على هامش الورشة الختامية لمشروع (أمن بلا نزاع)
عرض/ دنيا هانيعقدت مؤسسة عدالة للحقوق والحريات الأسبوع الماضي بعدن الورشة الختامية لمشروع (أمن بلا نزاع) في سبيل مؤسسات أمنية محترفة تستوعب متطلبات أمن المواطن والمجتمع والتي جاءت استجابة لوضع حقيقي قائم في محافظتي عدن ولحج وغيرهما من المحافظات التي تعاني عدم الاستقرار وتواجد النزاع فيها.وهدف المشروع الذي شارك فيه حوالي (30) مشاركاً ومشاركة من مختلف الجهات الحكومية والخاصة إلى نشر الوعي بالقوانين والأنظمة واللوائح الوطنية المنظمة لحياة المجتمع بالإضافة إلى القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وخلق علاقة تكاملية تحتكم إلى أشكال تنظيمية راقية ورفع مستوى درجة الشعور بمسؤولية أمن المواطن «الفرد» تجاه أمن المجتمع والتعريف بالحقوق والواجبات التي تمنع الضبابية والتداخل المضر بالعلاقة المجتمعية بين طرفي السكينة العامة..وكان عدد المستهدفين في المرحلة التمهيدية التي تم إنزال الاستبيان فيها في محافظة عدن حوالي (319) عنصراً من منتسبي المؤسسات الأمنية من مستوى الضباط والجنود، وتم استهداف (78) عنصراً من مؤسسات المجتمع المدني. وعدد المستهدفين من منتسبي المؤسسات الأمنية من مختلف التخصصات والمستويات في محافظة لحج حوالي (200) عنصر. ومن مؤسسات المجتمع المدني من مختلف الاتجاهات والتوجهات (79) عنصراً.وقد استطاعت مؤسسة عدالة للحقوق والحريات بلوغ النتائج الكفيلة بوضعها مؤشرات عمل لسياسات أمنية قادمة حرصاً على سلامة وأمن المجتمع وأداء مؤسساته الأمنية. وقد استعرضت الورشة أهم مفاهيم النزاعات ومرتكزات الدولة القانونية الحديثة، بالإضافة إلى المبادئ التي تحكم علاقة رجل الأمن بالمواطنين والتحديات الأمنية ومتطلباتها.[c1]مفهوم النزاعات[/c]١) النزاع المسلح الدولي يعني نشوب قتال بين قوات مسلحة لدولتين على الأقل كما صنفت (حروب التحرير الوطني) ضمن الحروب الدولية.٢) النزاع المسلح غير الدولي يعني قتالا ينشب داخل الدولة بين القوات النظامية وجماعات مسلحة يمكن التعرف على هويتها، وبين جماعة مسلحة تتصارع فيما بينها، ولكي يعتبر القتال نزاعا مسلحا غير دولي يتعين أن يبلغ مستوى معيناً وأن يمتد لفترة ما.٣) الاضطرابات الداخلية: تعني التمزق الخطير للنظام الداخلي نتيجة أعمال العنف عندما تستخدم الدولة القوة المسلحة لإعادة النظام أو الحفاظ عليه دون وجود نزاع مسلح كامل، وهذا لا يمثل نزاعا مسلحا مثل أعمال الشغب، الصراعات بين الفصائل، الصراع مع السلطات.٤) التوتر الداخلي: يحدث عندما تستخدم القوة في غياب الاضطرابات الداخلية كتدبير وقائي يرمي إلى حفظ القانون والنظام العام.إن الدولة القانونية الحديثة تقوم على: الدستور، سيادة القانون، الديمقراطية..[c1]مبادئ تحكم علاقة رجل الأمن بالمواطن[/c]كما ارتكزت الورشة على المبادئ التي تحكم علاقة رجل الأمن بالمواطنين منها الواجب الديني واحترام الكرامة الإنسانية وحمل الأمانة وواجب المسؤولية لحماية الحقوق والحريات والقدوة واحترام الذات والنجدة والمبادرة والمسؤولية الإنسانية.فواقع اليوم يعكس تبعات كثير من النزاعات والاختلافات الحادة البينية نتيجة غياب الثقافة الديمقراطية القائمة على الحوار والقبول بالآخر في وحدة المصالح العليا المؤطرة في نطاق التباين والتكامل. لذلك نجد أن الخلافات قد تطورت إلى صراعات تتجاوز حدود السلم الاجتماعي لتشمل القوى السياسية في السلطة وخارجها ويقود هذا الصراع والاختلاف إلى اضطرابات ونزاعات مسلحة بين الفرقاء تنعكس سلباً على الحالة العامة في المجتمع ويذهب ضحيتها المدنيون الأبرياء وعلى الرغم من حسم الخلافات جزئياً أو كلياً إلا أن آثارها تبقى لوقت أطول تؤرق أمن المواطن الذي يمثل القضية المحورية قبل كل نزاع وأثناء النزاعات وبعد النزاعات.