تهريب الأطفال جريمة بحق الطفولة ومستقبل اليمن فهل سيجرمها الدستور الجديد ؟!
لقاءات وتصوير / بشير الحزميتعتبر ظاهرة تهريب الاطفال خارج الحدود من اخطر الظواهر الاجتماعية التى يعاني منها مجتمعنا اليمني والتي تتزايد يوما بعد يوم رغم الجهود الرسمية المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة والدور المهم الذي يلعبه الاعلام اليمني في تعزيز وعي المجتمع حولها والتعريف بمخاطرها وأثارها السلبية على الاطفال والأسرة والمجتمع .. ان مستقبل الطفولة في اليمن في ظل تنامي هذه الظاهرة مهدد بالخطر نتيجة لما يترتب عنها من سلبيات عديدة على حياة الاطفال ومستقبلهم وهو ما يستوجب على الجهات المعنية في الحكومة والمجتمع المدني مواصلة الجهود لمواجهتها والتحرك هذه الايام تجاه تحقيق ما يضمن تضمين نص دستوري في الدستور الجديد يجرم ممارسة هذا العمل ويفرض اشد العقوبات على مرتكبيه من اجل حياة ومستقبل اطفالنا ومستقبل اليمن .. صحيفة 14 أكتوبر ومن هذا المنطلق التقت بعدد من المهتمين بقضايا الطفولة واستمعت إلى آرائهم حول هذه الظاهرة وما ينبغى القيام به خلال هذه المرحلة التى يتم فيها صياغة الدستور الجديد لليمن الجديد وقد خرجنا بالآراء التالية : منتهى سلطان مديرة إدارة المرأة بصحيفة 26 سبتمبر قالت أن تهريب الاطفال يعتبر من الظواهر الاجتماعية التي لها آثارها السلبية على الأسرة والمجتمع وعلى الأطفال بشكل خاص، فهناك آثار نفسية واجتماعية واقتصادية للظاهرة ، إضافة إلى المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال أثناء رحلة التهريب حيث يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة مستقبلاً على نفسية الطفل. و أوضحت أن مشاكل العنف والطلاق والتفكك الأسري وضعف الوعي لدى الأسر تعد عوامل رئيسة في انتشار الظاهرة وتفاقمها. إضافة إلى ان هناك الكثير من العوامل التي أسهمت في تنمية تجاره الأطفال حيث يعتبر الفقر هو العامل الأهم وكذا انتشار الأمية والبطالة بين هذه الأسر.وقالت أن عدم وجود نصوص قانونية صريحة تجرم قضية تهريب الأطفالوضعف مشاركة المجتمع المحلي في التصدي للظاهرة وأيضا عدم وجود منظمات مجتمع مدني فاعلة في هذا الجانب جمعيها تسهم في عدم الحد والتصدي لها.سن قوانينوأضافت بالقول : فيما لا يزال التجاذب قائما والخلاف بين الأطراف المعنية فالتقصير سواء من الحكومة والمنظمات العاملة في مجال الطفولة وخصوصا الساعية للربح والمتاجرة باسم ألأطفال ، فلا توجد قوانين رادعة وما نأمله هو سن قوانين صارمة تحفظ للطفولة كرامتها سواء من جانب المهربين والعصابات التي تقوم بذلك وكذا لمن يزج بأبنائه في دروب الضياع اللا متناهي .. مؤكدة أهمية دور الأعلإم في التوعية بمخاطر الظاهرة وتوسعها .وقالت : ما نلحظه أن هناك تقصيرا ملحوظا وما تقوم به وسائل الإعلام أو تلك المنظمات المزعومة بحماية الطفولة هي أعمال موسمية ، إضافة إلى غياب دور إعلام المرأة والطفل بوزارة الإعلام في هذا الجانب وكذا غياب متعمد للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة , ونتمنى على الجميع بذل جهود لإدراج هذه الظاهرة ضمن الأولويات في النصوص الدستورية القادمة لضمان حفظ كرامة الطفولة ومستقبل أبناء اليمن . قانون لم ير النورمن جانبها تقول الدكتورة نفيسة الجائفي الخبيرة في مجال الطفولة والأمين العام الاسبق للمجلس الاعلى للأمومة والطفولة : هناك الكثير من الخطط والأنشطة لمواجهة تهريب الاطفال ولكن للأسف ما نزال حتى الآن لم نصل الى الهدف المرجو لأننا ما نزال قاصرين عند تحسين الوضع الاقتصادي للأسر ، فيجب ان تكون هناك جهود لتحسين الوضع الاقتصادي للأسر من خلال مشاريع تنموية ومشاريع تربط مع محاربة الفقر لتحسين الوضع المعيشي للأسر الى جانب التوعية وهذه حتى الآن لم تحقق ، الشيء الاخر هو أن هناك قانونا قدم من المجلس الاعلى للأمومة والطفولة منذ اكثر من خمس سنوات وقد تم فيه تحديد بند لتجريم تهريب الاطفال ، وأيضا فرض عقوبة على المهربين وكانت العقوبة عالية لكن للأسف هذا القانون حتى الآن لا نعرف ماذا حدث فيه لأنه لم يخرج الى النور .