الكاتبة والصحفية فاطمة رشاد:
د. زينب حزامالكاتبة والصحفية فاطمة رشاد حالة خاصة جداً، فهي الأكثر حضوراً على صفحات الجرائد والمجلات، والأقرب إلى عين القارئ وعقله، وهي ليست كاتبة قصة قصيرة وشاعرة، بل تجمع بين كل هذه الأشياء، لها مجموعتها القصصية التي تحمل عنوان «امرأة تحت المطر» وعدد من القصص القصيرة نشرت في الصحف والمجلات، وهي تمتلك الحس الشعري وأدواته، وموقف الصحفي، وعبر مساهماتها اليومية من تأملات وخواطر في الصحف المحلية، قدمت أعمالاً أدبية تعد إضافة متطورة للجيل الشاب من كتاب القصة القصيرة والشعر. إذن نحن أمام حالة يندر أن يكون لها نظير، لا بين كتاب القصة القصيرة من جيل الشباب فحسب، وإنما بين الشواعر الشباب أيضاً، إذ جرت العادة أن تكون الشاعرة في بلادنا، أحرص الناس على كتم مشاعرها وإيثار التلميح والبعد كل البعد في شعرها عما يكشف المكنون من أسرارها.ومن قراءة تأملاتها التي تكتبها على الصفحة الثقافية لصحيفة (14أكتوبر) نجد الكاتبة والصحفية فاطمة رشاد بوجه عام تبحث عن قضايا وهموم الناس، أما قضيتها وهمومها فتأتي في الدرجة الثانية، وهذا ما يؤكد أنها صقلت موهبتها الأدبية من البيئة التي عاشت فيها ومناظر الطبيعة في عدن من بحار وشواطئ ذهبية ونوارس وجبال، كل هذه المناظر الخلابة نمت إحساس الكاتبة فاطمة رشاد وجعلتها تسعى نحو المستقبل الأدبي الأفضل وقدمت في مواضيعها الأدبية قضايا وهموم الناس، وهم يهيمون على وجوههم في الأرض، يطاردهم البؤس ويتخطفهم الردى.زارت الكاتبة فاطمة رشاد عدة مناطق في بلادها، وكذلك كانت لها جولة ثقافية في الأردن الشقيقة، وهذه الجولات الثقافية ساعدتها في التعبير عن همسات روحها، وخلجات قلبها، ومناجاة الطبيعة بعد تجسيدها وبثها الألم والأسى وكانت النزعة الرومانسية أو الذاتية هي النزعة في شعرها وفي العديد من قصصها القصيرة، وهي تبحث عن مشاكل الناس وهمومهم في المجتمع.تقول الكاتبة الصحفية فاطمة رشاد في (همس حائر) الذي نشرته في الصفحة الثقافية لصحيفة (14أكتوبر):كالحكاية أنت ترسم في كراستي المهملةأكتبك على عجل وأغلق أسطري الحزينةبككلما حاولت اقتحام أسطري أحذف تلكالحروف المغايرة لنصي الحزين..وتواصل الكاتبة فاطمة رشاد في (همس حائر) قائلة:على مقربة صمتياليومأجدني أراقب ساعةمعصمي وأفتش في ألبوم الصوروأفتح الذاكرة متسعاً..امرأة تحت المطر للكاتبة فاطمة رشاد قدمت الأديبة والكاتبة الصحفية فاطمة رشاد إضافة إلى قصائدها الشعرية والتأملات مجموعة قصصية قصيرة تحمل عنوان (امرأة تحت المطر) تتوفر المجموعة القصصية على عنصر الحدث، وهو الأكثر بروزاً وتصاعداً مع القصة ووضوح الفكرة وتنامي الحالة الدرامية للقصة، التي تصل قمتها في خاتمة القصة، القصة تتناول حالة إنسانية، بشكل فني وغير مباشر، وذلك من خلال معرض امرأة متمردة على التقاليد القديمة في المجتمع اليمني، وبما يعني أن العلم والثقافة لدى المرأة يساعدانها على العيش الكريم بعيداً عن الاعتماد على الآخرين، وهكذا تستطيع معرفة خفايا الروح البشرية التي تحيط بها، ولقد جاءت اللغة منسجمة مع الحالة ومعبرة عنها بشكل جديد.أن كتابة القصة القصيرة بالنسبة للكاتبة فاطمة رشاد تعني بين أمور أخرى، اختياراً فنياً مقصوداً لبرهة من الزمن، قد تكون دقائق معدودة، ثم إعادة صياغة حدثها الواقعي ليشكل دلالة إنسانية وزمناً ممتداً، ولها قدرة على الوصول إلى القارئ في مختلف البيئات الإنسانية، والتأثير فيه مع تحميل المشهد في المحصلة، لدلالة ما كأن تكون سؤالاً، أو دهشة، أو ابتسامة أو لحظة تأمل، وهل فضيلة الثقافة أهم وأكبر من قدرتها على أخذنا من حياتنا الواقعية الراهنة، المحكومة بظرفها الحياتي القاسي، والتحليق بنا إلى سماوات من الرحابة والاتساع والحلم، بحيث يدخل الأمل إلى نفوسنا.عبور الزمناستخدمت الكاتبة الصحفية والأديبة فاطمة رشاد في أعمالها الشعرية والقصصية ضمير المتكلم أو بالأدق المخاطب في تدوين كل ذلك، فنرى بطلة قصصها امرأة وكأنها تتحدث مع نفسها، وذلك بعمق من إحساس القارئ تجاه وحدة البطلة وعزلتها.إن مجموعتها القصصية (امرأة تحت المطر) - وبهذا المعنى - ليست نصاً تقليدياً يبدأ بالمقدمة، ولكنها اعتمدت على فنية القصة القصيرة التي يمكن تسميتها بالخطف خلفاً - عبر ذاكرة القاصة التي تختزن الكثير من الوقائع والأحداث والمواقف والحالات التي تنتقل من زمن إلى آخر حتى استطاعت فاطمة رشاد أن تمسك خيوط الزمن، وأن تنتقل بسلامة من حدث إلى آخر دون ارتباك، فأعطت صورة عن كفاح المرأة اليمنية في زمن يخطو خطوة إلى الأمام وعشر خطوات إلى الخلف.إن أعمال فاطمة رشاد تتميز بالقيم والأخلاق والمبادئ السامية، مما جعلها كاتبة متميزة في سماء الأدب وعالم القصة القصيرة.