أمير الشعراء أحمد شوقي
إعداد / هبة طهأحمد شوقي علي أحمد شوقي بك (1868 - 13 ديسمبر 1932)، شاعر مصري يعد من أعظم شعراء العربية في جميع العصور حسبما ذكر ذلك في القاموس الشهير (قاموس المورد) لقب بـ (أمير الشعراء).[c1]حياته[/c]ولد احمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 20 رجب 1287 هـ الموافق 16 أكتوبر 1868م لأب شركسي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكتاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه. وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ - 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ (محمد البسيوني)، ورأى فيه مشروع شاعر كبير.ثم بعد ذلك سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوي توفيق، وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى منطلقات شوقي الفكرية والإبداعية. وخلالها اشترك مع زملاء البعثة في تكوين (جمعية التقدم المصري)، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال الإنكليزي. وربطته حينئذ صداقة حميمة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتح على مشروعات النهضة المصرية.طوال إقامته بأوروبا، كان فيها بجسده بينما ظل قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبي. لكن تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا، وتأثر بالشعراء الفرنسيين وبالأخص راسين وموليير ».نلاحظ أن فترة الدراسة في فرنسا وبعد عودته إلى مصر كان شعر شوقي يتوجه نحو المديح للخديوي عباس، الذي كانت سلطته مهددة من قبل الإنجليز، ويرجع النقاد التزام أحمد شوقي بالمديح للأسرة الحاكمة إلى عدة أسباب منها أن الخديوي هو ولي نعمة أحمد شوقي وثانيا الأثر الديني الذي كان يوجه الشعراء على أن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية وبالتالي وجب الدفاع عن هذه الخلافة.لكن هذا أدى إلى نفي الشاعر من قبل الإنجليز إلى إسبانيا 1915 وفي هذا النفي اطلع أحمد شوقي على الأدب العربي والحضارة الأندلسية هذا بالإضافة إلى قدرته التي تكونت في استخدام عدة لغات والاطلاع على الآداب الأوروبية، وكان أحمد شوقي في هذه الفترة مطلعا على الأوضاع التي تجري في مصر فأصبح يشارك في الشعر من خلال اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية الساعية للتحرير عن بعد وما يبث شعره من مشاعر الحزن على نفيه من مصر، ومن هنا نجد توجها آخر في شعر أحمد شوقي بعيدا عن المدح الذي التزم به قبل النفي، عاد شوقي إلى مصر سنة 1920.في عام 1927 بايع شعراء العرب كافة شوقي أميرا للشعر، وبعد تلك الفترة نجد تفرغ شوقي للمسرح الشعري حيث يعد الرائد الأول في هذا المجال عربيا ومن مسرحياته الشعرية (مصرع كيلوبترا) وقمبيز ومجنون ليلى وعلي بك الكبير.[c1]شعره[/c]لشوقي الريادة في النهضة الأدبية والفنية والسياسية والاجتماعية والمسرحية التي مرت بها، أما في مجال الشعر فهذا التجديد واضح في معظم قصائده التي قالها، ومن يراجع ذلك في ديوانه (الشوقيات) لا يفوته تلمس بروز هذه النهضة، فهذا الديوان الذي يقع في أربعة أجزاء يشتمل على منظوماته الشعرية في القرن الثامن عشر وفي مقدمته سيرة لحياة الشاعر وهذه القصائد التي احتواها الديوان تشتمل على المديح والرثاء والأناشيد والحكايات والوطنية والدين والحكمة والتعليم والسياسة والمسرح والوصف والمدح والاجتماع وأغراض عامة.لقد كان الشاعر يملك نصيباً كبيراً من الثقافتين العربية والغربية، كما أفادته سفراته إلى مدن الشرق والغرب، ويتميز أسلوبه بالاعتناء بالإطار وبعض الصور وأفكاره التي يتناولها ويستوحيها من الأحداث السياسية والاجتماعية، وأهم ما جاء في المراثي وعرف عنه المغالاة في تصوير الفواجع مع قلة عاطفة وقلة حزن، كما عرف أسلوبه بتقليد الشعراء القدامى من العرب وخصوصاً في الغزل، كما ضمن مواضيعه الفخر والخمرة والوصف، وهو يملك خيالاً خصباً وروعة ابتكار ودقة في الطرح وبلاغة في الإيجاز وقوة إحساس وصدقا في العاطفة وعمقا في المشاعر.