وأضافت بالقول: بالنسبة لقانون حقوق الطفل كانت هناك مادة قاصرة فيه وهي ذكر المهربين اياً كانوا والذين يسهلون تهريب الأطفال حتى وان كانوا من الوالدين وقد عملنا فيه حتى العام الماضي وتم تقديمه لوزارة الشئون القانونية وطلبنا منهم ان يقدم رسميا الى البرلمان .لكن هل قدم رسميا .. وهل البرلمان رأى انه ليس من اولوياته .. فهذه الظاهرة يجب ان تكون قضية يناقشها الشارع العام والمجتمع وينبغى أن يتساءل الجميع لماذا لم تخرج هذه القوانين الى النور؟.وأوضحت أنه أثناء الحوار الوطني اشترك المجلس الاعلى للأمومة والطفولة وأيضا اليونيسيف في نقاش مع عدد من الفرق واللجان وشرحت لهم أهمية ادخال متطلبات تحقيق حقوق الطفل في الدستور وفي مخرجات الحوار وفعلا تم عكسها في مخرجات الحوار التي يجب أن يلتزم بها من اجل تحقيق تنمية دائمة ومستمرة وتأمين حقوق الطفل . وأملنا كبير بان تعكس في الدستور الجديد .قضية شائكةمن جهتها تقول لمياء الارياني أمين عام المجلس الاعلى للأمومة والطفولة : قضية تهريب الاطفال هي من القضايا الشائكة في اليمن والتى لها اسباب كثيرة جدا منها الفقر والجهل وهما من اهم الاسباب اضافة الى ان هناك بعض العوامل الاجتماعية المتعلقة بالعلاقات السيئة بين الزوجين وكذلك بعض الموروثات الثقافية مثل تناول القات وغيرها من العوامل التى تدفع بأولياء الامور الى العمل على تهريب اطفالهم من اجل العمل خارج الحدود لكن للأسف الشديد هناك ممارسات سلبية كثيرة جدا يتعرض لها الطفل اثناء رحلته نحو المنطقة التى سيعمل بها في الجوار وبالتالي لابد ان نقف كلنا وقفة رجل واحد من اجل العمل على الحد من هذه الظاهرة وصولا الى القضاء عليها بإذن الله .ظاهرة خطيرةبدوره يقول محمد صالح ثابت كبير اختصاصيي الدائرة الإعلامية برئاسة الوزراء : تهريب الاطفال ظاهرة خطيرة وجريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى نظرا لأنه لا يوجد في الدستور نص يحرم ويجرم مثل هذه الممارسات الخطيرة التى تمس بحياة ومستقبل فلذات الاكباد وثمرات الفؤاد للأبوة والأمومة في واقع المجتمع اليمني . وطبعا من اجل مواجهتها مطلوب وقفة جادة من قبل المجتمع ككل سواء الحكومة او المعارضة او المجتمع المدني والمجتمع فالكل مطالبون بتكوين رأي عام قائد ومانع في نفس الوقت ليس للحد من هذه الظاهرة فقط بل لمنع حدوثها ومعاقبة من يقوم بهذا الجرم الفاحش في حق زهرات ونجوم اليمن الذين يعتبرون اطفال اليوم وجيل الغد وأمل المستقبل . فإذا كان الطفل يتربى على ثقافة التهريب والانجرار وراء مصالح أنية وضيقة لبعض ضعاف النفوس فاعتقد انه من واجب الدولة ان تقوم بدورها كما يجب في منع هذه الظاهرة وإصدار تشريعات تعاقب كل من يقوم بمثل هذه الاعمال التى يجرمها الله في السماء والإنسانية في الارض.أمانة في أعناقناويقول عبد الكريم الضحاك مدير عام الانشطة بأمانة العاصمة : في البداية نطالب الاخوة في لجنة صياغة الدستور بأن يشرعوا بندا خاصا بتحريم وتجريم تهريب الاطفال والإساءة إليهم بأي شكل كان فالأطفال هم امانة في اعناقنا وأمانة في اعناق الوطن ، فإذا لم نهتم بالأطفال الاهتمام الكامل صحيا وبدنيا وعقليا ونفسيا واجتماعيا سيكون المجتمع بلا شك سيئا وغير سليم ، فأتمنى ان يتضمن الدستور الجديد الكثير من النصوص الدستورية التى تحفظ لليمنيين جميعا كرامتهم وخاصة الأطفال .