قصة قصيرة
انتقل ( علوان ) إلى باريه بعد انقضاء سبعين عاماً من عمره، مخلفاً وراءه أربعة صبيان وبنتين. كان أحمد أكبر أبنائه سناً. وقد نال قسطا بسيطاً من التعليم غير النظامي في إحدى كتاتيب القرية. استشعر أحمد بمسؤولية جسيمة، وتحمل أعباء الأسرة وإعالتها وتوفير متطلبات الحياة الضرورية لها، وكان لزاما عليه أن يبحث لنفسه عن أي عمل شريف يقتات منه، ويسد به رمق الأسرة. وقد كان من المتعذر الحصول على وظيفة في ظل الحكم الإمامي إلا إذا كانت لك واسطة كان أحمد شاباً وديعاً ، خلوقاً، فقد رباه والده تربية صالحة، وغرس في نفسه قيم المحبة والإنسانية والنزاهة والإخلاص.واستطاع ( أحمد ) أن يقابل الإمام أحمد في أحد أيام المقابلات وشكا له حاله، وخرج من المقابلة يحمل أمراً بالحاقه بعسكر الإمام في إحدى المناطق. فرح ( أحمد ) فرحاً شديداً بهذه الوظيفة التي كان يحلم بها، والتي نادراً ما يحصل عليها أي شخص آخر. ومر عام ولم يستطع أحمد أن يوفر شيئاً من معاشه لإرساله لأهله.. ولم يشعر بأي تحسن في معيشته ، ولذلك أخذ يتذمر من ضآلة معاشة الشهري، بينما كان زملاؤه من « العساكر» الذين يتقاضون نفس المعاش مرتاحين أشد الارتياح بوظيفتهم التي يكسبون منها أكثر فأكثر يومياً، ولا تعرف الشكوى سبيلا إلى نفوسهم قط. وعاد أحمد شاكيا من معاشه الضئيل لدى الإمام فأبتسم الإمام في وجهه وقابلة بهدوء : “ إنني لم أعطك معاشا ، بل أديتك وظيفة يا بني ! ألا تفهم ..” .