراحل النضال الوطني والكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وكانت الحضن الدافئ لهم، واليوم هذه الإصلاحية انتهى عمرها الافتراضي وأصابتها الشيخوخة، حيث أصبحت غير ملائمة لأن تكون إصلاحية لهذه المدينة الجميلة التي حباها الله بموقعها الجميل والفريد وذلك لعدة أسباب منها أولاً الزحف العمراني المحيط بها حيث أصبحت العمارات المجاورة مسيطرة عليها وكذا انتهاء عمرها الافتراضي والسعة الاستيعابية بالإضافة إلى أمور كثيرة بما فيها البنية التحتية التي يجب إعادة النظر فيها، أما السلطة المختصة بالمحافظة تعتبر الإصلاحية خارج التغطية. وقال: لهذا يجب أن يعطى لهذه الإصلاحية ما تستحقه أو البحث عن بدائل أخرى تلائم الهدف الذي بموجبه أنشئت وذلك لتؤدي الدور المناوط بها على أكمل وجه وهنا تكون المسؤولية مشتركة. لا يأس مع الحياةوواصل الجوبعي قائلاً: في ظل هذه الظروف نحن على ثقة بتجاوز كل المشاكل والعراقيل التي تعترض سير عملنا وعلينا أن لا نتقاعس عن أداء واجبنا الخدمي والإنساني لهذه الشريحة من المجتمع، كما يجب علينا أن نحاول مراراً وتكراراً وأن لا نيأس لأنه لا حياة مع اليأس. و قال تعالى ( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) صدق الله العظيم، من هذا المنطلق أوجه ندائي إلى أصحاب القلوب الرحيمة والضمائر الحية من رجال المال والأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والإنسانية في هذا الشهر الفضيل وإلى كل من لم تصم آذانهم، بأن هناك أباءً وإخوانا وأبناءً لهم سنوات خلف القضبان والآن هم يعيشون على أمل أن يحظوا ولو بجزء يسير من الزكاة، يتم تقديمها للمعسرين لمن انتهت فترة أحكامهم والبعض منهم قد تجاوز فترة العقوبة بعدة سنوات ولا يزال في السجن، لذا نأمل منهم أن لا يبخلوا بمد يد العون والمساعدة لمن يحتاجها وأن يتم إيداع المبالغ باسم الطرف المستفيد منها بالبنك حتى يكتمل المبلغ المطلوب. كلمة شكروأخيراً: أوجه عبر صحيفتكم كلمة شكر لكل من ساهم في تقديم يد العون والمساعدة للإصلاحية ونزلائها وفي مقدمتهم شركة إنماء العقارية ومنظمة تجديد وبيت العدالة وآخرين، كما نأمل أن يستمر العطاء من قبل المجتمع المدني والمنظمات في مساعدة النزلاء وذويهم وأن لا يقتصر دعمهم فقط في شهر رمضان المبارك بل يجب أن يستمر لبقية أشهر السنة وذلك ليعيدوا البسمة لمن فقدها وتسلل اليأس إلى نفوسهم. مشاكل كبيرة جداًوأثناء وجودي هناك تلمست مدى الأسى والحزن على هذه الإصلاحية التي لم يبق منها سوى الذكرى المؤلمة وأصبح يشار إليها بحزن وتوصف بعبارة (كانت كذا .. وكذا) والبكاء على أطلالها، وفي هذا الجانب كان لنا وقفة مع الأخ/ عبد الوهاب شكري أختصاصي نفسي واجتماعي في المركز النموذجي للأحداث حيث قال: أقوم بين الحين والآخر بعمل زيارات للسجن وذلك لمتابعة الحالات النفسية والمرضية الموجودة فيه، طبعاً للسجن مشاكل كبيرة جداً وسبق أن تحدثنا فيها منذ عام (94م) وكانت قد بدأت الأمور تتحسن نوعاً ما وسارت بشكل لا بأس به، لكن للأسف الوضع الصحي للجانب النفسي للأمراض العقلية لا يزال