لقد مل الكثير من الناس سماع خطب أغلبية مسؤولينا المتنفذين علينا يزعجوننا بها ليلاً ونهاراً ولا يطبقونها على أنفسهم نعجب بهم حين يلقونها علينا ولكن في الأخير نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً وكأن حالهم يشبه حال الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون.وقد غضب الحكيم العليم على الذين يقولون ما لا يفعلون وسماه في قرآنه مقتا. ان عدم تطابق الفعل مع القول في سلوك أي شخص يتولى مسؤولية داخل أي مجتمع يجعل أفراد هذا المجتمع يفقدون ثقتهم بهذا المسؤول الذي يتحكم بأمورهم وارتضى أن يجعل نفسه أحد الأبواق الناعقة أو الطبول الفارغة التي لا نفع فيها سوى أنها آلة للكلام و(الهدرة) ولا تحقق آمال وطموحات الناس وما أكثر المسؤولين الذين يتصفون بهذه الخصلة السيئة في حياتنا المعاصرة.. قال الشاعر:يعطيك من طرف اللسان حلاوةويروغ منك كما يروغ الثعلبوأفضل من هذا كله ما جاء في القرآن الكريم عن الشخص الذي يخالف قوله فعله وما بداخله.قال الله عز وجل: «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد». إن هذه الازدواجية بين القول والفعل تجعل من الإنسان المتصف بهذا السلوك شخصيتين في شخصية واحدة مريضة وغير منسجمة مع نفسها لأن الإنسان السوي تتطابق أفعاله مع أقواله وأن حصل ازدواج بين القول والفعل فصاحب هذا الفعل معلق بين الكذب والنفاق متى سيستشعر مسؤولونا هذا الازدواج بين وأقوالهم وأفعالهم ويقلعوا عن هذه العادة السيئة والمنكرة التي تؤثر على علاقة المرء بالآخرين وتمس مصالح الأمة والمجتمع لأن المتناقض في سلوكه وأقواله يتحكم بمقدرات الناس وحياتهم ومعاشهم . بقي أن نذكر حكاية أو واقعة حديثة حدثت من واقع الحياة حين طلب مكتب الأوقاف من أحد خطباء المساجد أن يعد خطبة عصماء عن الصدقة والزكاة والحض على البذل والعطاء وهذه الخطبة وعنوانها تتنافى مع قناعة ذلك الخطيب المتصف والمعروف بالبخل الشديد والشح وعدم التصدق فعكف يعد الخطبة ويجهزها ليوم الجمعة ومع حرصه على حب المال وعدم التفريط به وعلمه بقول النبي صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة إلا أنه لا يتصدق وعندما صعد فوق المنبر وألقى خطبته حول الزكاة والصدقة والحض على البذل والعطاء سمعته زوجته يخطب في المسجد وهذه الزوجة تتميز بالبذل والعطاء والكرم وتتصدق كثيراً لم تصدق أن الذي يخطب في المسجد عن الزكاة والصدقة هو زوجها وعندما تأكدت بأنه هو قامت بإخراج كل شيء في المنزل وتصدقت به ولما حضر زوجها إلى المنزل أمرها أن تحضر له الطعام فقالت له لقد أخرجت كل شيء من المنزل وتصدقت به حتى الغداء لأنني لم أصدق بأن الذي كان يخطب في المسجد هو زوجي إلا بعد أن تأكدت من جيراني بأنه أنت الرجل البخيل الذي يخطب عن البذل والعطاء فصاح الزوج في وجه زوجته : يا مجنونة تلك كانت الخطبة للناس وليست موجهة لي حسب طلب مكتب الأوقاف لأننا نؤدي وظيفة للحكومة تريدين أن نخسر هذه الوظيفة!! فردت عليه تلك الزوجة الكريمة بقول الله عز وجل “ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون” وبهذه الآية الكريمة تكون الزوجة قد أفحمت زوجها المتناقض بين قوله وفعله .. وقالت له أيضاً متى سنستمع قليلاً من الكلام ونلمس كثير من العمل ؟!.
|
آراء
متى ستتطابق أفعالنا مع أقوالنا..؟!
أخبار متعلقة