كما أوضحت الورشة أن أمن المواطن والمجتمع برمته لا يعني سلامة حقه في الحياة فحسب بل وتأمين سبل ومتطلبات ومستلزمات الحياة والسكينة في المجتمع. أي الحفاظ على كيان أمني عام للمجتمع ومؤسساته.وإن قضية أمن بلا نزاع لا يمكن تحقيقها بمعزل عن الثقافة الأمنية والشراكة المجتمعية من خلال رسم السياسات الأمنية العامة التي تأخذ بعين الاعتبار المجتمع وخصائصه ومواءمة هذه القوانين والأنظمة مع طبيعة التركيبة السكانية وتوعية المؤسسات الأمنية ومؤسسات المجتمع بحقيقة هذا الواقع على حد سواء كي يستوعبها بعمق ويفهم محتواها والعمل بروح هذه القوانين والتشريعات والسياسات التي تحمي المجتمع وتحمي المؤسسة الأمنية في الوقت نفسه.وحتى لا تقع الثقافة التشريعية - القانونية الأمنية معزولة الجانب في سلوك رجال الأمن على مختلف المستويات فإن على هذه الثقافة أن تكتسب معاني المسؤولية من خلال استيعاب متطلبات القانون الدولي الإنساني لتتمكن من مواجهة تحديات النزاعات والاضطرابات الناشئة في أي ظرف وزمان ومكان.وتطرقت الورشة إلى الاستبيان ومخرجاته التي تم عرضها حول أداء المؤسسات الأمنية في كل من محافظتي عدن ولحج واستجابتهما لمتطلبات استقرار المجتمع كما أوضحت المؤشرات أن المؤسسات الأمنية تحتاج إلى تسوية أوضاع منتسبيها قيادة وأفراداً لوجستياً وتنظيماً وتسليحاً وتدريباً، وكشفت أن المؤسسات الأمنية تفتقر إلى ضوابط العلاقة بين رجل الأمن والمواطن، وتداخل المسؤوليات في المهام الميدانية والإدارية بسبب المستوى المتدني من الاهتمام بالأنظمة والقوانين واللوائح والتشريعات، وغياب العلاقة الودية بين منتسبي المؤسسات الأمنية العاملة في مناطق الانتشار والتمركز والمحيط المجتمعي في نطاق المسؤوليات الأمنية.والحاجة إلى عمل توعوي جماهيري لرفع مستوى الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع وضرورة الخروج من حالة اللامبالاة لدى شريحة واسعة من المجتمع تجاه الأمن العام والسكينة العامة، ورفع مستوى الشعور بالمسؤولية الفردية والمجتمعية حيث أن سوء استخدام المسؤوليات الأمنية انعكس سلباً على تضامن المجتمع في بعض الحالات مع رجال الأمن وأجهزته، وتجنب المواطنين الوصول بقضاياهم وخلافاتهم إلى الأجهزة الأمنية خوفاً من زيادة تعقيداتها والبطء في حلها، ما يجعل الاحتقان في المجتمع أكثر تعقيداً واتساعاً.[c1]تحديات أمنية[/c]وناقشت الورشة أهم التحديات الأمنية ومتطلباتها التي اتسمت بالعمق والتعقيد، الاتساع والتشعب، التعدد والتنوع. كل هذا يقود إلى التناسب العكسي الذي يؤثر به التوزيع الديمغرافي للسكان على قدرات الجهاز الأمني في تغطية المتطلبات المجتمعية من وسائل ومعدات وملاك بشري وتقنيات لتغطية الحاجة الأمنية على طول الاتساع الجغرافي. حيث إنه في وضع كهذا تحدث زيادة في مشكلات المجتمع وتنوع قضاياه وتعقيد مسارات الحياة في ظروف كمحافظتي عدن ولحج، بينما الوضع الأمني يزداد سوءاً في حين أن الاستجابة لمعالجة هذا الواقع الأمني الناشئ ضعيفة جداً من قبل المؤسسات الأمنية والأجهزة التابعة لها.واستعرضت في الورشة خلاصة مشروع أمن بلا نزاع القائم على ردم الهوة القائمة بين مفهوم الأمن كحاجة مجتمعية ودور ومكانة هذه المؤسسة في الواقع التطبيقي، وتحقيق التكامل بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأمنية، إلى جانب معالجة مشكلات واقع الأداء الأمني المجتمعي في ظروف وخصائص حياة المواطن في المحافظتين على وجه التحديد، ورفع مستوى المسؤولية الشخصية لرجل الأمن تجاه المهام المناطة بالمؤسسات الأمنية، رفع مدارك رجال الأمن الخاصة بالحقوق والواجبات الإنسانية التي كفلتها القوانين والوثائق الوطنية والدولية، وحماية رجل الأمن من الوقوع في التجاوزات الجنائية الإنسانية أثناء الاضطرابات والنزاعات والتوترات في المجتمع ورفع مستوى الثقة والوئام المتبادل بين الأجهزة الأمنية وشرائح المجتمع المختلفة.