على ضفافهم
تصدر أعمال الفنان الإيراني ناصر أوفيسي عن خلفية مشبعة بروح الشرق، ألوان نقية وحارة، إغفال الاهتمام بالبعد الثالث، المبالغة بتسليط الضوء على قوة التأثير الروحي للوجه الإنساني، قوة الخطوط، التكرار ثم العناية الفائقة برموز شرقية بحتة كالنساء والخيول وعناصر الطبيعة المتمثلة بالزهور والرمان وسواها.وأوفيسي كسواه من فناني الشرق تشبع كثيراً بالثقافة البصرية التي أفرزتها عقائد وتقاليد المنطقة فالخط القوي يحد كافة عناصر عمله الفني مثلما أحتل الخط العربي بوصفه القيمة الجمالية التي وقع في سحرها معظم فناني الشرق.وعلى الرغم من أن الفنان ناصر أوفيسي (المولود 1937) أنهى دراسته الجامعية في طهران متخصصاً في مجال القانون السياسي وعمل دبلوماسياً في الملحقات الثقافية الإيرانية في مدريد وروما فإنه استطاع أن يخلص لموهبته ويؤسس لنفسه منهجاً فنياً تبلور على مدى (40) عاماً تمثل باحتفائه بروح اللوحة الشرقية وإيحاءاتها الصوفية منذ معرضه الأول في طهران عام 1975م وحصوله على الجائزة الأولى للرسم ومروراً بسلسلة معارضه التي بلغت أكثر من (43) معرضاً طاف بها الكثير من مدن العالم الكبرى: نيويورك وباريس وطوكيو ومدريد والمغرب وأثينا وعمان وأخيراً في معرضه الذي أقيم في دبي.يتميز اوفيسي ببراعته في استخدام خامات متنوعة في لوحته وقد وجد في الذهب من عيار 22 مادة مدهشة تضفي على أعماله قيمة جمالية ومادية كبيرة.يعد الحصان واحداً من أكثر الثيمات تواتراً في أعمال أوفيسي فخيول هذا الفنان ليست مجرد كائنات جميلة تتحرك في فضاء اللوحة بل تختزن حياة تضج بالحب والحركة والمشاعر، وسبب اهتمام الفنان أوفيسي بالخيول العربية أنها المركبة التي تنطلق بواسطتها عواطفه فهو يعبر من خلالها عن نفسه ومشاعره وخاصة الحصان العربي بعينيه الكبيرتين الجميلتين . ويضيف أوفيسي «علينا أن نرد الدين إلى هذا الكائن الجميل، إن حضارتنا المعاصرة تدين له بالكثير فهو أكثر الكائنات التي ساهمت في نشوء وتطور الإمبراطوريات القديمة في بابل وفارس. لقد قامت الحضارات على صهوته واستمر تأثيره في التطور الإنساني أكثر من 10 آلاف سنة. لقد علم الحصان الناس الحضارة وساعد في تطور ونمو ثقافتهم وفي تحقيق السلام مثلما أسهم في الحرب لكنه مهمل الآن. إنه يموت في ذاكرتنا مثل كل القيم الجميلة».يذكر أن للفنان الإيراني ناصر أوفيسي اهتمامات أخرى عدا الرسم منها فن النسيج الإيراني والفخار والنقش وتصميم المجوهرات،كما عرف عنه قيامه برسم رباعيات الخيام على خلفية النص الاسباني الذي كتبه الشاعر فنسنت الكسندر الفائز بجائزة نوبل عام 1977م محققاً بعمله هذا شهرة حلقت به في سماء أوروبا.