من جديد تقرع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفؤها الغربيون وفي الشرق الأوسط طبول الحرب ضد سوريا بذريعة استخدام نظام هذا البلد السلاح الكيمائي ضد المدنيين وهي الذريعة ذاتها التي أقنع بها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول مجلس الأمن الدولي لشن الحرب على العراق عام 2003, ليتضح بعد أن تدمر العراق وجيشه ودخول القوات الأمريكية وحلفائها بغداد وإسقاط النظام العراقي ، أن ما عرضه باول من أدلة على امتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل لم تكن إلاَّ كذبة لتبرير التدخل العسكري المفرط في عنفه. وجلبت تلك الحرب الوحشية واللاَّ أخلاقية إلى العراق ليس الحرية والديمقراطية بل الخراب والدمار والعنف والإرهاب وتأجيج الصراع والاحتراب الداخلي عبر الفتن المذهبية والطائفية والقومية ومنذ ذلك الحين الفوضى ضاربةً أطنابها في العراق وحتى اليوم, ليتجاوز قتلى التفجيرات الإرهابية المليون والجرحى الملايين، ناهيك عن الانتهاكات الشنيعة والبشعة التي مارستها القوات الغربية لاسيما الأمريكيين والبريطانيين وفضيحة سجن أبو غريب مثالاً يدحض شعارات الحرية والديمقراطية التي طالما تغنت بها دول العالم المتحضر ليتبين أن أيقونة الحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية ليست إلاَّ كذبة كبرى استخدمت كوسيلة لتحقيق مصالح نقيضة للمعاني والدلالات التي تحملها هذه القيم.بكل تأكيد لا أحد يبرر استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين, وليس هناك من لم يتألم وتدمع عيناه وهو يشاهد صور الضحايا وخاصة الأطفال.. وبكل تأكيد ينبغي على من أقدم على ذلك العمل الإجرامي ضد الإنسانية أن يعاقب, لكن المعطيات كلها تشير إلى أنه لا مصلحة للنظام السوري في الإقدام على عمل كهذا وعلى بعد مئات الأمتار من مقر وجود المفتشين الدوليين في دمشق الذين جاؤوا للتأكد من استخدام السلاح الكيميائي في واقعة سابقة أبرزها منطقة خان العسل.. فهل كان النظام ينتظر قدوم المفتشين ليقدم على هذا العمل مستدعياً التدخل الخارجي الذي قاومه لأكثر من عامين ونصف, وفي ظل تطورات ميدانية لصالحه في مواجهة مسلحي المعارضة أو الجيش الحر أو الإرهابيين أو الثوار, أم أن هؤلاء جميعاً ومنذ بدء أحداث الأزمة في سوريا كانوا باستمرار يستدعون التدخل الخارجي وأعطي لهم الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي اوباما الذي اعتبر استخدام السلاح الكيميائي خطًاً احمر فكان لابد من الإقدام على هذه الجريمة لاستدعاء ذلك التدخل,كما أن هناك احتمالية إقدام طرف ثالث على هذه الخطوة بعد الفشل على الأرض في إسقاط النظام.. كل الاحتمالات واردة بما في ذلك سيناريو معد مسبقاً لتبرير تدخل عسكري خارجي في سوريا ومن سيحسم الإجابة على هذه الأسئلة هو إجراء تحقيق محايد ودقيق وشفاف لتحديد المسئول عن ارتكاب هذه الجريمة ليتسنى اتخاذ موقف دولي ضد من أرتكبها بدلاً من التسرع واتهام النظام وقرع طبول الحرب والتدخل لحسم معركة لم يعد ممكناً حسمها عبر مسلحي الجيش الحر وجبهة النصرة, الآن وفي ظل الضبابية في تفسير ما حدث في الغوطة الشرقية علينا أن نبحث عن المستفيد من هذه الجريمة الشنيعة.!!
عـرقـنـة سـوريـا
أخبار متعلقة