تلفزيون عدن
ها نحن في الحادي عشر من سبتمبر نحتفي بالذكرى التاسعة والأربعين لأول بث تلفزيوني لقناة عدن الفضائية يوم 11 / 9 / 1964م (ابيض واسود) وهو أول بث على مستوى الجزيرة والخليج، كنت حينها صغيرا في العمر لازلت أتذكر مسلسل الهارب الذي كان أول مسلسل مدبلج عربي بصوت المذيع عبدالرحمن باجنيد الذي كنا نتابعه دون انقطاع وأصوات طلقات الرصاص تلعلع في أحياء عدن بين الثوار البواسل والمستعمر وتشعر حينها ان سياسة المستعمر بث مسلسلات تلهي جماهير الشعب اليمني عن قضيته الأساسية العادلة والمشاركة الفاعلة في الكفاح المسلح لكن هذه السياسة لم تفلح لان الشغف التحرري من المستعمر قد وصل أوجه. المهم هو أن عدن كانت السباقة في كل ما هو جديد وكانت منبراً ثقافياً وفنياً و ولادة للشعراء والأدباء والفنانين في خضم الثورة الوطنية التحررية واكبتها ثورة أدبية وفنية أغنت التراث والأدب والفن اليمني بأجمل القصائد والأغاني ذات الفن الأصيل والدراما التي كانت عدن مولدها الأول على مستوى الجزيرة والخليج وكل من عاش ذلك الزمن يتذكر عيشة عرور.كان لقناة عدن التلفزيونية دور مهم ورائد في انتعاش الروح الثقافية والفكرية والفنية للمدينة وتوافد إليها المفكرون والأدباء والفنانين ليكتسبوا منها الجديد والأحسن والاهم هو التوثيق الذي مكن لهذه القناة ان تمتلك مكتبة فنية غنية بالإرث الفني والإبداعي والثقافي اليمني تجمع على مدى خمسين عاما.كلنا نتذكر محمد عمر بلجون وحسن الصافي وعلي با شادي وعبد الحميد سلام و عبدالرحمن بلجون وعديلة بيومي ومحمد مدي وجمال الخطيب وفوزية غانم وعديلة إبراهيم وعبد القادر سعيد وكثيرين لا تسعني الذاكرة لتذكرهم فليعذرني ذووهم ولكنهم قامات أوجدتهم عدن وأغنوها بإبداعهم، هذه هي عدن الرائدة بالثقافة والفن والإبداع فاتحة ذراعيها لكل شغوف بالمزيد من التطور الثقافي والفني .هنيئا لكِ عدن تاريخك الناصع ودورك التنويري والثقافي للمنطقة لكن ماذا كان جزاؤك وبماذا كرموك بطمس هذا التاريخ الجميل بل بنزع حلتك الجميلة التي ارتديتيها على مدى مائة عام وأكثر ونهبوا المكتبة الفنية للتلفزيون الإرث الفني والثقافي على مدى خمسين عام تم طمسه والعبث به وسرق منه ما سرق لقنوات فضائية خاصة بهم والقضاء والعبث بما تبقى وإتلافه في مخازن غير مخصصة لهذه الثروة التي لا تقدر بالمال أي سوء الحفظ والإهمال المتعمد هو مسلسل تدمير عدن ثقافيا واقتصاديا، حقد دفين ساعدهم فيه للأسف بعض من احتضنتهم ورعتهم عدن ومن يعتبرون من أبنائها لأننا لو أخلصنا لعدن لن يستطيع كائن من كان أن يشوهها. علينا أن نشكل حصنا منيعا للدفاع عن تاريخ هذه المدينة ومؤسساتها التاريخية العريقة كقناة عدن التلفزيونية التي أصبحت فضائية هامشية ونعيد لها حقوقها المنهوبة ومحاكمة المتسببين بالضرر لتعود عدن لمجدها وتاريخها العريق عدن السباقة بكل ما هو جديد عدن مدينة التنوير والثقافة عدن الحضارة عدن الخير عدن فاتحت اذرعها للجميع واحتضنت الجميع ورعت الجميع متى نحتضنها ونرعاها.