يعيش في حالة تدهور مستمر والسبب في ذلك يعود إلى عدم وجود الرؤية العقلية لمعالجة وضعية هؤلاء المرضى النفسيين. وأكمل حديثه: فمرتكب الجريمة سواء كان مصاب (باختلال عقلي) من قبل ارتكابه للجريمة أو من بعدها هو في الأخير تقع مسؤوليته بشكل مباشر على السجن الذي بدوره يقدم رؤيته ويقدم ملاحظاته وتقاريره عن الحالات ولكن للأسف لا يوجد من يسمع وضعية هؤلاء الناس، فكان هناك نوع من المساعدات المقدمة من بعض الجهات الخيرية للمرضى العقليين فيما يخص العلاجات، حيث كان مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بعدن في السابق يقدم نوعاً ما بعض المساعدات لهؤلاء المرضى، لكن في الفترة الأخيرة توقفت هذه المساعدات وأصبحت لا تقدم لا من الجهات المركزية ولا حتى من الجهات العليا أو الدنيا. طبعاً سأركز في حديثي معكِ عن هذه الشريحة بالذات لأنها الأكثر احتياجاً، فعندما يقدم الشخص على ارتكاب جريمة فإن القضاء والجهات المعنية يقومون باتخاذ الإجراءات اللازمة معه.. لكن عن وضعية هذا الشخص عندما يكون مصاباً عقلياً لا احد يتطرق لها ويرمى في السجن، أما عن النتائج فلا يوجد مخصص مالي للمرضى في السجن، والمبلغ المعتمد لا يزيد عن (75 ألف) ريال وهذا لا يكفي لشراء العلاجات البسيطة مثل (البندول) وغيرها نظراً لما يحمله السجن من كثافة كبيرة من السجناء، طبعاً هذا فيما يخص المرضى العاديين أما المرضى النفسيون فالأدوية الخاصة بهم تكون باهظة الثمن، فبالتالي نحن نعيش هنا مأساة حقيقية. نفتقر إلى طبيب مختصبالنسبة للأطباء قال: في السابق كان لدينا طبيب مقيم للأمراض النفسية وكان يعمل بكل ما أوتي من قوة حيث بذل جهد حياته كلها في السجن ووزارة الدفاع وكان يقدم واجبات جليلة جداً، لكن للأسف بعد أن توقف راتبه في عام (95م) وتابعنا بذلك كل الجهات لإعادته فلم نجد من يسمع إلى أن قرر الرحيل بعد خدمة (34) عاماً قدمها لهذا المجتمع وعمل في عدة سجون منها (سجن صنعاء وسجن صبر وكذا سجن عدن) وكان الشخص الوحيد المتخصص ويمتلك الخبرات الجيدة لمساعدة المرضى في السجون وبعد أن رحل عنا الدكتور/ لطيف منصور شاهين لم نتحصل حتى اليوم على طبيب متخصص بالأمراض العقلية للسجن وهذا الأمر شكل مأساة حقيقية لنا. وواصل حديثه قائلاً: عندما تحصل أي اضطرابات من هذه الفئة المضطربة كان يتم استدعاؤه على الفور حتى في ساعات متأخرة من الليل وكان يأتي ويقدم خدماته ويؤدي واجباته بصمت ورغم كل ذلك إلا أن حقوقه الشخصية وبعد أن عين في مستشفى الأمراض النفسية عام (79م) وانتدب إلى السجن لم تعط له. وأشار: وعندما ذهبنا إلى صنعاء وهو يستعد للخروج من البلاد قام رئيس مصلحة السجون في ذلك الوقت الأخ/ الزلب مشكوراً بتقديم مبلغ وقدره (100 ألف) ريال وذلك الأخ/ نائب الوزير قدم (200 ألف ريال)، كما كانت هناك خطوة ايجابية من قبل رئيس مصلحة السجون أن يتم دفع (100 دولار) في كل شهر ويتم إرسالها إليه لكن للأسف استمر الحال لمدة شهرين تقريباً وبعد كذا توقفت الحوالة. طبعاً أقول ذلك فقط من باب التندر، حيث كنا نجهل هذه الخدمة المقدمة لهذا السجن