منح شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.كان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى (كبار الحوادث في وادي النيل) التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: (عذراء الهند)، ورواية (لادياس)، و(ورقة الآس)، و(أسواق الذهب)، وقد حاكى فيه كتاب (أطواق الذهب) للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه (الشوقيات)، ثم قام الدكتور محمد السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه (الشوقيات المجهولة).اشتهر شعر أحمد شوقي كشاعـرٍ يكتب من الوجدان في كثير من المواضيع، فهو نظم في مديح النبي محمد، ونظم في السياسة ما كان سبباً لنفيه إلى الأندلس بإسبانيا وحب مصر، كما نظم في مشاكل عصره مثل مشاكل الطلاب، والجامعات، كما نظم شوقيات للأطفال وقصصا شعرية، ونظم في المديح وفى التاريخ. بمعنى أنه كان ينظم مما يجول في خاطره، تارة الرثاء وتارة الغزل وابتكر الشعر التمثيلي أو المسرحي في الأدب العربي. تأثر شوقي بكتاب الأدب الفرنسي ولا سيما موليير وراسين.قال أحمد شوقي واصفا المعلم:قـم لـلـمـعلم وفه التَبجيلا[c1] *** [/c]كـادَ الـمـعلم أَن يَكون رسولاأَعَـلـمت أَشرف أَو أَجَلَ منَ الَذي[c1] *** [/c] يبـنـي وَيـنشئ أَنفساً وعقولاً ومن أشعاره ( الجـــدة)لي جَدةٌ ترأف بي[c1] *** [/c]أحن علي من أبيوكل شيءٍ سرني[c1] *** [/c]تذهب فيه مذهبيإن غضبَ الأهل علي [c1] *** [/c]كلهم لم تَغضَب ويقول على لسان المدرسَة:أنا المدرسة اجعلني[c1] *** [/c] كأمٍ، لا تمل عنيولا تفزع كمأخوذٍ [c1] *** [/c]من البيت إلى السجنكأني وجه صيادٍ [c1] *** [/c] وأنت الطير في الغصنولا بدَ لك اليومَ [c1] *** [/c] وإلا فغداً.. منىيقول في الكتب:أَنا مَن بَدَلَ بالكتب الصحابا [c1] *** [/c] لَم أَجد لي وافيًا إلا الكتاباصاحبٌ إن عبتَه أَو لَم تَعب[c1] *** [/c] لَيسَ بالواجد للصاحب عاباكلَما أَخلَقته جَدَدَني [c1] *** [/c] وَكَساني من حلى الفَضل ثيابا[c1]وفاته[/c]ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى فاجأه الموت بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، و توفي في 13 جمادى الآخرة 1351 هـ / 13 ديسمبر 1932م.[c1]أعماله[/c]خلف ديواناً ضخماً عرف بديوان (الشوقيات) وهو يقع في أربعة أجزاء الأول ضم قصائد الشاعر في القرن التاسع عشر والمقدمة وسيرة لحياته. وقد تمت إعادة طبعه 1925 م، واقتصر على السياسة والتاريخ والاجتماع والجزء الثاني طبعه 1930م، أي بعد خمس سنوات واشتملت قصائده على الوصف ومتفرقات في التاريخ والسياسة والاجتماع. والجزء الثالث طبع بعد وفاة الشاعر في عام 1936 م، وضم الرثاء.و ظهر الجزء الرابع عام 1943 م، ضم عدة أغراض وأبرزها التعليم، كما للشاعر روايات شعرية تمثيلية وضعت في الفترة ما بين 1929 م، وحتى وفاته منها: خمس مآسٍ هي (مصرع كليوباترا، مجنون ليلى، قمبيز، علي بك الكبير، عنترة، الست هدى). كما للشاعر مطولة شعرية حواها كتاب (دول العرب وعظماء الإسلام)، تحتوي فصلاً كاملاً عن السيرة النبوية العطرة وقد تم طبع المطولة بعد وفاة الشاعر، وأغلب هذه المطولة عبارة عن اراجيز تاريخية من تاريخ العهود الإسلامية الأولى وإلى عهد الدولة الفاطمية.و له في النثر ثلاث روايات هي عذراء الهند، صدر عام 1897 م، تناولت التاريخ المصري القديم منذ عهد رمسيس الثاني. كما للشاعر العديد من المقالات الاجتماعية التي جمعت عام 1932 م، تحت عنوان (أسواق الذهب) من مواضيعها الوطن، الأهرامات، الحرية، الجندي المجهول، قناة السويس.