هل هي ظاهرة صحية هذه الأحداث التي تقع في بلادنا ونشاهدها ونسمع عنها ويشاهدها معنا ويسمعها العالم من حولنا كحوادث القتل والاغتيالات والتفجيرات واتلاف شبكات الكهرباء وتفجير وإحراق أنابيب النفط والغاز وتدمير البنية التحتية واستهداف شخصيات قيادية حزبية وعسكرية وكوادر مهمة ومعارك مستمرة في شمال الوطن بين سنة وقبائل وحوثيين وهم أبناء وطن واحد وعلى سفينة واحدة ومصير مشترك واحد ناهيك عن معاناة مضاعفة لشرائح مجتمعية منسية نتيجة ارتفاع الاسعار بالاضافة إلى مشكلة البطالة في أوساط شريحة الشباب والخريجين وكثير من الناس هذه الأيام في حالة احتقانات وشحن وتعبئة بعضهم ضد بعض خاصة بين أبناء الجنوب والشمال وخروج أبناء الجنوب في احتجاجات ومظاهرات أسبوعية ومناسباتية وحراك دائم ونضال سلمي منذ سنوات خرجوا في البداية يطالبون بحقوق مشروعة إلى أن وصلوا إلى المطالبة بالعدالة والمساواة والحرية وحق تقرير المصير نتيجة شعورهم بالظلم والجور والحيف منذ بداية الوحدة التي قامت بين شمال الوطن وجنوبه عام 1990م، ولم يلتزم أو يطبق النظام الذي حكم منذ ذلك التاريخ بالأهداف والمبادئ التي قامت من أجلها الوحدة إلى ان تفجرت الأزمة مؤخراً ودخلت البلاد في حيص بيص وكانت ثورة الشباب على النظام السابق وولادة المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة لحل الأزمة اليمنية وصدور قرارات أممية بهذا الشأن وبدأت الحكومة الجديدة التوافقية بتنفيذ بنود المبادرة الآنفة الذكر وقطعت مشواراً طويلاً في تنفيذ بنودها ولم يتبق إلا القليل منها والتي تمثل تحدياً حقيقياً لحكومة الوفاق وللقائمين بتنفيذها نتيجة صعوبات وتعقيدات المرحلة والأزمة اليمنية المعقدة والمركبة لأن هناك أحزاباً متصارعة في الساحة تتصارع وتتدافع في التسابق على السلطة وعلى الثروة وعلى حجز مقاعد لكل جماعة وكل حزب وكل فرد في المستقبل .ولاننسى دور القبيلة المهم الذي تلعبه سلباً وايجاباً في المشهد اليمني وأحياناً نشعر ويشعر كل مواطن يمني بأن هذه القبيلة ورموزها وكأنهم كحصان طروادة أو كأنهم كالطابور الخامس الذي يؤجج ويرفع ويخفض حدة الصراع بين كافة الأطراف السياسية أو يصنع توازنات هنا وهناك ولا ننسى ايضاً دور هذه الجماعة التي بدأت تفرض نفسها بقوة وترسل رسائل تقول فيها بأنها موجودة وأن على الآخرين الاعتراف بهذا الوجود وان يعملوا له ألف حساب وان يتقبلوه في دولة مدنية حديثة تعترف بكل الأطراف وتحترم حرية الرأي والرأي الآخر بديمقراطية وروح رياضية عالية .. بالإضافة إلى ذلك كله هناك تراكمات من الماضي كالتخلف والجهل والمرض والفقر وعادات وتقاليد بالية ومقيتة كالثأر الذي مر من عمر الإسلام ما يزيد على 1400 عام ومازالت قضية الثأر سارية المفعول كعادة قبلية جاهلية متوارثة في بلدان محسوبة دولاً إسلامية وعربية .. أما جماعات القاعدة في بلادنا وإرباكها وإثارتها الفوضى في المشهد اليمني فحدث ولا حرج وتأثير ذلك على اقتصاد البلاد والسياحة والسياح وفقدان الأمن والسكينة والاستقرار لدى المواطن العادي والمسؤول الكبير .. ولا ننسى أيضاً التدخلات الخارجية في بلادنا وغزو رياح العولمة في هذا العصر. كل تلك الأحداث الطاغية على المشهد اليمني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه جاءت متزامنة مع ما يسمى بتسونامي الربيع العربي الذي اكتسح بعض أنظمة الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن ومن ثم سوريا التي مازالت ثورتها الشبابية والشعبية تناضل من أجل الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية المفقودة في أغلب بلدان الشرق الأوسط والعالم العربي أجمع .. وبالعودة إلى التساؤل الذي بدأناه في مقدمة مقالنا هذا ولم نجب عليه حتى هذه اللحظة نقول: أن الذي يحدث في بلادنا نراه شيئاً طبيعياً لتراكمات كثيرة واحتقانات وأخطاء كان نتيجتها كل ما ذكرناه أنفاً وكان بمثابة الصورة السلبية القائمة لكنها مبررة ومقبولة في ثورة الشباب التي تفجرت من أجل تغيير تلك الأوضاع والأحداث والتراكمات والإرث الثقيل الذي جعل تلك الثورة تتفجر وتنشد تحريك الماء الراكد والفاسد وغير الصالح للشرب لكن المشهد اليمني الحالي له وجه آخر ايجابي ففي الوقت الذي حدثت فيه ومازالت تحدث وتتفاعل تلك الأحداث كانت هناك جهود حثيثة لرئاسة الدولة وحكومة الوفاق وللمجتمع الاقليمي والدولي وكافة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب يبذلون جميعاً قصارى جهودهم لانجاز بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة لإخراج اليمن من أزمتها وقد قطعوا أشواطاً في تنفيذها كما ذكرنا ذلك آنفا إلى ان وصلوا إلى الحوار الوطني الشامل والاقتراب من الانتهاء منه بمخرجات وتصور للدولة المدنية اليمنية الحديثة وهذا يدل على ان اليمنيين عازمون على المضي قدماً في صنع مستقبلهم ومستقبل ابنائهم ومستقبل وطنهم وأجيالهم القادمة ووضع لبنة في طريق بناء الدولة الديمقراطية والمدنية الحديثة دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وهذا هو حلم وأمل كل مواطن يمني برغم الصعوبات والتحديات والعراقيل التي تقف أمام ابناء اليمن الشرفاء الطامحين إلى تطوير وتنمية بلدهم وانتشاله من أزمته والتخفيف من أخطاء الماضي وبإذن الله سيتجاوز اليمنيون محنتهم وأن كل كل ماذكرناه من أحداث وتفاعلات هو شيء طبيعي وصحي لأن الفرج لا يأتي إلا بعد الشدة واليسر يأتي بعد العسر أو معه.
أخبار متعلقة