سابقاً والآن أصبحنا في أمس الحاجة إليها، فوجود أختصاصي نفسي بدون أن يكون هناك طبيب أمراض نفسية هذا لا يساعد بشيء ولا يقدم شيئاً، لذا لابد من وجود طبيب متخصص لمتابعة حالات هؤلاء المرضى .. علماً بأن فكرة أو مسألة ضرورة أن تكتمل مؤسسة صحية بكل محتوياتها هذا غير موجود عند الصف القيادي. وأوضح: سابقاً كان يوجد لدينا باحث نفساني كما كان هناك نشاط غير طبيعي وغير عادي وكان مستشفى الأمراض النفسية هو الذي يشرف بشكل أسبوعي على نزول طبيب متخصص لمعالجة هذه الحالات والإشراف عليها وكتابة التقارير عن الحالات التي يطلبها القضاء وكانت العملية تسير بشكل سلس جداً، إلى أن تدمرت بشكل تدريجي لغاية ما وصلنا إلى الوضع الذي نحن عليه الآن. أعباء جديدةأما عن المشاكل التي يعاني منها السجن فقال شكري: أن أكثر همومنا كانت في السابق هي مسألة المواصلات وكذا الجانب الصحي والآن أضيفت أعباء جديدة فوق هذه الأعباء ومنها المجاري الداخلية والمياه وغيرها من الأزمات التي أضيفت عما كان موجود في السابق وكذا التداعيات والفراغات والشروخ الموجودة في جدران السجن والتي تنذر بانهيارها هذه من الأمور غير المنظور إليها حتى الآن والسكوت عنها أكثر هذا سيفجر لنا مشكلة أكبر.وأشار: طبعاً هناك الكثير من المشاكل التي نعانيها داخل السجن وإن أخفيناها الآن لكن مع مرور الزمن وتفاقم المشكلة ستظهر إلى السطح من تلقاء نفسها، لذا نقول إن السجن بحاجة إلى إعادة المنظومة الكاملة للعمل فيه، أما إننا نتشدق بمسألة التأهيل والإصلاح فأنا أفضل أن لا يقولوا عنها إصلاحية لأن وصفها بهذا الشكل يعتبر جريمة نظراً لافتقارها إلى مقومات الإصلاحية وإلى من يضع برامج للتأهيل الإصلاحي، وكذا إلى كثير من المسميات. أسلوب (شحاتة)وواصل حديثه: أنا لا أريد أن ابرز الجانب الإحباطي ولكن المشكلة قائمة وستزداد أكثر طالما هناك أسلوب في (شحاتة) الأدوية خاصة للحالات النفسية حيث لا نجد من يقدم لنا المساعدة ويتبرع لنا إلا (بالشحاتة). أما فيما يخص المذكرات والرسائل والرسميات قال: قد يئست منها الإدارة تماماً حيث نقوم بشحت المحافظ وإدارة الأمن وغيرها من الجهات والكل يقول بأننا مؤسسة إصلاحية لابد أن تكون هناك مركزية والتي بدورها ليس لديها الرؤية الكافية لهذه المسألة لقولهم أنهم قاموا ببناء عيادة نفسية في السجن، لذا فبدلاً من أن يكون مركزاً للتأديب تحول إلى مركز لحجز المرضى.بروز الجانب العدوانيوأشار شكري الى ان «المكان الذي نحن فيه الآن هو موقع العيادة، ونظراً لعدم وجود رؤية صحيحة ومخطط مضبوط للتعامل مع هذه العيادة أصبحت في الأخير إدارة والمضطربون عقلياً مختلطون مع الأصحاء في الزنزانات وهذه من المشاكل التي تعانيها إدارة السجن، حيث حصلت جرائم قتل فيما بينهم البين وذلك نتيجة لبروز الجانب العدواني ولعدم وجود الرعاية المتكاملة وإن وجدت فهي أيضاً بحاجة إلى رعاية، فنحن هنا نفتقد لهذه المسائل التي يفترض أن تكون متوفرة لدينا». لجنة طبية وقال: نحن بهذا الشهر الفضيل على أمل أن نلفت النظر الى هذا المكان، لذا من الأفضل أن تكونوا على اطلاع بخصوصيات المشاكل التي هي متعلقة بالمحاكم فعندما يحيل القاضي أو المحكمة متهماً للجنة الطبية، فنتساءل: أين هي اللجنة الطبية؟ ومن هي هذه اللجنة؟!وهل كانت هناك لجنة طبية أم لا؟ وأكمل حديثه: طبعاً كان هناك لجنة طبية في عام (2008م) لكنها توقفت بسبب عدم توفر الإمكانيات وكذا عدم وجود من يدعم أو يقدم المساعدة لنا وكل ما يصرف هو من مخصصاتنا، وفي عام (2010م) أتت لجنة طبية مكلفة من النائب العام واستمرت إلى عام (2013م) و فجأه توقفت، علماً بأن اللجنة الطبية كانت تأتي ليوم واحد في الأسبوع وتقوم بمقابلة المرضى وتقدم تقاريرها كيفما كانت المهم أنها أتت وقابلت وعملت وأصدرت تقريراً وتخلصت من مشكلة.. لكن الآن تزداد القضايا الجنائية والجرائم المرتكبة من قبل المشكوك في قواهم العقلية من قبل القضاء ويحالون إلى اللجنة الطبية وبالتالي تكدس الأوراق. واستطرد قائلاً: قام مدير السجن بعمل مذكرة إلى مستشفى الأمراض النفسية وطلب إعادة اللجنة إلا أن المستشفى للأسف أخلى مسؤوليته وقال ليس لنا علاقة وبأن هناك لجنة طبية تأتي من صنعاء فتابعوا صنعاء، حتى العلاجات التي نطلبها لا يتم تقديمها لنا نظراً لأن إمكانياتهم غير كافية. إحباط مبكروقال: طبعاً نحن أصبنا بالإحباط بشكل مبكر وليس من اليوم حيث كانت لدينا عيادة نفسية متكاملة بسبب الطبيب المقيم الذي كان موجوداً معنا وكان عملنا يظهر بوجود الشخصية المساندة لهذا النشاط الاجتماعي والنفسي.. وفقداننا لهذا الكادر سبب لنا مشكلة وإلى يومنا هذا لم تقم وزارة الداخلية بعمل انتداب لطبيب أمراض نفسية في الأسبوع أو حتى في الشهر. أما مسألة الإصلاح والتأهيل فالتغني فيه كذب، فالإصلاح في السجون يعني التأهيل الاجتماعي والتأهيل النفسي وكذا المادي وغيره، لذا فإن التخطيط من أساسه لا يخدم عملية تنمية المجتمع وبالتالي لابد من إعادة النظر فيه. مؤسسة حكوميةوآخر جولتنا داخل السجن المركزي بالمنصورة كانت مع الأخ/ حسين عوض حسين العولقي وكيل نيابة السجون في محافظة عدن حيث قال: السجن المركزي مؤسسة حكومية ذات طابع عقابي وإصلاحي تعدها الدولة لإيداع المحكوم عليهم بعقوبة السجن، وتستمد مشروعيتها من القانون، حيث تهدف إلى عزل المجرمين عن المجتمع لتأهيلهم وتدريبهم للاندماج فيه مرة أخرى.. وذلك لاعتبار السجن مجتمعاً مغلقاً بذاته إلى حد كبير وله أنظمته وقواعده التي يجب الالتزام بها والواردة تفصيلاً في قانون السجون رقم(48) لعام (91م) ولائحته المنظمة لذلك، مما يجعل السجن يقوم بدوره كمؤسسة إصلاحية حقيقية يخرج منها السجين عنصراً صالحاً في المجتمع. وواصل حديثه: لكن واقعنا الحالي بعيد عن ما هو مرسوم له قانوناً وهذا نتيجة لعدة أسباب منها أولا أنه تم بناء السجن المركزي في عام (1965م)، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم فيه عمل أية توسعة تذكر، كما كانت السعة المحددة له ما بين (200-150سجين)، لكن اليوم يصل الإيداع فيه إلى (1200سجين).. إضافة إلى أنه يفتقر إلى المرافق الصحية وفق المواصفات المتعارف عليها. الموقع غير صالحوأشار العولقي: الى أن موقع المؤسسة