د . وجــــود حســـن مجلـــيوفقاً للأمم فإن اليمن في المرتبة (151) من بين (171) على مؤشر التنمية البشرية لمقياس متوسط العمر، التعليم والمعيشة، وهذا، بالتالي، يعني أنها أفقر دولة عربية، حيث يتجاوز مستوى الفقر 45 % (خمسة وأربعين بالمائة) من مجموع السكان.[c1]فكيف يمكن القضاء على الفقر وتحقيق النهضة؟[/c]إن المرأة اليمنية العاملة هي المفتاح للقضاء على الفقر المدقع في اليمن، فكلما زاد عدد النساء العاملات اليمنيات، أصبحت البلد أكثر ثراءً وتخلصت من داء الفقر، وأصبحت البلد أكثر استقراراً واعتماداً على مصادرها الداخلية، عوضاً عن التموين الخارجي المُسَيَّس لأجندات خاصة.المرأة اليمنية العاملة هي الخطوة الصحيحة والمضمونة للقضاء على الفقر في اليمن، هناك حوالي (12 مليون) امرأة في اليمن، وهذه قوة عاملة محتملة كبيرة إذا ما تم إتاحة الفرص أمامها وخلق فرص عمل وتدريب لها.هناك أقل من (25 %) من النساء اليمنيات يعملن في المجتمع، كما يوجد ما يقارب (60 %) (ستين بالمائة) من النساء اليمنيات اللواتي لا يحصلن على تعليم، فإذا تمت زيادة عمل النساء اليمنيات في المجتمع فإن الاقتصاد اليمني قد يتضاعف إلى ثلاث مرات أمثاله حالياً.[c1]لماذا الدول المتقدمة غنية؟[/c]لنأخذ أحد البلدان الغنية بالنفط مثلاً، كالنرويج، مستوى معيشة الفرد في هذه الدولة يعتبر من أفضل المستويات في العالم حسب تقرير الأمم المتحدة، كل عائدات النفط يتم حفظها في صندوق حكومي للادخار يحتوي الآن على أكثر من (608 بلايين دولار) (ستمائة وثمانية بلايين دولار أمريكي)، لم يتم استخدام أي دولار واحد من عائدات النفط حالياً، بل تقوم الدولة بحفظها للمستقبل والمائة عام القادمة.يتضح من ذلك أنه بالرغم من وجود النفط وعدم استخدام عائداته وإنما حفظها في (النرويج) إلا أن البلد تتربع على عرش أغنى الدول في العالم وذلك لسبب رئيسي واحد، النساء العاملات في (النرويج).النفط ليس أكبر مصدر للثروة في (النرويج)، وإنما المرأة العاملة والقوى البشرية هي التي كوّنت ثروة جعلت البلاد تتصدر اللوائح والدراسات في تجربتها الناجحة، إن المرأة العاملة أكبر قيمة من النفط المخزون في جوف الأرض النرويجية والذي لم يتم استخراجه بعد.زادت مشاركة النساء في القوى العاملة من (50 %) في عام 1970م إلى (77 %) اليوم في 2013م.[c1]مثال آخر من البلاد العربية:[/c]حققت (المملكة الأردنية الهاشمية) محو الأمية الكامل لكلا الجنسين، ولذلك، فإن الاقتصاد الأردني قوي جداً بالرغم من وجود موارد وثروات اقتصادية محدودة جداً في (الأردن)، والسر في ذلك هو أن النساء العاملات تمثل نسبة مئوية مرتفعة في هذا البلد، ولذلك لا توجد نسبة فقر كبيرة كبعض الدول العربية، بالرغم من وجود البترول، حقق (الأردن) اقتصاداً مناسباً وكبيراً جداً، وقد ساعد عمل المرأة الأردنية في إنتاج الفرص الأفضل لبلد قليل الموارد الطبيعية كالأردن.لقد أثبتت التجارب في البلدان المختلفة وفي مقدمتها (النرويج). إن المرأة قادرة على خلق مثل هذه القوة الاقتصادية، وأن عملها قيمته أكثر وأكبر اقتصادياً من النفط، إنه أمر مدهش، على أن السؤال الذي يبرز هنا: لماذا هذا العدد الكبير من النساء العاملات في (النرويج). وذلك بسبب سياسة اجتماعية مخططة بعناية.