وأتمنى ان تكون هناك توعية اعلامية كبيرة جدا توعي الأسرة والمجتمع وفي المدارس وفي كل مكان ليعرف الجميع أن هذه الممارسات تعتبر جريمة وانه يجب ان نحافظ على اطفالنا ، وأيضا على الامن ان يقوم بدور كبير جدا لأن مواجهة هذه المشكلة هي مسئولية مشتركة ومسئولية تضامنية وعلى الجميع ان يقوموا بمسئولياتهم على اكمل وجه . وتمنى من الإعلام أن يقوم بدور كبير جدا للحد من هذه الظاهرة السيئة ، آملا من القطاعات الحكومية المعنية وفي مقدمتها الاجهزة الأمنية « ان تتخذ اجراءات صارمة بحق من يرتكب هذا الجرم بحق الطفولة البريئة . فتهريب الأطفال تعتبر جريمة وأتمنى ان تتخذ ضد مرتكبيها اقصى العقوبات . وأتمنى ان يكون للمدرسة دور كبير في التوعية وأتمنى ان يكون لوزارة الثقافة دور ولوزارة الشباب والرياضة والأوقاف والإرشاد دور . وفيما يخص الحدود اتمنى ان يتم تطوير آلية الرقابة والانتباه للحدود لتتبع المهربين والقضاء على تهريب الاطفال. فالقضية هي قضية تضامنية من المجتمع والحكومة وكل المؤسسات ويجب ان تؤدي كل جهة دورها .فإذا ما تضافرت الجهود اعتقد اننا سنحد من هذه الظاهرة حدا نهائيا . وإذا ما لقي المجرم عقابا صارما ورادعا اعتقد انه لن يقوم بهذا العمل .وأتمنى ان تلعب الاسرة دورا كبيرا وان تحافظ على أبنائها. و أتمنى أن يثير الإعلام هذه القضية بقوة حتى نستطيع أن نحد منها لان هذه الظاهرة بدأت تنتشر في الفترة الاخيرة بصورة كبيرة نتيجة عدة عوامل وقد يكون للوضع السياسي دور كبير جدا في الفترة الاخيرة . وأتمنى من الاحزاب السياسية ان تترك صراعاتها الحزبية جانبا وان تنتبه للأطفال ولما هو موجود وتنتبه للتنمية ولبناء الدولة .وأوجه رسالة للأحزاب والتنظيمات السياسية عليكم ان تركزوا جهودكم على عملية التنمية والاهتمام بالأطفال وعليكم ان تقوموا بدور في مكافحة هذه الظاهرة».إهمال وعدم اهتماموختاما يقول الصحفي حسن شرف الدين عضو الشبكة الاعلامية لمناصرة قضايا الطفولة في اليمن : تعاني الطفولة في اليمن من الإهمال وعدم الاهتمام بهذه الشريحة الكبيرة .. فلا قوانين وتشريعات تحميهم .. ولا جهات معنية تهتم بهم .. ويلاحظ في الفترة الأخيرة انتشار الأطفال في الشوارع بأعداد كبيرة دون رقابة سواء من الأسرة أو الجهات المعنية .. ما جعلهم عرضة للتهريب بغرض العمالة والاتجار بهم في عدد من دول الجوار .. وهذا مما لا شك فيه يؤثر على تفكيرهم وأسلوب حياتهم في المستقبل .. كما أن الأطفال الذين يتعرضون للتهريب القسري يحرمون من التعليم والأمن والأمان كما أنهم يحرمون من أجواء الأسرة. وعلى الحكومة أن تتحمل مسئوليتها الكاملة تجاه حماية الأطفال من التهريب والاتجار بهم ومحاولة استغلالهم كوسيلة إجرامية حرمها الشرع والقانون وحتى العادات والتقاليد .. لا بد أن تحترم الطفولة وأن يأخذ الأطفال حقهم من التعليم والترفيه والحماية.وأضاف بالقول : مؤتمر الحوار الوطني خرج بوثيقة كفلت الحقوق والحريات بمختلف أنواعها ومن هذه الحقوق حق الحياة والتعليم والحماية .. فهذه الثلاث مرتبطة ارتباطا وثيقا بمرحلة الطفولة ويجب أن تعكس هذه المبادئ من خلال مواد دستورية واضحة لا تقبل التأويل في الدستور القادم تجرم وتعاقب جرائم تهريب الاطفال والاتجار بهم .. ولا أنسى أن دور الإعلام هنا ضعيف في التسليط على قضايا الطفولة ومحاولة الاتجار بهم فشغل الإعلام اليمني الشاغل هو عالم السياسة ، أما عالم الأطفال وما يحتاجه فهو بعيد إلى حد كبير إن لم يكن غائبا عن تناول مثل هذه القضايا.