لطفي شطارة صحوت باكرا كالعادة ذات صباح بعد فترة فراق عن معشوقتي ومسقط راسي عدن.. وجدتها كما تركتها يلفها البؤس والحزن والأوساخ التي باتت احد معالم المدينة في ظل تجاهل وصمت رسمي .. شدني منظر ناس نيام على أعتاب محلات مغلقة تمر بجانبهم الكلاب والقطط وربما الفئران وكأني أسير في شارع إحدى المدن الهندية المكتظة بالسكان والتي ينام في شوارعها من لا مأوى له.. مع أن فارق الكثافة السكانية بين عدن ومدينة هندية صفر على الشمال.. أوقفتني عاملة نظافة عندما لمحتني أصور جوانب الشوارع وحيث تقوم هي بتنظيفها، هزتني نبراتها وهي تحبس دموعها وتقول« معي كوم لحم أولاد أطعمهم واعمل بتنظيف الشوارع من عند أبو الليم الذي في نهاية السوق الطويل إلى عند مكتب البريد والاتصالات إلى جانب شارعين فرعيين ، كانوا يعطوني ٣٥ ألف ريال شهريا واشتغل على مدار الأسبوع دون توقف من ست الصبح إلى الساعة الثانية ظهرا.. الآن قالوا لي ما تشتغلي يوم السبت وخفضوا من راتبي سبعة آلاف ريال ، ماذا اعمل؟ أقول لمن ومن يعوضني هذا المبلغ وأنا أريد أن اشتغل دون توقف من اجل أولادي».. كنت أحبس مشاعري وأنا استمع إلى شكوى تلك المرأة التي تركت أولادها في بيتها لتخرج وتنظف شوارع يسهم أصحاب المحلات وبائعو التمبل في توسيخها وتشويهها.. عدن ما تزال ورغم تشويهها والعمل على جعلها بهذه القذارة إلا أنها ستنفض وبدون شك ملامح البؤس عن نفسها وأهلها.. اتقوا الله بعدن فوالله إن كلمات عاملة النظافة ستدمع من له قلب على هؤلاء العمال وعلى عدن وما رأيته فيها » ..