المرأة اليمنية إذا حشدت وجرى تحريكها والزج بها في مجال العمل، يمكن أن تخلق فرصاً كبيرة جداً للتطور وتجعل اليمن غنية بدون الرجوع إلى المصادر الزائلة كالبترول في السنوات القليلة القادمة، كما أن المرأة اليمنية إذا دفعت إلى ميدان العمل وتم تحريكها وحشد طاقاتها فإنه من المؤكد أن ذلك سيجعل ذلك البلد أكثر ثراءً وتطوراً في وقت قصير، وهكذا يزول الفقر وتعود اليمن سعيدة مرة أخرى.[c1]أساطير أم حقائق ؟[/c]هناك العديد من الصور النمطية والخاطئة عن المرأة العاملة في اليمن. إذ ينظر إليها بنظرة شك ودونيّة، ويسود اعتقاد خاطئ مفاده أنها غير قادرة على تنفيذ عملها بدقة كالرجل، كذلك فإن الأم العاملة قد تبدو أنانية في نظر المجتمع، ومصدر ذلك هو الاعتقاد السائد أيضاً بأن الأم العاملة لا تستطيع توفير الوقت المناسب والتربية الممتازة للأطفال، وعلى هذا الأساس يفضل الرجل المرأة غير العاملة، بالرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تتطلب من المرأة المساهمة في تحمل تكاليف الحياة بالدخول إلى ميدان العمل، وبالرغم من ذلك يفضل معظم الرجال المرأة اليمنية التي تبقى في المنـزل، تنظف، تطهو وتكوي وتربي الأطفال.لقد أظهرت دراسات علم النفس وأثبتت أن هذا النوع من التفكير خاطئ جداً، الدراسات أثبتت أن الأمر على العكس تماماً من هذا الاعتقاد الخاطئ السائد، إن الأطفال من الأسر التي تعمل فيها الأمهات، يتفوقون بشكل جيد في العديد من مجالات الحياة، مثلاً، الأطفال من الأسر التي تعمل فيها الأم، يميلون إلى الحصول على مزيد من التعليم وفرص عمل أفضل مما هو عليه الحال في الأسر التي لا تعمل فيها الأم، كذلك أظهرت الدراسات أن النساء والأمهات اللواتي يفضلن البقاء في المنـزل لسن أكثر سعادة من الأم العاملة. الأمهات اللواتي لا يعملن، يصبحن أكثر عرضة للحزن والغضب ونوبات من الاكتئاب من النساء العاملات وبالتالي يتعرض الأطفال لنوبات غضب من قبل الأم ويصبحون هم الضحايا للاكتئاب.إن المعتقدات النمطية بأن المرأة العاملة سيئة التأثير بالنسبة للأطفال هي مجرد أساطير تم دحضها عن طريق الدراسات والحقائق والعلم، لا بد أن نقضي على الطرق البدائية في التفكير وأن نعطي المرأة اليمنية أكبر قدر ممكن من الاهتمام والدعم لممارسة فضيلة العمل العام، لأن العمل هو الطريق إلى يمن سعيد (حي على خير العمل)؟!قبل وخلال وما بعد الانتفاضات الثورية اليمنية بين عامي 2011 و 2012م، أثبتت المرأة مراراً وتكراراً أنها قادرة على العمل وأصبح أكثر فهماً واقتناعاً اليمنيون بأن المرأة هي القوة القادمة ولا بد من التعاون معها لإيجاد الطريق الأفضل.[c1]النساء أكثر من الرجال في الجامعات :[/c]ببطء ولكن بثبات، سجلت المرأة اليمنية تزايداً في الحصول على التعليم، تماماً كما كانت النساء في معظم البلدان العربية، لم يكن يسمح للفتيات اليمنيات في الشمال الذهاب إلى المدرسة حتى ثورة 1962م، الآن نحو (55 %) من طلاب الجامعات اليمنية هم من الإناث بالرغم من عددهم القليل في التعليم بشكل عام، كذلك صار معلوماً بأن اتجاهات مماثلة يمكن أن ينظر إليها في بلدان عربية أخرى كالكويت، وقطر، حيث أن النساء يُشكلّن الآن (70 %) (سبعين بالمائة) من الجسم الطلابي في الجامعات.