أ. خالد سيف سعيدفي صبيحة ذلك اليوم فوجئت بخبر رحيل الشاعر والباحث الأستاذ إسماعيل الوريث رحمه الله وطيب ثراه.. وأنا أقلب صحيفة (14أكتوبر) الصادرة يوم الاثنين الموافق الثاني من سبتمبر 2013م.. وكوني قد أعتدت أولاً على تصفح الصفحة الثقافية.. ولكن للأسف وجدت ذلك المانشيت العريض على الصفحة مخبراً بـ(رحيل الشاعر إسماعيل الوريث في صنعاء).. كان للخبر وقع خاص على نفسي كالفاجعة المؤلمة برغم أن إيماني كامل راسخ بالله وبقضائه وقدره الذي لا راد له.. لكنني تألمت أشد الألم لرحيله.لذا أجد نفسي ملزماً بالكتابة عن فقيد الحركة الثقافية والأدبية في اليمن الراحل إسماعيل الوريث.. وتعجز الكلمات أن تصف شخصية علمية وأدبية بمثل قامة ذلك الشاعر والباحث دمث الأخلاق.. والخلوق بانضباطه في أدبه وحياته ومعاشرته للآخرين، فكيف بأمثالي أن يصف الفقيد إسماعيل الوريث الشاعر والباحث، ومن أين أبدأ في كتابة سطور هذه الذكريات التي مازالت تقطر حزناً بفقدان فقيد الكلمات ومبدعها الأستاذ إسماعيل الوريث. كان أول لقاء لي بالفقيد الراحل الأستاذ بصنعاء في مركز الدراسات والبحوث اليمني أثناء تواجدي فيه لأول مرة.. وذلك في يوليو عام 1992م.. بعد حصولي على مذكرة توظيف من مكتب الخدمة المدنية بعدن موجهة لوزارة الخدمة المدنية بصنعاء، وكان الفقيد حينها رئيساً للدائرة الأدبية بالمركز، دخلت إلى المكتبة لأسأل عن الشؤون الإدارية بالمركز.. أجابني قائلاً: أنت من عدن فرحب بي.. أهلاً بأهل عدن وناسها الطيبين.. لقد فاحت رائحة عدن الزكية في مكتبي.. تفضل أجلس، فجلست وظل يحدثني عن أسرة آل الوريث التي نزحت إلى عدن من ظلم الحكم الاستبدادي الإمامي آنذاك.. وعن عدن فوصفها بأنها جنة اليمن وملجأ للأحرار اليمنيين.. ومنارة الإشعاع والإبداع.. وتبادلنا الحديث وبعد ذلك حدثني عن المركز وأهميته ودوره في البحث العلمي والدوائر البحثية المتواجدة فيه ومهامها في العمل البحثي.. ثم قام وامسك بيدي فخرجنا من مكتبه إلى مكتب آخر - مكتب رئيس المركز أ.د. عبدالعزيز المقالح وعرفني عليه.. فسعدت حينها بمعرفتي ولقائي بالشخصية الثقافية والأدبية المرموقة الشاعر الكبير أ. د. عبدالعزيز المقالح أطال الله في عمره وبعد ذلك عرفني على كبار الموظفين والباحثين بالمركز الرئيسي.لقد منحني العزيز الراحل الأستاذ إسماعيل الوريث.. رحمه الله عطفاً خاصاً.. ومحبة خالصة وأكرمني.. فأرشدني بأن أتوجه إلى أحد الإخوة في وزارة الخدمة المدنية بصنعاء لتسهيل وإسراع المعاملة لإصدار الفتوى المالية.. ومنذ تلك اللحظة توطدت علاقتي بالفقيد الراحل بين الحين والآخر.. لقد وجدته رجلاً يحب التواضع ويعشق الكلمة الجميلة والرقيقة الهادفة التي تنبعث من القلب إلى القلب.. ومتميزاً في دماثة أخلاقه وسلوكه مع الآخرين.. فكانت كلماته دائماً تحمل الطمأنينة إلى القلب.. فما عرفناه إلا السماحة نفسها والصفح والمغفرة.. فتعلمت من شخصيته وأخلاقه الحميدة أهم دروس أدب الكلام في الحياة.فالفقيد الراحل أفنى حياته في الكتابة ووفرة في العطاء المتنوع والمتميز.. شاعراً وباحثاً.. وصحفياً، فقدم عدداً كبيراً من الدواوين الشعرية إلى جانب ذلك أبحاثه ومؤلفاته العلمية التي نشرت في “مجلة دراسات يمنية” الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث صنعاء.. وكذا مقالاته الصحفية في الصحف اليمنية.وإذا أمعنا النظر جيداً في مسيرة حياته.. نرى أنه قد اضطلع بالعديد من الأعمال والمناصب في حياته العملية التي لم تأت من فراغ وإنما نتاج جهوده المبذولة في الحياة الثقافية و الأدبية والإعلامية فكانت الآتي:أميناً عاماً لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين “لفترتين متتاليتين”.رقي إلى أستاذ مساعد - بمركز الدراسات والبحوث.مديراً للمكتبات ورئيساً للدائرة الأدبية بمركز الدراسات والبحوث.مديراً عاماً للثقافة في وزارة الإعلام. مديراً عاماً للفنون في وزارة الإعلام.مديراً عاماً في إدارة الإعلام والثقافة بمدينة ذمار.هكذا كان الفقيد إسماعيل الوريث.. رحمه الله، شاعراً، باحثاً، صحفياً متميزاً في ترجمة الأحاسيس الإنسانية في أعماله الشعرية.. وأسهم إسهاماً ضخماً في كمه وقيمته.. وإثراء المكتبات اليمنية بمؤلفاته التي شكلت تراكماً رائعاً في الحياة الثقافية والأدبية في اليمن، وشكل رحيله خسارة أدبية للوطن والأدب اليمني، بفقدانه لهذه القامة الثقافية والعلمية والأدبية المتواضعة.رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته وأغمده ثوب الرحمة والغفران وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وعوضنا الله بخلفه خيراً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
|
ثقافة
الشاعر إسماعيل الوريث.. فقيد الكلمات ومبدعها
أخبار متعلقة