المفكر العربي الكبير محمــــــــــد حسنين هيكل في أحدث حوار صحفي أمس الخميس :
اجرت الحوار : لميس الحديديمن جديد، أطل الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، على جمهوره، عبر برنامج «مصر أين.. مصر إلى أين؟» مساء أمس الخميس مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة «سي بى سي» ليستكمل تحليل الموقف السياسي المصري والعربي والدولي ويقدم رؤيته، قارئاً ما بين السطور، لكن هذه المرة يتحدث تحت عنوان «أزمات معقدة تبحث عن حلول ممكنة».يحمل صوت «الأستاذ» في هذه الطلّة، نبرة شجن واضحة، بعد تعرُّض مزرعته التي تضم مكتبة ضخمة ومنزلاً لحريق مروع، في أعقاب فض اعتصام «رابعة العدوية»، وهو الحادث الذي سيتجاوزه «هيكل» حتماً، مستعيناً في ذلك بخبرة السنين والتجارب وروح الصبر والصمود التي يتحلى بها.ووسط أوضاع محلية ودولية، يقدم هيكل قراءة جديدة لما تعيشه مصر، واستشرافه لمستقبلها القريب بعد ثورة 30 يونيو الشعبية، ورؤيته للمعادلة السياسية الدولية مع تشابك خيوطها وغياب حدودها..ونظرا لأهمية ما جاء في هذا الحوار تعيد ( 14 اكتوبر ) نشره تعميما للفائدة : أعرف أن برقاش عزيزة عليك جداً.هذا حقيقى جداً. أعرف أيضاً أن الحديث في هذا الأمر مؤلم للغاية.* لأول مرة أعرف معنى كلمة «شجن»، أشعر أن لدىّ ما يضايق أكثر مما يمكن أن يعبر عنه بكلمات، خصوصاً وأنا لم أتحدث عن هذا الموضوع، واعتذرت عدة مرات أن يجري تصوير المشهد في برقاش، هذا المكان حافظت على خصوصيته في ازدهاره ولا أستطيع أن أكشف عن هذا في محنته، فله حرمة الإنسان وحرمة الكلمة، ولا أستطيع أن أجعله بهذه الصورة، ومن الغريب أن هذا المكان دائماً كنت متأكداً وأنا أقول لزوجتي باستمرار «إذا لم نترك نحن هذا المكان، هو سوف يتركنا لأن الزمن له اعتبار والسن أيضاً له اعتبار»، وكانت هناك أطروحة من أبنائي، فهم يرون أن ما رأته برقاش وشهدته أعظم من أن تكون إرثاً تركه أب لأبنائه، وكانت الأطروحة تقول أن يتم تحويل هذا المكان إلى مؤسسة فكرية تنفيذاً لمبادرتي الخاصة بشباب الصحافة العربية واقترحوا أن تكون مقراً على غرار مؤسسات إنجلترا الخاصة مثل «ديكشلي» وهي مكان ريفي له طابع تاريخي يمكن من خلاله أن يقدم رسالته حتى بعد رحيل أصحابه، وهذا كان تصورهم في الحقيقة، وأعلم أن ثمة من سيسألنى لماذا لم أبادر بحفظ هذه المستندات في مؤسسات مثل الأهرام أو دار الوثائق؟ لقد فكرت في هذا ملياً، لكني في وهلة شعرت أنه يجب أن تكون الأهرام مؤسسة لأوراقي، ثم حدثت أزماتها الأخيرة وعندما فكرت بدار الوثائق أو أي مؤسسة في الدولة عرفت أن ثمة مصاعب تواجه هذه المؤسسات تقودها في النهاية إلى الإهمال، ما قد يؤدي إلى اختفاء بعض من هذه الوثائق، وأنا شخصياً كما تعلمين انتهيت من الكتابة ووثقت كل شيء لكني وجدت أن الهيكل الأساسي للمؤسسة موجود كورق ووثائق في مكتبة ومكان معد ومجهز للضيوف وموقع ريفي به بعض التاريخ يصلح لأن يكون لهذه المؤسسة ومعقول جداً. كيف علمت بهذا الاعتداء؟* كنت مسافراً كما تعلمين، بعد الانتهاء من تسجيل الحلقات الأولى، سافرت في بداية يوليو في رحلة بدأت بميلانو، ثم سردينيا، قبل أن أعود إلى الساحل الشمالي، قبل الحادث بيومين وأنا في ميلانو كنت أتابع أخبار مصر بشدة، وعلى تواصل مع أناس كثر وعرفت بجو الاحتقان في الشارع المصري في ذلك الوقت، وما يثار حول لغط فض الاعتصام من عدمه، وأنا حتى في سردينيا رأيت الشيخ حمد أمير دولة قطر السابق، ودار بيننا نقاش حول فض الاعتصام من عدمه، وهو توقع أن يستمر لفترة أطول بينما أنا قلت لن يستمر، وقابلت شخصيات كثيرة ولكني قررت أن أبقى بعيداً فهذا مستقبل يصنعه جيل آخر بفكره وهذا طبيعي، لكن من حقي أن أكون موجوداً بالاهتمام الفكري، وأن تكون شواغلي بما يمكن أن يحدث لهذا البلد، وفي يوم فض الاعتصام وفي تمام الـ 12 ظهراً أُخطرت عبر اتصال هاتفي بأن كل شيء حدث، وأن النيران التهمت كل شيء. ماذا قالوا لك؟* قالوا لي إن هناك حريقاً كبيراً وتكسيراً وهجوماً وأنابيب بوتاجاز تتفجر في كل الأرجاء، وأنا أتذكر وقتها أن زوجتي «هدايت» تكلمت مع مسئول في برقاش، وقالت: نعلم أنكم ستقومون بدوركم لكن لا نريد أن تحدث اشتباكات ولا إراقة دماء ولا أريد أن يصاب أحد منكم ونعلم حرصكم على الدفاع. مَن الذي صنع هذا؟* الأوامر صدرت في «رابعة» وكانوا مجهزين لهذه الخطط، وكان السؤال الشاغل ما الظهير؟ ويخشون من أن تكون خطة الاقتراب من «رابعة» يكون فيها عناصر أخرى بخلاف تلك الموجودة في الميدان وتشكل كماشة في النهاية، لكن ثبت لاحقاً أن الظهير غير مباشر، وهو موجود بإثارة الفوضى في شتى الأنحاء، وفي أماكن كثيرة جداً. لم أحزن على «برقاش» بمقدار حزنى على وضعها مع متاحف وكنائس وجوامع أصبحت مخازن للسلاح، حدث شيء في هذا البلد، فكانت لحظة من لحظات شبه الجنون، والغريب أنهم اختاروا «رابعة» وأنا عرفت بعد ذلك لماذا، فهم أناس لم يتوقعوا أن يحدث ما حدث وقد اطمأنوا لضمانات إقليمية ودولية وتطمينات داخلية بأنهم باقون فكانت الصدمة قد قادتهم للتجمع حيث استطاعوا في أي مكان، لكن مع فقدان السيطرة على الأعصاب. هل استهداف برقاش استهداف للأستاذ هيكل لإرادته وموقفه في الآونة الأخيرة.. أم ماذا؟