لقد كان توقيع الوثيقة المقدمة الى رئيس الجمهورية وفي هذا الوقت الحل الامثل للوضع السيئ الذي وصلنا إليه، لقد كنا قاب قوسين او ادنى من حرب اهلية طاحنة, حرب مناطقية في الجنوب وحرب مذهبية في الشمال غير الحرب المرتبطة بالمصالح والتي كانت قائمة والعدة معدة لها بين الجنوب والشمال, لقد كانت طبول الحرب تقرع وصوتها عاليا يسمع ومن لم يسمعها فهو أصم. فقد ظهرت قوى جديدة من داخل القوى السياسية القائمة وبمباركتها سرا او علنا تسعى لخلق واقع على الارض يتلاءم مع تطلعات تلك القوى منفردة, بعيدا عن اي تحالف او توافق او اتفاق مع بقية القوى الأخرى. فظهرت جماعات غير واضحة الملامح تسعى للقيام ببعض التفجيرات والهجمات في مواقع ومناطق مختلفة لفرض رأي او تحديد افضلية لطرف معين يجيد التعامل مع هذه الجماعات. وظهرت تحركات تخدم اتجاهات معينة وتتلبس بأسماء واشكال وصفات اخرى لفرض واقع يسمح لها كجزء من تلك القوة ان تكون ذات دور فاعل على الارض. وظهرت مجاميع تسعى لفرض امر واقع قد لا يخدم اي قوة من كل القوى السياسية الفاعلة اليوم ولكنه سيخدم غيرها وسيضر بالوطن ان عاجلا أو آجلا. ولهذا ولغيره كان من الواجب على كل القوى السياسية استيعاب الوضع القائم والايمان الكامل بأهمية تقديم مصلحة الوطن على اي مصلحة حزبية او شخصية ضيقة وادراك اهمية الخروج من الوضع الذي تمر به البلاد وان يكونوا جميعا بحجم المسؤولية التي كان الشعب يأملها منهم. ربما لا تحقق الوثيقة بصيغتها المحددة اليوم ادنى مستوى من تطلعات الكثير من القوى السياسية التي من المفترض ان توقع على هذه الوثيقة ولكنها بالتأكيد افضل من استمرار الوضع الذي كانت البلد قد وصلت اليه والذي كان يتفاقم بشكل مستمر ولحظي وليس بشكل يومي وقد كان دور الوثيقة الفعلي ليس حل قضية معينة حلا كاملا بل الخروج من وضع يراد به ان يكون بداية لتحول المسار التغييري السياسي الى مسار عسكري لن يتمكن اي طرف من فرض حلوله عبره. لقد كانت الوثيقة هي الوسيلة المثلى للانتقال للصفحة التالية من كتاب التغيير ومن مراحل الحوار والانتقال السلمي الى المرحلة الانتقالية او التأسيسية القادمة.
توقيع الوثيقة و الانتقال إلى صفحة جديدة من كتاب التغيير
أخبار متعلقة