عمر صالح محمد باحويرث أجمل الذكريات التي يتذكرها المرء هي ذكريات الطفولة بكل جوانبها والذكريات كما أعتقد هي من تؤسس للمرء بعدها حياته وشبابه وسريان عمره. وأتذكر عندما كنت طفلاً في الروضة كانت لدينا وجبة مجانية تجيء إلينا كل يوم هي عبارة عن قرطاس لبن وحبة موز توزع بأمانة على عدد الأطفال الحاضرين وكانت المربيات قبل أن يوزعنها علينا يجلسننا في مقاعدنا ويأتين إلى كل واحد منا بحصته ويقصصن لنا قرطاس اللبن بمقص نظيف ويقشرن لنا حبة الموز ويحرصن علينا من اتساخ ملابسنا وبعدها نقوم بوضع علبة اللبن الفاضية وقشر الموز في سلة القمامة.حقيقة هذا الأمر كان موجوداً وكنا لا نجد أي تعنيف من أي مربٍ فاضل أو مربية، أنا لا أفتخر بزمان أو مكان كانت فيه هذه المرحلة بقدر ما أريد أن أصل إليه وهو أن الزمان في تلك المرحلة كان جميلاً وهادئاً ومساعداً لمثل هكذا اهتمام وهكذا تربية وهكذا حماية وبراءة لأن الزمان غير الزمان اليوم كل شيء تغير وعجلة الزمان كانت تمشي مشياً حلواً أما اليوم فكل شيء انفتح ويا له من انفتاح لا تدري أين تقف أو أين تقعد زمان فيه كل شيء مهرول كما نقول يا الله السلامة.لكني من خلال هذا التنفيس فيما اكتبه أقول للزمان أرجع يا زمان.أحموا الطفولة، فالأطفال هم أحباب الله وفلذات قلوبنا وجيل المستقبل والبراءة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. أبعدوهم عن دوشة هذه الحياة لا تحملوهم هموماً ولا مسؤولية بل اخلقوا فيهم ولهم حباً وطمأنينة راقبوهم من مكر هذا الزمان وأحموهم من الوقوع في أخطاء تلاحقهم في شبابهم عودوهم الابتسامة والصدق والنظافة والدين المعتدل السموح بدون مغالاة أو أحقاد، أحموا الطفولة إذا كان لكم أولاد أو حتى من غير أولادكم بادروا بتفعيل هذه الحماية ولابد من الاستجابة من الجميع ولابد من تقبل النصيحة حتى إذا جاءت من غيرك، كم يؤلمني عندما أجد أطفالاً لا يجدون الكلمة الحنونة من أقرب الناس لهم وكم حز في نفسي عندما كنت فوق باص صغير عائداً من المعلا إلى كريتر وإذا بطفل لا يتجاوز عمره أربع أو خمس سنوات مع إحدى قريباته لا أعتقد أنها أمه وكان الطفل حسب ما فهمته يريد أن يعود إلى الحارة وقريبته سوف تأخذه إلى السوق فسمعتها تقول لإحدى الجالسات بجانبها هذا ولد صايع لا حق تعليم ولا روضة، فتألمت كثيراً لجهل هذه القريبة، بدل أن تقول له كلاماً على حجم سنه وعقله كلاماً حنوناً وبريئاً يعطيه الشعور بحنان من هو معه وإلا لماذا أخذته وقلبها ضيق ولا تعرف كيف تتكلم.وإذا تذكرنا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» وقد علمنا عنه صلى الله عليه وسلم كيف كان يحب حفيديه الحسن والحسين ابني علي وفاطمة رضي الله عنهما كم أزعل زعلاً شديداً عندما أرى أطفالاً سنهم دون العاشرة يماشون شباباً تقارب أعمارهم العشرين عاماً وماذا ينقل هؤلاء الكبار لهؤلاء الصغار خصوصاً في هذا الزمان الرديء.احموا الطفولة، راقبوا الأطفال، علموهم، ابحثوا عن صحتهم، لا تعنفوهم، ولا تخيفوهم، إنني ومن خلال مقالتي هذه في هذه الصحيفة - والقائمين عليها الذين أرى فيهم حباً كثيراً لكل خير وحباً للجميع أن يخصصوا صفحة تكون محبوبة ومشجعة لإبداعات الأطفال من رسومات وكتابات وألعاب وصور حتى يكون هناك تشجيع لهم في مجال حياتهم الطفولية وبراءتها، وتكونوا عاملاً مساعداً بجانب الأسرة.. صفحة فيها نصائح، وإرشادات حتى تتوسعوا في هذا المجال ويتطور من الكتابة إلى الأفعال والترفيه والجوائز، ونكون جميعاً قد ساعدناهم في حماية طفولتهم وبراءتها.
|
اطفال
احموا الطفولة وبراءتها
أخبار متعلقة