* الأمر صدر من «رابعة» وكان إشعال الحريق جاهزاً في التو واللحظة. كانت جاهزة؟ هل لديك معلومات حول ذلك؟* فور الانتهاء من فض اعتصام «رابعة العدوية» في تمام العاشرة، منذ أن بدأت عمليات الفض على مدار 3 ساعات بدأ في تمام السابعة تنفيذ الأمر، ولا أريد أن أسبق تحقيقات النيابة، لكن واضح أن هناك أوامر صدرت إلى وحدة إمبابة وتفرعت منها أوامر مختلفة وفوجئت بإعلان لجنة الشورى لقائمة سوداء للإعلاميين ووجدت اسمى بينهم وأنا بعيد، وحتى عندما أدليت برأيى لم يكن هذا طواعية منى، بل سألنى أحدهم عن ذلك فقلت. هل البرنامج والحلقات السبب؟* نعم، أنا أنظر إلى طريقة الهجوم مثل ما هو موجود في كل مكان.. هجمة شرسة بلا عقل ولا إرادة من هول الصدمة، وأنا مستعد أن أفهم ذلك، لأنهم كانوا في حالة اطمئنان ولم يستطيعوا البقاء فجأة في مصادفة تاريخية وجدوا أنفسهم في القلب منها. ماذا حُرق في برقاش؟* أولاً برقاش عبارة عن 25 فدانا، تتوسطها سبعة أفدنة تضم المكتبة ومنزلا ريفيا للأحفاد وبيت معيشة للناس، لكن ما ذهب أبعد من ذلك فهو أدبى وفنى وإنسانى، مثلاً كان هناك جدار كبير علقت عليه 55 لوحة لكثير من الفنانين من راغب عياد، مروراً بالجزار والرزاز وصلاح الطاهر وتحية حليم وكنعان، وأعمال غيرهم معلقة بارتفاع دورين. الجدار كاملاً احترق. ماذا عن المكتبة؟* هناك مكتبتان إحداهما تحمل في طياتها أمورا مهمة، منها كتاب وصف مصر في عام 1807 - 1808 وقد طبع منه فقط 800 نسخة وكنت حريصاً جداً عليه. كم مجلداً؟* 24 مجلداً، وواحد يتم رقم 25 يحمل خرائط وجميعها يحمل صوراً، ولحسن الحظ يبدو أن من سرق هذه الكتب عندما سار بها شعر بثقل حجمها فألقاها في مصرف، لكنه لحسن الحظ كان جافاً فعثر عليها الغفير «أمين وهبي» واتصل بي وجاء لي بالجزأين وفرحت جداً.. أما عن الأوراق فحدثي ولا حرج، وعلى سبيل المثال في ذات مرة اتصل بي الكاتب والمفكر عبدالوهاب المسيري وهو من أنقى المفكرين، وقال لي إنه قابل محامياً يهودياً ووجد عنده كل خطابات الخديو لإسطنبول وأوراق لمصطفى كامل فقلت له أرجوك ابذل ما تستطيع لتحصل عليها وأخذها بالفعل، وعاد بها،وفي المكتبة أيضاً كان هناك خطابات للورد كرومر كتبها بنفسه وهى مجموعة من 42 خطاباً كتبها بنفسه لأهله عن مصر، وعندما مات آلت إلى ذويه فاعتبروها مالاً خاصاً، وعرضوها في مزاد، واتصل بي صديق وقتها وقال لي عنها وأنا لا أذهب للمزادات فطلبت منه أن يذهب نيابة عني ووضعت سقفاً سعرياً لا يتجاوزه، وبالفعل نجح وقتها وحصلت عليها، حيث كتب كثيراً عن مصر ليصف لأهله ما يحدث والكتابة ظلت لفترة طويلة في أوروبا كرسائل غرام، وليس ذلك فقط بل وتجربتي الشخصية الطويلة في وثائق في عهد عبدالناصر والسادات وكل ما دار في الحروب وأنا أعلم أني أخذت جزءاً كبيراً منها إلى الخارج بعد وفاة «ناصر» وثبوت ما يسمى مراكز القوى وثورة التصحيح في عهد السادات حيث خشيت على هذه الأوراق جداً، وقلت أستطيع أن أحافظ على هذا التاريخ لأقصه يوماً وأحكيه وكان لديّ، وأنا عشت حرب فلسطين يوميات، وليس ذلك فقط، بل كل ما كتب من الكلاسيكيات المصرية وغيرها وتاريخ مصر في العصور المملوكية وما مهدت إليه من وصول محمد علي، وكل ما يؤرخ ويحقق في تاريخ مصر الحديث الفكري والسياسي. ولكن غير ذلك تحمل برقاش ذكرى في كل ركن فيها؟* فيها ظل التاريخ، ففي كل مكان أستطيع أن أتذكر من جلس، أستطيع أن أتذكر مكاناً ناصر جلس فيه، والسادات وميتران وكل من جاء في مصر في هذا الوقت وكنت أعرفه. وأيضاً جاء فيه الدكتور مرسي؟* والدكتور مرسي والكتاتني جاء معه، وكنت أول مرة أراه، وعرفات وجيفارا، وكل ما له علاقة بالتاريخ المعاصر أيضاً قابلت فيه أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وعبدالمنعم رياض، هذا هو ظل التاريخ، الناس تحاول طمأنتي وتقول سيحدث وسنكتشف من فعل وغير ذلك، لكن رغم حزني أنا وزوجتي تحملنا وبإدراك لم أكن يوماً أريد أن أدخل برقاش في صراعات سياسية، ولا الحملات المتبادلة أردت أن أصون المكان وهناك شعر للمتنبي عندما رثا أمه وقتها، وقال، وكانت هناك حملة ضده:(هبيني أخذت الثأر فيكِ من العدا فكيف fأخذ الثأر فيكِ من الحمى)نحن نعلم جداً ونقدر أن البلد محموم ودائماً أقول للناس هل تريدونني أن أحزن على برقاش؟ نعم أنا حزين جداً ولا أستطيع أن أتصور في تاريخ العصر الحديث أن تحدث غارة على منزل أو منظمة أو على مكتبة. هل هذا هجوم على هيكل أم على العلم والتاريخ والفن؟* بالدرجة الأولى أنا، ولا أعلم لماذا؟ لقد كنت معكِ في هذه الحلقات أقول وأنادي بإعطاء الإخوان الفرصة وكنت من أنصار عدم التدخل وتركهم للتجربة وكنت أقول لنفسي ماذا أفعل؟ هناك بلد يحترق وأناس معرضون للخطر وأوطان عربية ضاعت بالكامل ماذا سأفعل؟ وأسبب الصداع للناس وأعمل ما يسمى بالمرثية. هذا جزء ذهب وراح، لكن في مرحلة عمرية متأخرة جداً، ومن ناحية أخرى من وقت زواجنا وعمرنا الذي عشناه هناك. ما مواصفات اللحظة الراهنة.. في الحلقات السابقة تحدثنا عن تحرير الإرادة وخرجت الجموع لتحريرها، فهل تحررت هذه الإرادة.. هل نجح تحرير الإرادة في 30 يونيو، أم أنه ما زال يتعثر أمام المواجهة القوية من العالم الخارجى لهذه الإرادة والتي لا تزال ترفض إرادة الشعب المصري.. كيف تصف اللحظة الراهنة؟