على نطاق أوسع في المنطقة العربية، متوسط الوقت في المدرسة للفتيات قبل سن (الخامسة عشرة) قد ارتفع اليوم من مجرد ستة أشهر عام 1960م، إلى (4,5 %) (أربع سنوات ونصف)، وبالرغم من ذلك فإن الأرقام ما تزال غير كافية ولا بد من بذل المزيد من الجهد بالرغم من حقيقة أن تعليم الإناث في البلدان العربية قد تحسن مما كان عليه سابقاً، في (تونس) مثلاً، تم تضييق الفجوة التعليمية ما بين الشباب والشابات بنسبة (80 %) منذ عام 1970م.حقق (الأردن) محو الأمية الكامل لكلا الجنسين، ولذلك، فإن الاقتصاد الأردني قوي جداً بالرغم من وجود موارد وثروات اقتصادية محدودة جداً في هذه الدولة، النساء العاملات يمثلن نسبة مئوية مرتفعة في هذا البلد، ولذلك لا توجد نسبة فقر كبيرة كبعض الدول بالرغم من وجود البترول فيها.ذكرت مؤسسة (فريدوم هاوس) أنه في حين تم تسجيل (73 %) (ثلاثة وسبعين بالمائة) من البنين في المدارس الابتدائية في المناطق الريفية في اليمن، فإن (30 % (ثلاثين بالمائة) فقط من الفتيات تم تسجيلهن، لا بد، إذن، من دفع الفتيات للحصول على تعليم أكبر حتى يتسنى لليمن أن يتقدم إلى الإمام ويحقق النمو الاقتصادي اللازم.[c1]الديمقراطية هي الطريق لاقتصاد أفضل :[/c]اليمن يتشاور مع الدول الراعية له ويبحث عن وسيلة وأفضل طريقة ليتقدم للأمام، العديد من الناس يتوقون إلى الرجل القوي الكفوء الذي يحكم البلاد ويؤمن بالاستقرار، والبعض الآخر يتوقون إلى الديمقراطية حيث يتم تقاسم السلطة والشعب هو الحاكم، دعونا ننظر إلى ماذا سيكون هو الأفضل بالنسبة للاقتصاد اليمني.أظهرت رسالة دكتوراه عام 2011م في العلوم السياسية والتي اعتمدت على تحليل المعطيات في (150) بلداً لـ (180) سنة ماضية أن الديمقراطية هي جيدة جداً بالنسبة للاقتصاد. ( الرسالة المذكورة والتي تحمل عنوان: (الآثار الاقتصادية للديمقراطية والدكتاتورية)، والتي تمت مناقشتها في (جامعة أوسلو) لا تترك أي شك في ذلك.في الدول الديمقراطية الناتج المحلي الإجمالي (مجموع ما تنتج البلد سنوياً) يزيد نسبة (1,5 %) (واحد ونصف بالمائة) أكثر من الدول الدكتاتورية.بالنسبة لأولئك الذين يخشون من أن تؤدي الديمقراطية إلى عدم الاستقرار، فإن الدراسة المذكورة قد أظهرت أن الديمقراطية في الواقع تعطي مزيداً من الأمن للممتلكات وبيئة مناسبة للقيام بأعمال تجارية مع حقوق متساوية للجميع.[c1]النساء يقدن إلى الاستقلال :[/c]اليوم، يعتمد اليمن إلى حد كبير على البلدان الصناعية والمتقدمة الأخرى، ولكي يصبح اليمن دولة مستقلة، تعتمد على نفسها بدون الاحتياج إلى مساعدة الآخرين، لا بد من نشجع وندفع المرأة اليمنية إلى ميادين العمل والتعليم، لا بد من توفير بيئة مناسبة، آمنة وحرة للمرأة. إن المرأة العاملة هي المفتاح ليمن قوي، مستقل، آمن ومتقدم. اليوم (42 % (اثنان وأربعون بالمائة) من سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وهذا الوضع المأساوي لن يزول إلا إذا نشرنا التوعية والتعليم بأهمية دور المرأة اليمنية بمشاركتها في المجتمع.لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العديد من البلدان الأقل نمواً من اليمن قد نجحت في الوصول إلى التغيير المنشود والدفع بالاقتصاد إلى الأفضل عن طريق منح المرأة فرصاً واسعة في التعليم والعمل.
|
آراء
كيــف نحقــق النهضـــة فـي اليمـــــن؟
أخبار متعلقة