كتب / فريد البيدقآلشعر أسبق وجودا أم النثر الفني؟يجيب كتاب الصف الأول الثانوي للغة العربية مقررا سبق (الشعر) (النثر الفني) في الوجود.لماذا كان الشعر أسبق من النثر الفني؟بدأ المؤلفون ص67 بتعريف كل من الشعر والنثر الفني وتوضيح خصائص كل منهما كما رأوها ليمهدوا السبب كما تخيلوه على النحو الآتي: (أما الشعر فهو الكلام الموزون المقفى (كما كان يعرف قديما)، أو هو الأسلوب الذي يصور به الشاعر عواطفه وإحساسه معتمدا في ذلك على موسيقى الكلمات ووزنها ودرجات التصوير وعلى عنصري الخيال والعاطفة. وأما النثر الفني فهو الأسلوب الذي يصور به الأديب أفكاره ومعانيه غير معتمد على وزن أو قافية، ويميل إلى التقرير والمباشرة).وهنا نجد الحق والزيف.كيف؟الفرق الحقيقي بين الفنين هو الوزن والقافية وجودا في الشعر وعدما في النثر الفني غير المسجوع، أما الخيال والعاطفة والتصوير فهي أشياء مشتركة بين الشعر والنثر الفني، ويبقى ادعاء استحواذ الشعر عليها ادعاء يحتاج إلى دليل وبرهان!فهل برهن المؤلفون؟لا، إنما استعملوا ما افترضوه سابقا في تأسيسهم قضية سبق (الشعر) (النثر الفني).كيف؟قالوا: (ولذلك كان الشعر أسبق من النثر الفني في الوجود).واسم الإشارة في (لذلك) يعود إلى ما سبق تقريره من استحواذ (الشعر) على الخيال والعاطفة وانتفاء ذلك عن (النثر الفني)، هكذا عرضوا القضية في صورة المسلمات، فما أسباب سبق (الشعر) (النثر الفني) على وفق هذا الادعاء؟يأتي الجواب تكرارا لما قرروه سابقاً.كيف؟قالوا: (لأن الشعر يقوم على الخيال والعاطفة، أما النثر الفني فيقوم على التفكير والمنطق، والخيال -لا شك- أسبق في الوجود من التفكير والمنطق”.هكذا يُبرهن على أسبقية (الشعر) (النثر الفني) على الرغم من عدم تحديدهم معنى (الخيال) المراد في قولهم ولا معنى (المنطق) المقصود في كلامهم، وعلى الرغم من إقرارهم في الفقرة التالية حكمهم ذاك بعدم معرفة بدء الشعر العربي في قولهم: (ونحن لا نعرف بالدقة متى ظهر الشعر العربي؛ لأن العصر الجاهلي لم يكن عصر تدوين منظم، ومعلوماتنا في ذلك لا تتجاوز أكثر من قرن ونصف قبل ظهور الإسلام، ولكننا في هذه الفترة وجدنا شعرا جيدا في صورة فنية متكاملة؛ مما يدل على أن محاولات وتطورات كبيرة في فن الشعر قد حدثت قبل ذلك بمراحل).ثم تأتي الفقرة التي أرى أنها احتوت الصدق والادعاء معا مرة أخرى.كيف؟قالوا في تذييل كلامهم السابق: (وسنبدأ بالشعر في العصر الجاهلي؛ لأنه أهم الفنين في هذا العصر، وأسبقهما وجودا، وأبرزهما مكانة).أين الصدق وأين الادعاء في هذا؟الصدق يكمن في كون الشعر أهم الفنين، ولهذا أسبابه التي لم يتعرضوا لها ولم يشيروا إليها إشارة ولم يلمحوا إليها إلماحة. أما الادعاء فهو سبق الشعر النثر في الوجود؛ لأنهم سببوا سببا لا ينفرد به (الشعر) من دون أخيه (النثر الفني). فماذا تقول أيها المعلم في هذه القضية؟أعلم أنك ستدرسها كما وردت تحسبا للامتحان، لكنني أسألك عن الوعي الأدبي وماذا سيجعلك تقول فيها؟إذا كان الأمر لم يثر فيك شيئا فهأنذا أضع القضية بين يديك حتى ترى فيها رأيك، فهيا! وماذا تقول أيها الأديب غير المتحيز لفن دون فن بعيدا عن القضية وطرحها كما وردت في كتاب الصف الأول الثانوي؟ وماذا تقول أيها الناقد؟هل يصح أن يسبق اليومي غير اليومي وجودا؟إن النثر لغة الحياة اليومية، فإذا ما بدأت الفنون فالمنطقي والأقرب أن يبدأ النثر، ويستمر زمنا ثم يُدلف منه إلى الشعر بوسيط قد يكون فن الرجز الذي يسميه النقاد حمار الشعر كما ورد في (الموسوعة العربية العالمية) في قولها: (النقاد مجمعون على أن أول الشعر العربي هو الرجز، وقد يسميه بعض النقاد حمار الشعر؛ لأن كل شاعر يركبه لسهولته. ولسلاسة الأراجيز في النظم استفاد منها الناظمون في الشعر التعليمي، فنظم كثير من العلماء أراجيز مشهورة، كأرجوزة أبان بن عبدالحميد في الفقه، وأرجوزة الشاطبي في القراءات، وأرجوزة ابن مالك الألفية في النحو).لكن أيكون الشعر هو البدء فهذا ما يحتاج إلى دليل غير ما ذكر من وجود الخيال والعاطفة في الشعر من دون النثر، فهل يُدلّل؟ أنتظر!
|
ثقافة
ادعاء سبق(الشعر)(النثر الفني) وجودا
أخبار متعلقة