* كما أقول إن 30 يونيو وسع من مساحة الممكن ومد النظر بأكثر مما هو منطقي ومحتمل وهذا جزء من الصدمة، وهناك فارق كبير بين تحرير الإرادة وبين توسيع نطاقها في لحظة معينة كانت القيود على حرية الحركة كبيرة وطويلة جداً، وهذا بدا في حقيقة الأمر منذ عام 74 من أول ظهور الولايات المتحدة في المنطقة، وبدون الولوج في تفاصيل هذا، لكنى أعرف أن الاختراقات أكثر مما هو صحي لأي بلد وأدت بعد ذلك الممارسات إلى ترسيخ ذلك وأصبح هناك حالة من عدم التعجب، في ظل هذا أن ينصح رئيس وأن يعطي كيري أوامر، وأوروبا تتدخل والعالم كله وكأنه اعتبر المنطقة ساحة كبيرة للشطرنج ويلعب فيها كما يشاء. الآن هناك قيود، وعندما تتذكرين أوضاع ما قبل يناير وهي لها قيمة كبيرة جداً لا يعرفها الكثيرون عن هذا التاريخ، 25 يناير فما قبل يناير لا يبعث على الأمل والتفاؤل ويوحي بأن الحال لن يتغير، ولا سبيل لإزاحة الأنظمة، فوضع الأنظمة كان غريباً، حافظ الأسد مكث 40 عاماً في سدة الحكم والقذافي 40 عاماً ومبارك 30 عاماً، في ظل هذا الشكل الثابت لم يكن ممكناً أن يأمل أحد في التغيير، وتعود الشعب على هذا كأسلوب حياة. ما حدث في يناير لم يكن مفاجأة، فالأوضاع الداخلية والخارجية كانت تنذر بقرب الانفجار ولم يعد بالإمكان استمرارها لأن ما حدث كان عبارة عن تناقضات اجتماعية وسياسية وفكرية ونحن لا نتغير إلا في الجانب التكنولوجي، وأود أن أذكرك أن آخر إحصائية قرأتها أن 70 % من مستخدمي الإنترنت هم من أعمار تتراوح ما بين 15 و21 عاماً، ولا أحد يعلم ماذا يخط ويكتب وماذا يحرك؟* وأنا خرجت مبكراً في 2009 وطرحت فكرة الانتقال إلى مستقبل مختلف، قلت هذا في حديث مع مجدي الجلاد في «المصري اليوم»، وطالبت بإنشاء مجلس أمناء الدولة والدستور، وله رئاسة تمهد لهذا الانتقال الطبيعي، والمشكلة أن مراحل الانتقال لا تحدث بشكل أوتوماتيكي. هناك أشياء أخرى ومناخ معقول تجرى فيه هذه التغيرات، قدر الإمكان. الأمور تُركت كما هي والأحزاب القديمة غير قادرة على التغيير والأوضاع مستمرة ثم حدثت ثورة يناير، وهناك خطأ كبير والجميع وقع في تقدير معناه وقد اشترك في هذا الخطأ كل الأطراف. هذا الانفجار الذي حدث حالة ثورية فريدة تبحث عن منفذ، فهناك أسباب عملية لقيام ثورة، لكن ليس هناك قيادة لهذه الثورة وعدم وجود فكر والثورة انفجرت من حيث لم يتوقع أحد ولم نقدر ما هذا وماذا يحدث؟ وحارت كل القوى في عملية التوصيف. أي ثورة في التاريخ -فرنسا وروسيا والصين وغيرها- كان فيها الفكر والقيادة. لكن كيف نقارن ما حدث في 25 يناير بما حدث في 30 يونيو؟* لا أريد أن أقول هكذا، لكن 25 يناير ولأنها كانت جديدة ومفاجئة وكل الأطراف احتاروا في توصيفها، واتخاذ موقف منها، دخلت متاهات خاصة، متاهة الشك. والشك أكبر لأن الحقائق غائبة، مثلاً أنا أول مرة قابلت فيها «مبارك» قلت له إنه «رئيس انتقالي، ومن الجيد أنك قلت في خطابك أنك لست ناصر ولا السادات، وهذا شيء عظيم»، لكنه أبلغني بعد ذلك عن طريق أسامة الباز أن الرئيس مبارك تضايق لأني قلت «رئاسة انتقالية» واقترحت على الرئيس مبارك وقتها أنى أصارح الشعب ورغم ترحيبي أنه قال إنه ليس ناصر ولا السادات، إلا أن ثمة أشياء لا تتغير ويبقى الرئيس فيها يقوم بدور العازف يغير من الإيقاع لكن لا يغير النص وهذا حقيقي وهنا كنت أتحدث عما يسمى منظومة الأمن القومي المصري بالمعنى الشامل سواء في الداخل أو الخارج، فمن الممكن أن يتغير الرئيس لكن يغير معه طريقة العزف لكن يبقى النص قائماً وثابتاً وهذا قلته. كيف نتفادى مساوئ الفترة الانتقالية التي تلت 25 يناير؟* الخطأ الأول وأذكر أنني أول مرة قابلت فيها المشير طنطاوي، سألني: «هل هذه ثورة أم بماذا تصفها؟ قلت له ما حدث «حالة ثورية»، وحيث كانت هناك تقارير مكتوبة حول الحركات الثورية وحركات الشباب، وهناك تقارير سواء أكانت حقيقية أم مشوهة أو مصدرها «مباحثي»، لكن لم ينظر إلى الصورة العامة، لكن بشكل ما كانت هناك شكوك، وعندما جاء المجلس العسكري بشكل ما سألني وقتها: هل هذه ثورة والسؤال طرحه أناس كثيرون، لكن لا يوجد برنامج ولا قيادة.لكن ما تفسير ظهور الإخوان في الفترة الانتقالية الأولى؟* دعيني أعد بالتاريخ قليلاً إلى الوراء، عندما عقد التلمساني اتفاقاً مع السادات عام 71 بمكافحة الشيوعية والناصرية، ثم جاء عهد مبارك وعرف أنهم قوة منظمة وأيقن ضعف الأحزاب، وهم في ذلك الوقت طلبوا أن يعملوا في أمان ولم يتوانَ مبارك في منحهم هذا الأمان، مقابل أن يكونوا هادئين، وبالمثل كانوا في حالة تفاهم مع النظام، وفي مجمل ما حدث، مروا بسياسات كثيرة والأمريكان عرفوهم مبكراً.هم يدعمونهم منذ عام 2005؟* قبل هذا، علاقة الإخوان بدأت بالإنجليز ولا أريد أن أتهم أحداً بالخيانة، فلقاؤهم مع الإنجليز كان مثلهم مثل أي قوى أخرى فاعلة في المجتمع، وكان الإنجليز وقتها موجودين كقوة وفي معاهدات الجلاء، وكان الكل يلتقي ويتحدث، لكن ما يجعل للأمر حساسية، أن تتسم هذه اللقاءات بالسرية، لكن إنجلترا أخذتهم قبل الأمريكان، ثم تسلمتهم الولايات المتحدة مع إرث المنطقة وسوف نتحدث عن هذا لاحقاً، لكنهم استُخدموا في محاربة الاتحاد السوفيتي من جهة، ومن جهة أخرى في حرب ما يسمى بالإلحاد في أفغانستان وغيرها، وبالتالى أود بشكل أو بآخر أن أشير إلى أنهم كانوا جزءاً من هذا النظام.