الحياة حلوة !
أمر غريب أن يميل الناس إلى الكره ، والبغضاء ، وإلى الوحشية ، والعمل بكل الوسائل لإلغاء الآخرين من كل حقوق الحياة ؛ إلى حد السعي إلى رفض مختلف الصور الجميلة للتعايش ، والرضى بالآخر .. بل الأبشع من ذلك ؛ أن يعمل البعض على محو وجود الآخر ، وأن يحرص على ألا يبقي فرصة للقاء ، وكأن الدنيا قد صارت خرم إبرة لا تحتمل ، ولا تتسع إلا لوجود ذلك البعض .ليس ذلك فحسب ؛ بل إن ذلك البعض قد غدا يضيق ذرعاً حتى بأقرب أقربائه ، وأعز من ادعى محبتهم ؛ بمن فيهم أهل بيته من زوجة ، وأولاد ، وأخوة ، وأخوات، ما لم يكونوا مستعدين ، وبدون تحفظ ، أو اعتراض للخضوع لهم ، والتنازل عن حقوقهم ، وتلبية مطالبهم ، ورغباتهم ، وإن كانت ظالمة ، أو قاصمة ، أو حتى مهلكة.هذا البعض ، وهم ـ ويا للأسف ـ كثيرون في هذا الزمان ؛ يقلبون لك ظهر المجن؛ فقط لأنك قلتَ لهم : لا ، ولو كنتَ قد جعلت لهم من أصابعك شموعاً .. ولو كنت قد خدمتهم بعيونك ، وفرشت لهم الأرض وروداً .. ولو كنت قد أضعت من أجلهم ، ومن أجل سعادتهم ، ومستقبلهم ، والنهوض بهم من الحضيض إلى مقام الآدمية عمرك من شباب ، وصحة ، وقوة ، وكسب .. كل هذا لن يشفع لك عند ذلك الصنف من البشر في هذا الزمان . أنت عندهم لا تستحق حتى مجرد أن تعيش كما كتب الله لك !! لا تستحق أن تذكر إلا بالشتم، والإساءة، وربما بما هو أشد ، وأنكى .. بل لا تستحق سوى أن تموت ذلاً ، وهواناً، ومحاصرة، وهجراً، وإن أمكن جوعاً، وفاقة؛ بعد أن يسلبوا حقك ، وما في يدك ، ويرموا بك في أقرب مزبلة من مزابل الحياة ؛ لتتهنأ بلحمك الذئاب ، والكلاب، والذباب!!. فيا هذا البعض!! لقد لوثتم صفو الحياة، وشوشتم علاقات الآدميين، وغطيتم على الجوانب المشرقة في حياتنا؛ نسألكم: أي جمال يأخذكم في وحشية الوحوش، وقسوة الكواسر؟! ، ثم إذا كانت معيشة الآدميين ستغدو بهذه القسوة، والوحشية؛ فأي فضيلة ستبقى، وأي خير ينتظر؟! .