و في مجال المدح أنشد قصائد في الخديوي إسماعيل وتوفيق وعباس وحسين وفؤاد كما مدح بعض سلاطين بني عثمان ومنهم : عبد الحميد الثاني ومحمد الخامس وبعض الأعيان. و في الرثاء الذي ضم ديوانه الشوقيات الجزء الثالث رثى أمه، جدته، أباه، الخديوي توفيق، مصطفى فهمي، رياض باشا بالإضافة إلى بعض الشعراء والكتاب والفنانين كالشاعر حافظ إبراهيم، يعقوب صدوق، فكتور هوغو، تولستوي، المنفلوطي. وفي الغزل له أسلوب جديد أبدع فيه إلا أن المرأة لم تأخذ حيزاً كبيراً فيه ومن ذلك قوله :خدعوها بقولهم حسناء[c1] *** [/c]و الغواني يغرهن الثناءكما كان للشاعر شوقي قصائد في القمر والوصف الذي قصره على الأقدمين، ومنه الغزل والخمرة والمدن المنكوبة والأطلال. و في الشعر الديني قال العديد من القصائد مثل قصيدة نهج البردة والهمزية النبوية التي عارض فيها (بردة البوصيدي وهمزيته) التي يقول فيها :ولد الهدى فالكائنات ضياء[c1] *** [/c]و فم الزمان تبسم وثناءو لشوقي خمس قصائد في النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرض له في قصائد أخرى، وهي: (البردة) التي تتكون من 190 بيتاً، والثانية هي (ذكرى المولد) وتتكون من 99 بيتاً، ومطلعها:به سحر يتيحه[c1] *** [/c]كلا جفنين يعلمهو الثالثة نظمها عام 1331 هــ، الموافق 1914 م يقول فيها :سلوا قلبي غداة سلا وتابا[c1] *** [/c] لعل على الجمال له عتاباو الرابعة قصيدة (الهمزية النبوية) التي قالها عام 1334 هــ الموافق 1917 م ومطلعها :ولد الهدى فالكائنات ضياء[c1] *** [/c]و فم الزمان تبسم وثناءو قد اشرنا إليها أعلاه وهي قصيدة طويلة تحتوي على (131) بيتاً شعرياً، والخامسة وهي أرجوزة طويلة (دول العرب وعظماء الإسلام) بلغت في عدد أبياتها حد الملحمة الشعرية حيث بلغ عدد أبياتها (1726) نظمها عندما كان في منفاه بالأندلس، والقصيدة السادسة تناول فيها كبار الحوادث التي وقفت في وادي النيل قالها عام 1894 م. و له في السياسة باع طويل، فهو من مؤيدي الدولة العثمانية وفي حب مصر أنشد وهو في منفاه الأندلس :يا ساكني مصر إنا لا نزال علىعهد الوفاء ـ وإن غبنا مقيميناهلا بعثتم لنا من ماء نهركمشيئاً نبل به أحشاء صاديناكل المناهل بعد النيل آسنةما أبعد النيل إلا عن أمانينا[c1]شوقي شاعر البلاط الملكي[/c]كان شوقي يعتز كونه شاعر القصر الملكي المصري، وكان يطمح قبل ذلك أن يكون الشاعر المفضل لدى الخديوي، لذا منذ أن عاد من فرنسا وهو شاعر البلاط بدءاً بالخويدي عباس، فلما أوصد باب القصر أمامه بعد رجوعه من منفاه (برشلونه) بالأندلس اتجه إلى أن يكون شاعراً لشعب مصر وأمته العربية والإسلامية وأخذ يشاركهم افراحهم وأحزانهم والامهم حيث أصبح لسان حال الشعب والمعبر عن أمانيه والمدافع عن حقوقه، من ذلك قوله :زمان الفرد يا فرعون ولى[c1] *** [/c]و دالت دولة المتجبريناو أصبحت الرعاة بكل أرض[c1] *** [/c]على حكم الرعية نازلينافعجل يابن إسماعيل عجل[c1] *** [/c] وهات النور وأهد الحائريناكما تغنى بالوطن العربي والإسلامي والإنساني، من ذلك قوله في الشرق :و ما الشرق إلا أسرة أو قبيلة[c1] *** [/c] تلم بينهما عند كل مصابكما عالج موضوع المرأة والعمل والتربية والاساطير وهو القائل :قم للمعلم وفه التبجيلا[c1] *** [/c] كاد المعلم أن يكون رسولاأعلمت أشرف أو أجل من الذي[c1] *** [/c] يبني وينشئ أنفساً وعقولاكما له العديد من شعر المعارضات.[c1]المسرح الشعري[/c]تعتبر سنة 1893 سنة تحول في شعر أحمد شوقي حيث وضع أول عمل مسرحي في شعره. فقد ألف مسرحية علي برحيات يتفاعل في خاطرة حتى سنة 1927 حين بويع أميرا للشعراء، فرأى أن تكون الإمارة حافزا له لإتمام ما بدأ به عمله المسرحي وسرعان ما أخرج مسرحية مصرع كليوباترا سنة 1927 ثم مسرحية مجنون ليلى 1932 وكذلك في السنة نفسها قمبيز وفي سنة 1932 أخرج إلى النور مسرحية عنترة ثم عمد إلى إدخال بعض التعديلات على مسرحية علي بك الكبير وأخرجها في السنة ذاتها، مع مسرحية أميرة الأندلس وهي مسرحية نثرية.مسرحية مصرع كليوباترا أخرجها سنة 1927.مسرحية مجنون ليلى (قيس وليلى).مسرحية قمبيز كتبها في عام 1931 وهي تحكي قصة الملك قمبيزمسرحية علي بك الكبير.مسرحية أميرة الأندلس.مسرحية عنترة.مسرحية الست هدىمسرحية البخيلة.مسرحية شريعة الغاب.وفي رصيده الروائي رواية بعنوان الفرعون الأخير.