تقصد نظام مبارك؟* من نظام مبارك ومن قبله نظام السادات، أحببنا هذا أم لم نحبه، طالما أصبحوا طرفاً في معادلة الأوضاع أو الأمن أو الاستقرار، فهم طرف في هذا النظام، لذا لم يجدوا غضاضة في قبول مسألة التوريث التي أزعجت الناس، وهذا نُشر وليس سراً، وحتى ثورة يناير فاجأتهم، وهم ليسوا دعاة ثورة، بل دعاة محافظة وعودة للماضي وأن هذه الأمة في المستقبل لا يصلح لها إلا ما صلح في الماضي دون أن يكون تفهم لماهية هذا الماضي، الذي يحتاج إلى حديث كثير، خاصة في الفترة التي تلت الخلافات الراشدة، وعندما فاجأتهم الثورة تلكأوا في النزول لعدة أيام حتى الثامن والعشرين من يناير، عندها صدر بيان على استحياء، وبالتالي نستطيع القول إنهم آخر من دخلوا الميدان وآخر من خرجوا منه وأذكر أن اللواء سليمان اتصل بي، وقال ألن تحضر الحوار وأنا رفضت، وقلت أنا أرى أن هذا الحوار هو تمهيد للإخوان، فهم في الغرب والعالم الخارجي شأننا شأنهم أو أن الفريق الأكثر تنظيماً في ظل حالة الثورة بلا قيادة ولا فكر هم الإخوان ويتسق هذا مع النظام الاجتماعي السائد قبل ثورة يناير، زارني «أرين» وكان بجواري مدرسة للبنات وفوجئ في فترة الانصراف بهذا الكم من الحجاب الأبيض والكتلة المتوقفة، وقال لي وقتها أنا زرت مصر كثيراً لكن لم أرَ هذا المنظر كثيراً وظهر الدعاة في هذه الفترة واختار الكثيرون الدين للاختباء وراءه، فالغني اختفى خلفه ليخبئ ثروته والفقير أيضاً خاف من الفقر واختفى وراء الحجاب وتحول الحج والعمرة إلى سياحة. لكن في سنة واحدة من حكم الإخوان انقلب الناس على الدولة الثيوقراطية؟* هذا صحيح، دعينا نقف عند مرحلة انزلاقهم إلى السلطة وهي من أكبر أخطاء المجلس العسكري على الإطلاق والأمريكان وضغوطهم، وعودة إلى حديثي فيما يخص توسعة قاعدة الإرادة، هناك حدود مفروضة على هذا البلد، والقوى الخارجية لها صوت مسموع في هذا البلد بأكثر مما ينبغي، وأكثر ما هو ضروري، ووجد الناس ثورة بلا قيادات ولا فكر وحالة ثورية لن تنتظر لا بد من تنظيمها وهنا وقع الاختيار على فكرة تعديل الدستور وإزالة مواد التوريث إن كانت هي التي تغضب الناس ثم أُدخلوا إلى انتخابات برلمانية وهم يعلمون أن فصيل الإخوان كان ينتظر ويترقب، فضلاً عن فكرة تسويقهم كقوة داخل الإقليم. أما كمية التمويل في هذه الفترة فكانت مهولة. لكن المجلس العسكري كان يعرف ذلك ويدرك إلى أين يؤدي هذا الطريق؟* المجلس العسكري عندما سأل هل هي ثورة أم لا، كان يشعر أيضاً بالضغوط القوية وحجم التلويح بإلغاء المساعدات المدنية والعسكرية والعلاقات والمجلس العسكري لم يكن قادراً على الوصول إلى جوهر الحقيقة، فعلى الأقل كان في حالة ارتباك أمام الحقيقة بشكل مذهل. هل انزلق الإخوان إلى السلطة بمحض المصادفة؟* أريد أن أقول شيئاً، أكثر ما أخشى منه أنه في هذه اللحظة أن الأمور تجري بالتدافع والتزاحم وتجري بالشكوك أكثر مما تجري بالمنطق، بمعنى أن المجلس العسكري لم يدرك ضرورات مرحلة الانتقال وأن الموضوع أكبر من قضية التوريث وأن ما يحدث في مصر نتيجة تناقضات اجتماعية وسياسية وفكرية أيضاً وأن هذه حالة ثورية والشيء الثاني أن السلطة انتقلت إليهم وهم لا يعرفون أين يذهبون وهم انتقلت إليهم الشرعية، وهذا قلته للمشير عندما سألني عن ماهية الثورة، قلت: حالة ثورية ولا بد من الانتقال إلى وضع مختلف، أنت لا تملك الشرعية، بل ضامن لها أو مؤتمن عليها في لحظة ما ستقوم بتسليمها. لكن سنة واحدة في الحكم قلبت الموازين؟* البلد كله في حالة شك كبيرة، من الأحزاب التي تشك في بعضها بعضاً والغريب أنه في حالة مصر الجميع يشك في الجميع، وفي حالة سوريا الكل يحار في الكل وفي حالة العراق الجميع يكره الجميع، وهناك شيء ما سبّب تحلل الأوضاع التي استمرت منذ الثورة، فهى جاءت بلا قيادة أو فكر، وحالة انفجار ووسائل حديثة وكان هناك ارتباك للمجلس العسكري أدى إلى انزلاق الإخوان إلى السلطة، والمشكلة أنه رغم حالة الشك السائدة في المجتمع، فإن الأحزاب وهي تشك في بعضها، كانت تلجأ إلى المناورة، لكن الإخوان شعروا بالشك الرهيب فتحول إلى رغبة في السيطرة على مفاصل الدولة من أجل الإمساك بها، لأنهم يشكون في كل من حولهم وكان هذا هو السبيل للتمكين لسنوات طويلة، ومرسي قال هذا للسيسى عندما قال له سنحكم 500 سنة. ثورتان إحداهما ضد الدولة البوليسية والقمعية والثانية ضد الدولة الثيوقراطية.* لكن الغريب في الحالتين أن الحركات التي نشأت ترفض الواقع الموجود وتؤيد التغيير، لكنها لا ترى البديل، مثلاً في عهد مبارك كانت حركة كفاية ولها مدلول جيد، لكن لا شيء بعد ذلك، ثم جاءت بعد ذلك «تمرد» لتتمرد على الأوضاع القائمة، لكن ماذا بعد وإلى أين؟ وحتى هذه اللحظة لا أحد يستطيع الاقتراب من المشروع الوطني القومي، وفي ظل مناخ الشك العام، وحتى تطمئن من حولك، تقطع التعهدات على نفسك، وهذا حدث من قبل المجلس العسكري الذي أكثر في قطع التعهدات قبل أن يحدد ضرورات فترة الانتقال، ثم يطرحها ويحدد المدة المطلوبة. هل خارطة الطريق الراهنة بها نفس الخطأ؟