لم تكتفِ جماعة (الإخوان) بكل الجرائم التي ارتكبتها في حق مصر والعرب والإسلام، سواء قبل وصولها للحكم أو خلال العام الأسود الذي حكمت فيه مصر حتى أسقطها الشعب بثورته العظيمة في 30 يونيو. الآن تتجاوز الجماعة كل الحدود. لم تعد تخفي أنها جزء أصيل في تحالف الإرهاب الذي أعلن الحرب على مصر وشعبها. ولم تعد تخجل من تسول القوى الأجنبية للتدخل في مصر على وهم أن من أوصلوها للحكم مرة قادرون على إعادتها إليه رغم إرادة الشعب.ما يسمونه «تحالف دعم الشرعية» هو في حقيقته «تحالف دعم الإرهاب». يضم الجماعة مع باقي الجماعات التي تمارس العنف باسم الإسلام المفترى عليه، ومع شخصيات لم تتورع قبل 30 يونيو عن تهديد المصريين بأن قتلاهم في النار وقتلى التحالف الإجرامي في الجنة، ولم تتورع بعد الإطاحة بحكم الإخوان الفاشي عن نشر إرهابها من حدود سيناء إلى قلب القاهرة.لم يعد ممكناً الفصل بين محاولات تعطيل الحياة واحتلال مرافق الدولة وتحويل الجامعات إلى ساحات صراع بزجاجات المولوتوف، وبين جرائم الإرهاب واستهداف الجنود في سيناء، ثم محاولة التمدد بالإرهاب وتوسيع نطاقه إلى كل أنحاء مصر بعد الضربات الشديدة التي تلقتها عصابات الإرهاب في سيناء.أصبح المخطط واضحاً: تشتيت انتباه أجهزة الأمن بالشغب المستمر، واستنزاف قوى الدولة بمحاولة تعطيل الحياة والإضرار بالاقتصاد. بينما يضرب الإرهاب الذي كان حكم الإخوان قد أعطاه الفرصة كاملة لتثبيت أقدامه في سيناء، ولتوسيع قواعده في أنحاء البلاد.لا يهم هنا أن تتضاءل التظاهرات لتصبح قاصرة على بضع مئات يفرون بعد قليل من غضب الجماهير. فوسائل الإعلام الموالية كفيلة بتزييف الحقائق، وقناة «الجزيرة» ستقوم بالواجب!ولا يهم أن يتراجع الإرهاب بعد الضربات القاصمة التي تلقاها من الجيش والشرطة، فهو يستطيع أن يوجه ضربات يائسة هنا وهناك حتى لو كانت - عند المصريين جميعاً - هي جرائم خيانة عظمى للوطن.في الأسبوع الماضي، كانت هناك عملية إرهابية فاشلة، في مدينة الإسماعيلية لكن الهدف كان واضحاً. ان تضرب مؤسسة عسكرية حتى ولو كان مبنى إدارياً للمخابرات العسكرية، وان يقترن الأمر بمدينة الإسماعيلية مقر هيئة قناة السويس لإعطاء الإحساس بأن الإرهاب يقترب من القناة. وكان لافتاً أن يأتي الحادث بعد أيام من تصريح لقائد الجيش الثالث المسؤول عن المنطقة بأن هناك مؤامرة تجرى وراء وهم «تدويل قناة السويس»!!الاعتداء الجبان لا يحتاج لإمكانيات، ولا يثبت شيئاً إلا أن المؤامرة على مصر مازالت مستمرة، وأن الإخوان وباقي جماعات الإرهاب ليسوا إلا أدوات فيها. وأنهم قد باعوا كل شيء حين تجاوزا كل الخطوط الحمراء التي تحكم حركة المجتمع المصري بكل أطيافه.الجريمة البشعة التي ارتكبها الإرهابيون في كنيسة العذراء بمنطقة «الوراق» تمثل نقلة مهمة في توجهاتهم. الآن يتجهون لقتل المدنيين بعد أن كانت قنابلهم ورصاصاتهم توجه أساساً لرجال القوات المسلحة والشرطة. عندما تسكن 13 رصاصة جسد الطفلة مريم إحدى ضحايا الحادث الإجرامي فنحن أمام نوعية من الإرهابيين لا تنتمي للبشر. وعندما يتم الاعتداء بهذه الصورة على مواطنين أقباط، فالرسالة واضحة والمؤامرة قد يتم استكمالها بعدوان مماثل على أحد المساجد لتفجير الصراع.المصريون واعون لذلك. المسلمون العارفون بدينهم السمح يحتضنون أشقاءهم في الوطن. والأقباط يقدمون نموذجاً في الاعتزاز بوطنهم. بعد 30 يونيو تمت مهاجمة أكثر من ثمانين كنيسة وإحراق بعضها وتدمير بعضها الآخر. رد فعل البابا تواضروس كان «إن هذا فداء لمصر». مع الحادث الأخير كان الرد: إن من قتلوا الأقباط هم أنفسهم من قتلوا جنود مصر في سيناء وفي كل أنحاء مصر.اللافت للانتباه هنا هو رد الفعل الأميركي والأوروبي بهذا الشأن. الذين كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها مع أي حادث طائفي في مصر، ظلوا ساكتين على حوادث حرق الكنائس والهجوم على الأقباط ومحاولة تهجيرهم على يد الإخوان وباقي الجماعات الإرهابية، لكن المثير أنهم لا يريدون الحديث عن «الإرهاب» المسؤول عن الهجوم والذي تخوض مصر معركة طاحنة في مواجهته.طوال الفترة الماضية كانوا يتعاملون مع ما يحدث في سيناء باعتبارها «أعمال عنف» أو «هجمات من متمردين» حتى الآن - وبعد حادث الكنيسة - والتفجيرات المتوالية، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية - مازالوا يتهربون من الإقرار بأن مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب. بل إننا نسمع الآن من يتحدثون في واشنطن عن مسؤولية الحكومة المصرية في حماية الأقباط، دون أن يتحدثوا عن مسؤولية حكومتهم في دعم الإرهاب ومساندتها لجماعة «الإخوان» حتى الآن، ومنع توريد أسلحة لجيش مصر وهو يحارب عصابات القاعدة وباقي التنظيمات الإرهابية التي امتدت هجماتها من سيناء إلى باقي مدن مصر.الآن تعترف واشنطن بأن حكم مرسي كان فاشلاً، ويشير وزير خارجيتها جون كيري إلى ثورة المصريين على هذا الحكم في 30 يونيو، لكن واشنطن، وأوروبا أيضاً، لا تريد الإقرار بأن رهانها كان خاطئاً من البداية حين دعمت الإخوان، بل إن واشنطن وأوروبا مازالتا تواصلان الضغوط حتي يظل تنظيم «الإخوان» على قيد الحياة، لعل وعسى.مصر لم تكن واهمة حين قررت الدخول في حرب ضد الإرهاب ولا حين قرر شعبها إسقاط الحكم الإخواني الفاشي. كانت تعرف أن المعركة لن تكون سهلة، ولكنها كانت واثقة أنه حين تتحد إرادة الشعب، وحين ينحاز الجيش لهذه الإرادة فإن نتيجة المعركة محسومة لصالح مصر، ونهاية الإرهاب والفاشية لا شك فيها مهما كانت التضحيات.
تحالف دعم الإرهاب.. والمؤامرة على مصر
أخبار متعلقة