الحالي غير صالح من الناحيتين الأمنية والفنية، حيث أصبح وسط المدينة والمحيط به والملاصق بأسواره محطة بترول تم استقطاعها من حرمه من قبل المتنفذين، إضافة إلى أسواق الخضار والقات التي أصبحت تابعة للمتنفذين وهي حرم لتلك المؤسسة الإصلاحية، إذا صح تسميتها بذلك الاسم، ناهيك عن تعدد الجهات الأمنية العاملة في السجن، وافتقارها إلى التأهيل للعمل داخل الإصلاحية مما انعكس سلباً على وضع السجن والسجناء بشكل عام. واستطرد قائلاً: بالإضافة إلى عدم وجود موظفين إداريين يستوعبون الوضع الإداري- للمؤسسة الإصلاحية- وذلك من خلال الأرشفة السليمة لملفات السجناء وبياناتهم وكذا متابعة حركة السجناء ابتداءً من دخول السجين مروراً بفترة المحاكمة وانتهاءً بفترة تنفيذ الأحكام والتصنيف القانوني والجرمي للسجناء، ناهيك عن انعدام الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية وكذا التوعية والإرشاد الديني لهؤلاء السجناء، إلى جانب انعدام العمل والتدريب والتأهيل للسجناء (ورشة نجارة وخياطة وورشة للحاسوب ومصنع للبردين....). حقوق السجينوعن حقوق السجين قال العولقي: نعاني من نقص حاد في المواد الغذائية المخصصة لكل سجين، إلى جانب الطاقم العامل في المطبخ هم سجناء غير لائقين صحياً، بالإضافة إلى الاعتداء على بعض السجناء من قبل عتاولة الإجرام بالضرب والتهديد.. وهذا نتيجة عدم وجود عنابر خاصة للعتاولة المجرمين، وكذا ازدحام السجناء بداخل العنابر وضيق المساحة لكل سجين، وارتفاع نسبة المحبوسين احتياطياً قياساً بالمحكومين نتيجة عدم البت في قضاياهم من قبل المحاكم.وأكمل حديثه: كما أن انعدام البدائل للعقوبات السالبة للحرية ونظام الافراجات المختلفة، وبقاء العديد من السجناء في السجن رغم انتهاء فترات سجنهم القانوني وبقائهم على ذمة حقوق مالية للغير، إلى جانب عدم وجود سياسة التميز الايجابي (الامتيازات، والحوافز) والتي سوف تنعكس على تعزيز استتباب الأمن في السجن، بالإضافة إلى عدم عزل السجناء المرسلين من الجهات الأمنية في عنبر خاص حتى يتسنى للنيابة العامة المتابعة أولا بأول عن شرعية الإيداع، إلى جانب عدم وجود سيارة إسعاف ونقص حاد في سيارات نقل السجناء أمام المحاكم، وأخيراً عدم لفت أنظار أصحاب القرار إلى أهمية وظيفة السجن، والذي بدوره انعكس بشكل سلبي على السجن كمؤسسة عقابية وإصلاحية بالرغم من الرفع من قبلنا بالتقارير عن الحالة التي وصلت إليها وتطرقنا فيها بشكل تفصيلي ابتداءً من تاريخ إنشائها في عام (1965م) مروراً بموقعها غير الآمن من الناحية الأمنية والفنية وانتهاءً بحالتها الراهنة والتي هي نتاج تراكمات سابقة من الإهمال وتهالك المباني.. حيث حسب علمنا رصدت لإعادة ترميمها مبلغ (200 مليون ريال) ولم نشاهد إلا البوابة الرئيسية للسجن وغرفتين للخلوة الشرعية وترميم بعض العنابر بشكل جزئي.. فالسؤال هنا: هل الجهات المسؤولة على علم بمدى الخطر الذي يحدق بهذه المؤسسة؟ وهل توقفها إهمال وتعمد مقصود، أم هي قلة حيلة بسبب شحة الموارد المالية؟ أم أن الأخيرة مجرد شماعة يعلق عليها الآخرون أخطاءهم؟.