* أعتقد أن خارطة الطريق الراهنة تكرر نوعاً من الأخطاء السائدة في الأولى، لكنها فقط تعمل في مناخ مختلف. أعرف أنه لم يعد هناك مجال للعدول عن خارطة الطريق، لكن كيف يمكن التوسيع من نطاق العمل، أنت ألزمت نفسك بالدخول في قفص من حديد وحددت الوقت قبل أن تحدد المهام. ما الذي من المفترض أن يحدث؟* أنا أعتقد أنه إذا جاء أحد وصارح الناس بالحقيقة، فسيشعر الناس بالاطمئنان ولا يحرر إرادتهم إلا بمقدار معرفتهم للحقيقة. مَن يقوم بهذا الدور؟ الرئيس عدلي منصور أم الفريق السيسي أم رئيس الحكومة؟* كل الناس لا بد أن تقوم بالمهمة وإن كنت أرى أن الأقدر على هذا هو الفريق السيسي، لكن وجوده في المؤسسة العسكرية يحول دون ذلك. وأيضاً موقفه الدولي؟* نعم هذا حقيقي أيضاً وينعكس على الموقف الدولي، وكما أكرر أن الإشكالية برمتها تكمن في أن هناك من يحدد التوقيت، دون دراسة المهام المطلوبة في هذه المراحل. بعد 3 يوليو طلب الفريق السيسي تفويضاً من الشعب المصري لمعركة قادمة مع الإرهابيين ونزل المصريون في المحافظات بأرقام فاقت في بعض التقديرات الخروج في 30 يونيو؟* في فترة التفويض كنت بالخارج، وشعرت بذهول، شعرت بأن الأمور تقترب من لحظات الحسم، دعينى أقص عليك ما حدث في خلال ملخص في 3 لقاءات أجريتها، الأولى مع السيسى، ثم الرئيس مرسي والدكتور البرادعى، عبر هذه اللقاءات أستطيع تحديد ما جرى إلى حد كبير.عندما حدثت ثورة 25 يناير، وتولى المجلس العسكري المسئولية، ولم أكن كما قلت ذهبت لحوار اللواء عمر سليمان، لم أتصل بأحد مطلقاً إلى أن فوجئت ذات يوم بمن يطلبني ويقول لي في أواخر مارس، وتحديداً في يوم 25 مارس، إن القيادة المشتركة وأحد قيادات المجلس العسكري يريدني، رآنى تعجبت وأنا أعرف أن القيادة المشتركة في ذهني وتاريخي هي عبدالمنعم رياض، وعندما ذهبت دخلت ووجدت الفريق السيسي، وكان وقتها رئيساً للمخابرات العسكرية، وجدته أكثر شباباً وحيوية، رحبت به ورحب بي وفجأة وجدته يقرأ كل ما كتبت، وقلت له هذا جيد أن تقرأ لى، معناه إنك فهمت فكري وتعرف رأيي، فقال لي -وكان صادقاً وهو يحكي لي- كيف كان التحرك، وأنه صاحب خطة أن الجيش لا يمكن أن يضرب في الشعب مهما ساءت الأمور، وعرضها على المجلس، وتم الموافقة عليها، وأتذكر أنني عندما كنت أقابل المشير في عهد مبارك كان يحثني على الاستمرار في الكتابة، وألا أخاف، المهم وعودة لهذا، استمر اللواء السيسي، ولم يكن أصبح فريقاً بعد، في الحديث لي باستفاضة، لكن بدا لي أنني أمام شخص أكثر شباباً مما توقعت، وتعرض للعالم عندما درس في أوروبا، وهو ملم جداً بتاريخ مصر الحديث، وبدا لي صاحب معرفة، واستمر اللقاء ساعتين ونصف ساعة أو 3 ساعات إلا ربع، وكنت راغباً في الإنصات له أكثر من التحدث. هل توقعت أو رأيت في هذا الشخص أنه يمكنه أن يأخذ من الخطوات ما قد يواجه به العالم؟* في ذلك الوقت، كان وقت مواجهة كل ما يجرى من التباسات، وسألنى نفس السؤال: هل هي ثورة؟ وجاءت الخطوات بعد الضغوط المستمرة والتصرفات في حدود الواقع، ويناقش على أساس فهم، لكن لم يخطر ببالي، ولكنه رجل فاهم قارئ للتاريخ ومتفهم دور الحركة الوطنية.هذا يعيدني مجدداً إلى نقطة التفويض ولماذا يحتاج إليه؟ * لا بد من وضع طلبه للتفويض وكأنه لحظة بائسة، لأن هذا الرجل لديه محاولات كثيرة مع الرئيس مرسي، بعد الانتخابات الرئاسية، تقبل الجميع بالرضا وصول الإخوان إلى الحكم وأنا منهم، ثم تصور أن لديهم خارطة، وأنا شخصياً توقعت ذلك، وقلت إن كانوا سيواجهون إخفاقات وربما فشل السياسة الخارجية أو الاقتصاد سينجحون على الأقل في الملف الأمني، لكنهم لم ينجحوا في شيء، بل زادت المشكلات لأن رغبتهم في الاستيلاء على السلطة كانت كبيرة.الفريق السيسي طلب التفويض في إطار زمني، فهناك رئيس جديد، وبكل الرغبة والثقة،وفي بعض الأحيان اتهم الفريق السيسي أنه متواطئ مع الإخوان، لكنه احترم ذلك وما قالته الصناديق، رغم أن مسألة الصناديق تحتاج إلى حديث طويل، وفي ظل الظروف الملتبسة التي خرجت بها كل الأطراف، والبحث عن بديل تحت ضغط الأزمة والشك المتبادل، استشعر الفريق أن الأمور لا تسير على نحو جيد، وتقديرات الموقف الدورية تسوء، تقديراً بعد تقدير، لكن الشيء الغريب الذي لم يأخذه كثيرون في اعتبارهم، أن الرئيس مرسي ليس من الصفوف الأمامية في التنظيم، فهو قد يكون رقم 7، وأنه ليس المرشح الرئيسي وإنما الثاني الذي جاء في اللحظات الأخيرة، قبل 24 ساعة من غلق باب الترشيحات، فهو يعلم هذا جيداً ولذلك كان يخشى الجماعة في كثير من الأحيان.لا بد أن نأخذ أنه عندما جاء الرئيس، هناك بريق، فالسلطة مبهرة، وكانت هناك علاقة ثلاثية غريبة، مرسي كان في حالة قلق مما يدار في مكتب الإرشاد، ويعرف أن هناك من يضغط عليه، وأحياناً يعطيه الإملاءات، وعندما حاول أن يلوح أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وأصر على استدعاء الجيش للاجتماع الأخير، وأنه القائد وهذا الجيش معه، كانت رسالة للإرشاد، وكان في وقتها الفريق السيسي لا يستطيع التعامل مع مكتب الإرشاد، وهو كيان لا يمكن توصيفه، وينبغي فوق كل شيء أن نعلم أن القوات المسلحة لديها وديعة الشرعية. حتى في وجود الرئيس؟