علي عبدالله الدويلةيعد الأديب الكبير اللبناني حسين مروة من عمالقة الفكر والأدب وكان أحد المبدعين والمفكرين القلائل الذين ساهموا في التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.يقول الأستاذ حسين مروة إن الثقافة الإنسانية تعني مجموعة من المفاهيم والقيم المادية والمبادئ الإنسانية الراسخة الجليلة التي تفسر كل الحقائق الموضوعية المهمة حيث أنها تتأثر وتؤثر نتيجة العلاقات الإنسانية وتعبر أيضاً عن التفاعلات الإنسانية بين الناس سواء أكانت إيجابية ومنها الاحترام والعدل والتسامح والرفق، أو وسلبية ومنها التكبر والظلم والاستبداد. ولقد لعبت الحركات الوطنية السياسية في مختلف الدول العربية دوراً حقيقياً وتحريضياً في سبيل الاستقلال الوطني وإسقاط الأنظمة الفاسدة وحرية الإنسان والعدالة الاجتماعية ولأجل إقامة النظام الديمقراطي العادل الذي يسوده الأمن والاستقرار وأصبحت العلاقة بين الثقافة الإنسانية والحركات الوطنية السياسية وطيدة تحمل معاني سامية تتجسد من خلال الأفكار الإنسانية التي يستطيع من خلالها الإنسان أن يتحرر من قيود القهر والظلم والاستبداد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ويعبر تعبيراً صادقاً ومباشراً ويدافع عن حريته وعدالته بشكل مطلق.كما يقول الأستاذ حسين مروة : لقد حاولت القوى الرجعية أن تلفق لنا التهم الباطلة وهذا مما يكثر ترددها اليوم على بعض الألسنة والأقلام الشريفة التي عابتها الرجعية وقوى الاستعمار معاً في بلادنا العربية لتصنع الأشواك والصخور في طريق الفكر التقدمي الإنساني الذي يتضمنه أدبنا الجديد وحيث أن الأدب التقدمي الجديد بوصفه أدباً واقعياً له مواقف معينة تجاه القضايا الوطنية الاجتماعية والسياسية قد جرد نفسه من جمالية الفن ونزل عن الخصائص الشخصية التي هي تعتبر مصدر القيم الجمالية في العمل الأدبي بمجرد اهتمامه بالتعبير عن حرية الإنسان كما أنهم يريدون أن يوهموا بسطاء الناس ويخدعوا ذوي النية الطيبة من الأدباء الذين لايزالون متمسكين بمفهوم الطريقة الشكلية في الأدب.وحيث يحرص بعض أولئك الزاعمين حرصاً عجيباً على الإدعاء القديم بأن السياسة تفسد الأدب وأن حالة الفن تأبى أن يكون الأدب إلا تعبيراً عن هواجس الأديب وأحلامه الذاتية وتجربته الانفعالية الخاصة، وكيف تناول في تعبير عن الكثير من القضايا الإنسانية منها السياسية والاجتماعية التي في الحقيقة اليوم تشغل حياة الكثير من الناس ويكاد أن يكون انحطاطاً به على مستوى الفن الرفيع وجعله أداة للدعاة الحزبية أشبه ما يكون بالنشرات الصحفية أو التقارير والبلاغات التي تصدرها الأحزاب السياسية والجمعيات.وهذه التهمة الملفقة رغم كونها لا تثبت أمام التمحيص لبطلان إدعائها من الأساس ولكنها في الحقيقة قد خدعت الكثير من المثقفين والأدباء وفي هذا من الخطر ما لا يدعو إلى عزل مطلق الفنون عن قضايا الحياة العامة وعن القضايا الوطنية الخاصة والغرض من هذه الدعوة أن تخص الحركة التحررية الوطنية في بلداننا العربية التي تعتبر هي قوة عظيمة والقوة المؤثرة في الجماهير التي في حد ذاتها هي صانعة القرار السياسي باعتبار أن الشعب هو الذي يحكم نفسه. فإذا دخلت قوة الأدب والفن في معترك النضال السياسي الوطني الجماهيري بإمكانها أن تبصر حركة هذا النضال بحقيقتها وبدوافعها الواقعية المتطورة وبإمكانها أيضاً أن تشد عزائم المناضلين وتنير لهم الطريق نحو المستقبل المشرق الحافل بالعطاء الفكري والنهوض الثقافي ونحاول دعم إيمانهم بالقضية التي هي محور النقاش في سبيلها يناضلون لأن الحركة السياسية الوطنية بحاجة إلى دعم ومساعدات إنسانية تقف بصلابة وثبات في مواجهة قوى الاستعمار والرجعية وكل ما تستطيع تعبئته من وسائل الإرجاف والتضليل وأخطر هذه الوسائل أن يقوم في روع الأدباء العرب أن دخولهم معترك هذا النضال يفسد عليهم خصائص الجمال الفني في أدبهم فيؤدي بهم إلى اعتزال الحياة العامة وإلى الوقوف من القضايا الوطنية السياسية والاجتماعية معاً موقفاً سلبياً في ظاهره وهو في حقيقته الواقعية العملية ينتهي إلى موقف إيجابي رجعي لأن معناه بالواقع خسران القضايا الوطنية وهذه القوة الديناميكية يستطيع من خلالها الأدب الديمقراطي أن يدفع بها حركة الجماهير المناضلة لأجل تحقيق السلام والاستقلال الوطني.وهذا هو وجه الخطر الحقيقي في تلك التهمة الموجهة كما يدينها الأستاذ الكبير حسين مروة وأما وجه البطلان فيها فقد كشف عنه القناع من جهتين: أولاً من جهة الأدب التقدمي، وثانياً من جهة الأدب الرجعي ذاته وهذا مما جعل أولئك الأدباء يتطاولون علينا ويتهمون أدبنا التقدمي الإنساني بأنه فقد قيمته الفنية وروحه الجمالية الخالدة لمجرد أن لهم مواقف اجتماعية وسياسية في معترك النضال الاجتماعي والسياسي وقد ضرب الأمثال بأدب عمر فاخوري والجواهري والرصافي ووصفي قرنفل فإن لهؤلاء المبدعين والمفكرين الأدباء مواقف سياسية ونضالية شجاعة معروفة وواضحة النطاق تجسدت من خلال أعمالهم الشعرية والأدبية ولذلك فلا يوجد في أدبهم نقص من حيث الشكل والمضمون أو في عنصر الجمال الفني بل يعتبر أدبهم في الحقيقة من صميم الأدب التقدمي الإنساني الذي يتناول جوهر الواقعية الجديدة من حيث المحتوى الفكري والصياغة الفنية.
|
ثقافة
حسين مروة..والثقافة الإنسانية
أخبار متعلقة