البيئة المدرسية قد لا تشمل المعنى المتعارف عليه، المباني المدرسية والمرافق والساحات والحدائق والصالات الرياضية والمعامل المختبرية المجهزة ومصادر التعلّم وغرف الدراسة فحسب، بل تضم تلك البيئة في جوهرها تكثيفاً في البرامج التربوية وزيادة في الأنشطة اللاصفية وتفريغاً للكوادر البشرية المؤهلة واهتماماً بالأساليب التربوية والعلاقات الإنسانية التي تربط الأطراف العاملة في تلك البيئة من المتعلمين والمعلمين والإداريين وفتح مجالات التعبير لهم وتقبّل آرائهم وتبادل مقترحاتهم التي تنأى بهم عن أساليب العنف والقسوة وإحلال مبادئ الالتزام والحفظ والنظام مكانها، فضلاً عن الاهتمام بالأمور الصحية وتكثيف الزيارات وتبادلها والعناية بالنواحي النفسية وزيادة إمكاناتها.البيئة - أيّ بيئة كانت - لابدّ من أن تترك أثراً كبيراً تؤثر فيه على الشخصية المتعايشة سلباً أو إيجاباً، ومن هذا المنطلق أخذت البيئة المدرسية تكتسب دوراً فعّالاً في التأثير على شخصية المتعلم وتحصيله العلمي، فمتى زاد حبّ المتعلم وانتماؤه لمدرسته؛ أدى إلى ازدياد تحصيله العلمي والمعرفي واستفاد من برامجها التربوية، فيما يكون العكس صحيحاً إذا ما قلّ انتماؤه لها؛ فإنّ ذلك يزيد من صعوبة تكيفه مع برامجها ومشاريعها المختلفة وتضعف من تلقيه واستفادته العلمية والتربوية حتى يكثر غيابه ويزيد تذمّره منها وتظهر كراهيته لها متجلية واضحة في تقطّع حضوره وتسربه وتأخره اليومي.جملة المتغيرات المادية والاجتماعية والإدارية والتعليمية المتعددة التي تحكم العلاقة بين الأطراف ذات العلاقة بالعملية التربوية داخل منظومة المجتمع المدرسي ومحيطه الخارجي، هي من تُشكّل المناخ المدرسي العام الذي يعد المكون الأساس الذي يثري البيئة المدرسية بمفاهيم الإبداع والموهبة والتطوير والتحديث حيث إنّ تداخل العوامل الطبيعية والمكونات البيولوجية والعلاقات الاجتماعية والروابط النفسية والشبكات التنظيمية وما يجري من تفاعل فيما بينها يقوّي من انتماء المتعلم لمجتمعه المدرسي بعد أن يستشعر فيه الجو المناسب المليء بالراحة النفسية والأمان الاجتماعي الذي يمكنّه من تفريغ طاقاته الكامنة ويزيد من تحصيله العلمي والمعرفي.إنّ الاهتمام بالبيئة المدرسية يعد مطلباً ضرورياً من أجل إثراء العطاء التربوي وزيادة التفاعل التعليمي بين كافة أركان العملية التعليمية داخل المدرسة، ولا سيما المتعلم، فهو يقضي وقتاً طويلاً بمعية بقية أركان مجتمعه المدرسي؛ ما يستوجب الاهتمام بهذه البيئة بغية أن تسود بين أقطابها الإدارة الناجحة والمعلمين الأكفاء والمنهاج المتجدد والمبنى المتكامل، ودون أن نغفل تعلقه الفطري بالمكان وحبه له، ما ينعكس على شخصيته وتكوينها المستقبلي.
|
ابوواب
البيئة المدرسية.. منتج المواهب
أخبار متعلقة