* في فترات الحيرة والانتقال، هذه ليست أول مرة، «ديجول» مؤسس الجمهورية الرابعة بفرنسا، بعد فترة من الحكم تركه وعاد إليه بانقلاب عسكري بدأه من الجزائر. لماذا لم يعزل مرسي السيسي؟* كان من الصعب أن يفعلها، ومع ذلك لو سلمنا أنه فعلها، قد يواجه بقيادة جديدة لا يجيد التعامل معها وسيشعر بالقلق منها،وفي ذات الوقت شكه في الإخوان يجعله يلوح دوماً بأن الجيش معه، وهذا بدا واضحاً في الاجتماع الثالث ضمن اجتماعات يونيو الكارثية، ما جعله يصر على دعوة الفريق السيسي وقيادات الأفرع، وعندها وفي ذات اليوم ذهب السيسي إليه الساعة 2 ظهر ذلك اليوم، وقال له: «دعوتنا نحن وقيادات الأفرع، ونحن نرى أن هذا الاجتماع حزبي بامتياز، ولا نحبذ الوجود فيه»، واستمر النقاش والاجتماع ساعتين ونصف ساعة، وقال له: «هذا الاجتماع قد يسبب لبساً عند الكثيرين»، ولم أعرف ما حدث في الاجتماع إلا بعد عودتي، وقال: «لو أنا في مكانك سأصارح الناس بالأخطاء، لأن الناس وفقاً لتقديرات الموقف لديها غضب وقلق، وإذا كنت ستتحدث في الموقف الوطنى سنحضر ونكون راضين»، وهذا حدث في أول 3 دقائق، حينما اعترف مرسي بالأخطاء، ثم عرج إلى ما أراد أن يوصله، وأكرر بهذا كانت الرسالة إلى الجماعة، بأن الجيش معه، وهو هاجم كل الناس، وفي ضوء يأس القيادة وسوء تقديرات الموقف، اضطر الجيش إلى التواصل مع مكتب الإرشاد وعقد اجتماعاً مع الشاطر والكتاتني وأحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى، وعندما طرحت الأمور بدا حديث الشاطر غريباً، عندما قال: «أعطونا فرصة لعام آخر وأنتم تعلمون أن ثمة كميات كبيرة من الأسلحة المتدفقة عبر الحدود الغربية»، وإن حدث وشهدت بعض التهديدات محتمل استعمال السلاح، في رسالة اعتبرها البعض أنها تهديد، وقال أيضاً: «أنتم تعلمون أنه واضح أمام الناس أن أجهزة الدولة تعارض، وبمساندة من القوات المسلحة من خلال بيانات صدرت لكم»، وبدا الوضع وكأنه يلوح بعمليات إرهابية. وهل هذا هو ما حدث؟* ما حدث أن الفريق السيسي عندما حضر إلى الاجتماع الأخير، الذي ضم معظم القوى الوطنية والدكتور البرادعي وشيخ الأزهر والبابا تواضروس والسلفيين، دخل وفي ذهنه في هذا الوقت أن يعرض الاستفتاء على الرئاسة، وقلت هذا للدكتور البرادعي، وعندها قال: «ماذا سأقول للناس المتدفقة في الشوارع؟»، وعندها وقفنا في الشرفة وتابعنا الأعداد المتدفقة في الشوارع، وأنا لم أكن أرى السيسي إلا لفترات ومرات معدودة خلال عامين، وكنت أدلي برأيى في الموقف كواجب وطني، وكانت الكارثة أن شرعية هذا النظام تتآكل والنظام أوشك على السقوط والبلد ستصبح في مأزق كبير. لكن الجماهير التي خرجت في يونيو لم تكن ستقبل بالاستفتاء على البقاء؟* هذا ما قاله، كما ذكرت، الدكتور البرادعي أثناء زيارته، وقلت لا بد من استفتاء، وهو اجتماع منتظم بينى وبين البرادعي، ولم يكن مصادفة، وكان في الأول من يوليو وهو في مكتبي الساعة 6 مساء، وقلت للبرادعي: «لست مضطراً إلى أن تخبرها»، لأن حركة الجماهير دوماً تحتاج إلى خاتم دستوري، مهما كانت كثيفة، وتجربتي الشخصية في عهد ناصر عندما تنحى بعد النكسة وخرجت الجماهير تتظاهر لرجوعه، وقيل وقتها إن الاتحاد الاشتراكي هو من نظمها وإنها مصطنعة، رغم أننا لم نرَ مثلها في النسق والحجم، وعندما دخل الفريق السيسي أنا فوجئت. هل ترى أن هذا الخيار كان خاطئاً؟* لا، عندما طالب السيسي بالتفويض، كانت أمور كثيرة قد حدثت، والإخوان الذين يتحدثون عن الديمقراطية لا يقبلون بها ومصابون بالصدمة وعدم التصديق، ثم الإحساس بالدعم الخارجي من أمريكا والالتباس في أوروبا. ماذا عن الاستقواء المستمر بالخارج؟* نحن سمحنا للخارج بالتدخل بأكثر مما يجب ومما ينبغي، وأن يتدخل بأكثر مما هو صحي، ووصل الأمر إلى أن الأمريكان وسفيرتهم في القاهرة تدخلوا بشكل وقح وسافر ونحن نتحدث عن مستقبل، وكل اللوم يلقي في هذا الأمر على كافة الأطراف ولا نستثنى أحداً، لكن الإخوان مشكلتهم أكبر، وعندما رأيت «مرسي» أول مرة، بعد دعوته لي، قلت له: «عليك أن تثبت أنك رئيس لكل المصريين وليس لفصيل واحد، وأرجوك أن تعقل شيئاً سيادة الرئيس، أن تجمع شتات هذا البلد وتطمئنه وتزيل شكوكه»، لكن ما حدث هو ذهابهم للميدان وإصدارهم للأوامر، وبدأت الإشارات تشجعهم، وبدأت الصدمة ثم العنف، وإحساسهم بالصدمة أن هناك سلطة سيفقدونها، وهنا كانت إرادة الشعب أقوى من أي شيء ولم يتصورها أحد. هل كان التفويض تأكيداً على إرادة الشعب؟* عندما طلب التفويض كان يريد أن يؤكد أنه مستند إلى إرادة الشعب، وعندما شاهدته شعرت بفزع، ليس لأن الجماهير خرجت وراء السيسي في حد ذاته، لكن الفكرة برمتها وأنا أعلم أن الجمهور سيستجيب للسيسي، ولكن فزعي أن تخرج الجموع وتتلاقى المسيرات ويحدث التصادم. الإخوان و«رابعة» والعنف والاستقواء بالخارج.. إلى أين وصلنا؟ وهل هذه هي النهاية؟* لا شك أن الضربة التي وجهت لهم كانت قاصمة، لكن علينا أن نميز جيداً ونفرز أن الفكرة الإسلامية في حد ذاتها تُحترم في الثقافة والوعي، لكن في السلطة هذا أمر آخر، وأمامنا تحدى كيف نفرق بين تنظيم الإخوان وأن هذا ليس حرباً على الإسلام، كما يروج البعض، وهؤلاء جاءوا للسلطة طالبين لها باسم الدين، وهذا أفزع الجميع، في وقت سابق قتلوا رئيس الوزراء وقتلوا وزيراً وقاضيا، ثم يقولون إنهم تعبوا في فترة ناصر، إذن بعد هذا ما هو المطلوب؟