لقد تكررت في الايام الأخيرة حوادث قتل كبار الضباط العسكريين والأمنيين في بلادنا، فكثيرا ما نسمع عن قتل هذا الضابط او ذاك، في هذه المنطقة او تلك، بعد ان كنا نسمع عن حوادث قتل كثيرة هنا او هناك، وهو ما يشير الى اختلالات أمنية بارزة في مجتمعنا، وغياب قوانين الضبط الجنائي، وما يرتبط بها من محاكمات عادلة وعقوبات رادعة، مما أدى الى فقدان هيبة الدولة، وسيادة قوانين الغاب، وكثرة حوادث القتل، وبسبب ذلك صرنا نسمع كل يوم عن حوادث القتل المتعددة بحيث صار الواحد منا يخشى على نفسه من أن يقع ضحية لاحدى جرائم القتل العشوائي، لوجود السلاح مع كثير من الناس، بحيث صار الواحد منهم يجعل من نفسه خصما وحكما في آن معا، فهو الذي يصدر القرار في القضية التي تخصه وكأنه لا معقب لحكمه، ويقوم بتنفيذ هذا الحكم بيده دون ان يقيم وزنا لرأي الغير، وبالتالي لا يخشى ان يطاله القانون بعقوبته، أو تناله الشريعة بالحد الشرعي، لغياب الدولة وضعف مؤسساتها.وفي واقع سيئ كهذا يقوم المجرم بتلويث يديه بدم ضحيته، بعد ان يزهق روحها، متجاهلا خطورة القتل العمد، وبشاعة الجريمة التي قام بها، والتي تعتبر في نظر الاسلام اعتداء على البشرية وفساداً في الارض. قال تعالى: «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا».وبصرف النظر عن اسباب القتل والدوافع المؤدية اليه، فان استمرار حوادث القتل في مجتمعنا اليمني من شأنه ان يعرض مجتمعنا لاخطار شتى بعضها سياسية وبعضها اقتصادية واخرى أمنية.ومن الاخطار السياسية تعريض بلادنا للتحجيم السياسي والتدخل الخارجي واتهامها بايواء الارهاب، واتخاذ الارهاب ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية وتعريضها لفقدان السيادة.ومن الاخطار الاقتصادية تراجع الاستثمارات الاجنبية وتدهور الاقتصاد الوطني وضعف الانتاج وتدني الحركة التجارية وتراجع السياحة.ومن الاخطار الأمنية اقلاق السلام الاجتماعي واحداث استنفار أمني بدعوى مكافحة الارهاب، بالاضافة الى مضايقة المسافرين في المطارات او منعهم من السفر للاشتباه فيهم، او نحو ذلك من الاخطار.وبعد، الا يعلم القتلة على اختلاف انواعهم ان للانسان حرمة لا يجوز المساس بها، وان النفس البشرية مقدسة يحرم تحريما قطعيا قتلها.قال تعالى: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق» هذا بالنسبة للنفس الواحدة، فكيف يكون الأمر مع القتل العشوائي من خلال السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجوم على المعسكرات وغيرها من اساليب القتل التي يذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء.والعجيب ان معظم جرائم القتل في بلادنا ليس لها من دافع سوى حالات انفعالية حاقدة، لا تعمل أي حساب للعواقب.والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: «ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما».أي أن الذي يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وبئس المصير، وليس ذلك فحسب بل يغضب الله عليه ويلعنه مدى الدهر، ويعذبه عذابا عظيما، هذا بشأن قتل رجل واحد، فكيف الحال بمن يقتل العشرات؟.هل يعلم القتلة ان القاتل ملعون عند الله، والملعون هو المطرود من رحمة الله، والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «الانسان بنيان الله، ملعون من هدم بنياته» ويقول كذلك في حديث آخر: «العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما».ويندرج في هذا الحكم أولئكم الذين يثيرون الفتنة في المجتمع او يزرعون الفرقة بين الناس ليقتل بعضهم بعضا.وليس من شأننا في هذه المقالة المتواضعة اصدار الحكم على هذا القاتل او ذلك، ولا من اختصاصنا ان نحدد العقوبات الرادعة بشأن القتلة، فهناك القضاء الذي يتولى هذه المهمة، فهو المخول ليقول كلمة الفصل في هؤلاء القتلة، وليعرفوا موقف الدين منها، ليكفوا عن ارتكاب جرائم القتل لاي سبب كان، لان القتل محرم شرعا وقانونا، وان الجريمة لا تعالج بجريمة أخرى، وان الانسان لا يصح ان يكون خصما وحكما في وقت واحد فلا يجوز للمرء ان يستبيح لنفسه حسم خلافه مع غيره بالقتل مهما كانت الاسباب والدوافع.
|
آراء
في حوادث القتل المتكررة
أخبار متعلقة