لكنهم كانوا في السلطة لمدة عام كامل؟* لو لم تكن هذه التجربة السابقة التي دفعتهم إلى التكريس والاستيلاء على مفاصل الدولة بدافع الشكوك، رغم أنهم تصالحوا مع الكل في تاريخ طويل ثم تصادموا معهم بعد ذلك في عهد الملك فاروق وعهدى السادات ومبارك، ولكن أكرر «لا بد أن نفرق بين تنظيم الإخوان من جهة والإسلام من جهة أخرى»، فهذه ليست حرباً على الإسلام، فهو في النهاية «موروث حضاري وهاد ونور وإضاءة على الطريق»، ليختار الإنسان طريقه بكامل إرادته الحرة. مع دعواتهم للاستقواء بالخارج.. هل تحولت مصر إلى ملعب دولي يزوره الجميع؟* الاستقواء بالخارج لم يكن ليحدث، إلا أنه كان موجوداً بالفعل، فهم موجودون ولهم مواقع قوية وتأثير على الفعل. ما رأيك في فكرة رجل أو قوات مسلحة وقفت أمام العالم والغرب.. والطرف الآخر يأتي بكاترين أشتون وماكين وزعماء للتفاوض نيابة عنهم؟* حقائق القوة توسع دائرة الفعل، لكن هذا لم يسقط الحواجز والموانع والقيود، النظام العالمى مصدوم بأن الشعب أزاح نظاماً بأكمله، ولم يستطع العالم الذي ينفذ مخططاً رسمياً في هذه البلاد وغيرها، وضد مشروع تركيا كانت راعية رسمية له، رغم أنني أعترض على الاندفاع والعداء تجاه تركيا، وأعتقد أنه لا بد ألا تدفعنا العواطف إلى رد فعل غير محسوب، حتى إن الحديث عن شيخ الأزهر حذفته الأناضول، والسفير عاد. كيف قرأت ردود الأفعال الدولية حول أشتون وقطر وتركيا وغيرها؟* السؤال: كيف أصبح لهؤلاء هذا القدر من التدخل في شئون البلاد؟ ما الأرضية الفكرية والسياسية التي جعلتهم يصنعون هذا ويتدخلون في شئون البلاد؟ هناك أوضاع سمحت للاتحاد الأوروبي، وإملاءات من الولايات المتحدة، وماذا تتوقعين ونحن ننتظر تصريحات أوباما أسبوعياً في كل ما له علاقة بشأن عام، هذا التدخل الحادث الآن هو استمرار لوضع سابق كان موجوداً. هل ثورة 30 يونيو أثرت على هذا التدخل؟* لا، هذه حقائق، القوة كما قلت توسع من دائرة الفعل والاختيار والتخلص من القيود، والأوضاع بما فيها الشأن الاقتصادي، أحياناً يقول البعض «اقطع المعونة»، ولا نريد صندوق النقد الدولي، هناك حقائق تحتاج إلى إدارة واعية تقدر ما يمكن أن نصنعه وما لا نستطيع. قبل الحديث عن المستقبل.. دعيني أوجه تساؤلاً مهماً حول خروج البرادعي من المشهد.. هل توقعت هذا الخروج السريع؟* لا بد أن أقول شيئاً، بداية أنا ضد الهجوم عليه والحملة ضده، ولا يصح ولا ينبغى ذلك، فالدكتور البرادعي قد يكون في ذهنه تصورات قد لا تكون في حقيقة الأمر متسقة مع الواقع، وكان هو ضمن الجزء الأصلي من خارطة الطريق، ووافق على الجزء الأصلي منها كما حدث، وكل التفاصيل الخاصة بعد ذلك وما بين السطور، قد نتفق أو نختلف على طريقة فض الاعتصام، لكن الخطة الأصلية التي نشأت منها التداعيات متفق عليها وهو وافق عليها، وأنا أرى أنه استعجل كثيراً بقراره الذي اتخذه، وكان لا بد أن يحاط بشكل أكثر بما يجري، ولا بد أن يعرف أن الإخوان لا فائدة منهم، فقد بدأت بصدمة، ثم مقاومة ثم استقواء، ثم عندما تتحدث معهم يقولون: «لقد فقدنا السيطرة على القواعد»، وأنهم في حالة بقاء في الاعتصام لما يسمى تحسين الموقف التفاوضي، وكانت هناك رغبة قوية من قوى خارجية أن يبقى الاعتصام فترة أطول وتصوير البلد وكأنه طودان، وكان لا بد أن يدرك أن بقاء الاعتصام لهذا الوقت بشكل أطول يؤدى إلى أمر خطير، وعندما عدت هاتفنى الدكتور البرادعى للاطمئنان علىّ بعد أحداث برقاش، والحقيقة حاولت سؤاله بأنني فوجئت باستقالته، فحاول أن يشرح لي وقلت إننى سأعود بعد الغد، فقال لي: «عندما تعود أكون أنا سافرت»، وأود فقط أن أقول إن موافقته على الخطة الأصلية، تعني موافقته على هذه التبعات، لكن في ذات الأمر أنا ضد هذه الهجمات عليه.وهناك شيء بالمناسبة غفلت عنه، أن المعادلة بمن فيها مرسي والإخوان والجيش، وتلك الرسالة التي حاول مرسي إيصالها للجماعة أن الجيش معه، ثم سيناء التي بقت رهينة ويراهن عليها الإخوان أنها السبيل الذي سيجعل الجيش في الثكنات، وما حدث في سيناء السنوات الماضية، كان كثيراً عندما شُحنت فيه العناصر من أفغانستان وغيرها وكميات السلاح الغريبة والمتطورة من الحدود الغربية التي لا يصدقها عقل، ويبدو أن العقيد القذافي الذي حرص على التسليح بشكل مفرط، خزن هذه الأسلحة في المخازن، وتستخدم الآن بهذا الشكل. ما رأيك في هذا العنف في سيناء والتفجير الانتحاري الذي حدث؟* سيناء كانت الرهينة، سواء من خلال ترتيبات الأمن وفق معاهدة السلام، وكانت هناك قيود على الحركة، لكن التهريب كان سبباً رئيسياً فيما يحدث الآن، ويكفى أن القبائل التقليدية في سيناء بدأت تشعر بأوضاع غريبة وكثيرة، فالوافدون الجدد وزعماء القبائل أنفسهم يقتلون واحداً تلو الآخر، دون أن تكون هناك تقديرات حقيقية، سيناء تحولت إلى رهينة، ووسيلة ضغط ليبقى الجيش هناك دائماً. هل يستخدم الإخوان سيناء حتى الآن للضغط؟* على وجه اليقين، سيناء كانت رهينة وإلى هذه اللحظة، على الأقل مكشوفة، ولا تعلمين حجم المحاولات والتسلل إلى هناك، في آخر تقديرات تقدر أعداد الوافدين إلى هذه المنطقة بنحو 18 - 24 ألف شخص، هناك المجاهدون والإرهابيون والمعفو عنهم، وسيناء في المنتصف رهينة هذه الأطراف، مرسي كان يراهن على الجيش أمام الجماعة وأن تكون سيناء ثكنة للجيش للاستمرار فيها، وظلت سيناء قنبلة معلقة على كافة أطراف المشهد. وعنف الإخوان أمام منزل وزير الداخلية؟* هذا تطور طبيعي، وكان لا بد أن نلحظه، على الأقل حسن البنا كان ملتبساً، لكن مثلاً الهضيبي كتب «دعاة لا قضاة»، والمراحل التي مرت بها الإخوان بدأت بالدعوة، ثم التنظيم، ثم التكفير في عهد قطب، ولا بد أن نعرف أن عاكف هو آخر أبناء مدرسة الدعوة، والتيار القطبي المتشدد يسيطر الآن وشعاره التكفير. لكن العمليات الإرهابية شكلها تغير؟* لأنها تُفعل من قِبل مَن تمرس في أفغانستان، عندما حدثت محاولة اغتيال وزير الداخلية، قامت الشركة المنتجة التي قامت بتصفيح السيارة بطلب إرسال سيارة نقل لنقل هذه السيارة المهشمة بعد الانفجار، ودراسة كيف أدى هذا الانفجار إلى تحويله إلى انفجار علوي لـ4 أدوار، وكيف انطبقت هذه الأبواب على وزير الداخلية، وأعتقد أنه عاش لحظات صعبة. هل هذا يبعدهم عن المنظومة السياسية المصرية؟* أعتقد، وأكرر، ضرورة التفرقة بين تنظيم الإخوان وما انزلق إليه، ولا أريد أن أتصور أن تكون هناك معركة تخلط بين الإخوان والإسلام، وما يفعلونه الآن أشبه بعملية انتحارية، كان عليهم أن يقبلوا بعملية الاستفتاء على الفترة الرئاسية والانتخابات المبكرة، وكان من الممكن أن يطلبوا ضمانة واحدة، وهي أن يشاركوا في الانتخابات المقبلة بمرشح منهم، ولكن أعتقد أن رفضهم لتأكدهم أنهم سيخسرون. قلت إنك قابلت الرئيس المؤقت عدلي منصور؟* رجل فاضل، وأسهم كثيراً في بث رسائل التطمين للمجتمع وللشارع المصري، من خلال حديثه للناس عبر الخطابات، وأنا أرى أن المسار الأمني الراهن لا بد أن يتبعه مسار اقتصادي واجتماعي حقيقي، وأنا - حقيقة - أعتقد أن الببلاوي الذي عرفته كأستاذ ومفكر أذهلني بقدرته على البقاء وصموده رغم هذه المشكلات، وعندما قابلت عدلي منصور قلت له: «المرحلة الانتقالية تمهيد للبناء، وهذا دورك، وأرجوك لا تعاملها وكأنها تسيير أعمال، فأنت تمهد للبناء، وبالتالي لا بد أن تعرف المشروع القادم»، وأعتقد أنه حاول أن يبذل جهداً وأن يبدد خوف الناس، ولا ينبغى أن يترجم إلى جداول للمواعيد والتوقيتات دون دراسة المهام وتحديدها، حتى لا ندخل لقفص حديدي، ونحن في فترة نشك في أنفسنا ويشك فينا العالم. قبل الدخول في قضية الدستور.. أخبرنا عن لقائك بهشام قنديل؟* قابلت الدكتور هشام قنديل فعلاً، لكنى لم أكن أعرفه إلا بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، ثاني يوم الإعلان فوجئت بأن أحدهم يخبرني بأن شخصاً ما يطلب مقابلتي. لا يوجد مَن يقابل «الأستاذ» دون أن يطلب موعداً؟* الرجل معذور، جاء ومعه زوجته، وأنا شعرت بالإحراج فاستدعيت زوجتي «هدايات»، التي ذهلت هي الأخرى، وقلت لها زوجة الدكتور هشام قنديل أرجوكِ استقبليها، ومكثت معها وقال لي: «لدىّ مبادرة وأريد أن أوصلها»، فقلت له: «أنا خارج السياق، لكني سأسمع لك ونتناقش»، وتحدث كثيراً واستمعت له لكنى عرفت أن زوجته جاءت معه لتقود السيارة الخاصة، لأنه تم سحب الحرس الخاص والسيارة الخاصة، وهنا تكمن مخاوف البيروقراطية المصرية عندما تطبق، انتزعت بشكل لا يقبل السيارة والحرس من رئيس وزراء ما زال قائماً. كيف تقرأ التعديلات الدستورية وما يسمى لجنة الـ 50؟* أعتقد أنها بداية خاطئة، فالحديث الآن عن تعديل دستور، وأرى أن ما يجب الاستفتاء عليه هو دستور جديد، نحن نعلم أن هذا النظام سقط أن أي نظام سقط لا بد من تحرير دستور جديد، البداية خاطئة تشبه كثيراً تعديل المواد الخاصة بالتوريث، لا خلاف على حقوق الإنسان والحريات، لكن هذا دستور كتبوا فيه ما يريدون، وعلينا أن نضع دستوراً يعبر عن المرحلة. هل ترى أن هناك إمكانية لتجاوز الإعلان الدستوري؟* الإعلان الدستوري، مفترض أن يكون دستوراً جديداً، ولكنى أرى المشكلة ليست في تحديد توقيتات، لكن أخشى من تحويل الإعلانات المبكرة إلى أقفاص حديدية مزعجة تضر بنا في الأساس. الوضع الإقليمي وسوريا.. هل سيؤثر علينا؟ وهل الضربة القادمة على سوريا معناها أنهم قادمون لنا وأنظارهم علينا؟* أنظارهم متوجهة لنا منذ أن قال كيسنجر: «أنا لا أريد الوحدة العربية، وأريد أن أتعامل مع كل دولة على حدة»، وقبلنا هذا في التفاوض وقبلناه في المشاكل أيضاً، فضاعت أوطان العراق ثم سوريا، ومصر يحاولون فيها الآن ولا يستطيعون، الأمر صعب عليهم، وكثير مما حدث لا نعرف عنه شيئاً، أين الصومال؟ وماذا حدث في السودان واليمن؟ الدول العربية تتساقط ولكن من مزايا ما يحدث في سوريا أنها مثلت يقظة قوية وكبيرة وتساؤلات حول ما يحدث. هل تتوقع ضربة عسكرية؟* لا أتوقع ذلك، «أوباما» يريد تقوية موقفه في الكونجرس، لكن أعتقد أن الأمور تغيرت بعدما قابل «بوتين» في قمة العشرين، لكن التراجع سببه ماذا يحدث داخل سوريا، وماذا سيحدث خارجها، وأعتقد أن ثمة بوادر للتمهل، وقد بدا هذا في خطابه الأخير، وليس من عادة هذا الرجل الإكثار من الكلام، فهو لا يتحدث كثيراً لكنه يوصل رسائله عبر أسلوب ناعم.