تونس /متابعات :تتمسّك المعارضة والحركات الشبابية بمواصلة الاعتصام في كافة ميادين الاعتصام في تونس، مهددةً بتصعيد تحركاتها.وأكد النائب سمير بالطيب في تصريحات صحفية أن المحتجين مُصرّون على الاستمرار في تنفيذ الاعتصام، وأنهم سيصعدون من تحركاتهم ولا يرضون بأقل من حل المجلس واستقالة الحكومة.وفي هذا السياق اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية المنسحبة من المجلس التأسيسي خميس قسيلة أن الحكومة الحالية فشلت في إدارة المرحلة الانتقالية، وانتهت شرعيتها المحددة بسنة لكتابة الدستور والإعداد للانتخابات، و«بهذا فإن عليها الرحيل».ومن جهته شدّد القيادي في الاتحاد من أجل تونس الأزهر العكرمي على «أن إنقاذ البلاد من الوضعية التي تردّت فيها يتوقف على تشكيل حكومة إنقاذ وطني ترأسها شخصية وطنية مستقلة وتتكون من كفاءات وطنية تتولى تصريف الأعمال وتأخذ بيدها الملف الأمني والتصدي للإرهاب والجريمة السياسية وتعد لانتخابات حرة ونزيهة تتوافر فيها شروط الأمن وحياد الإدارة».
المعارضة التونسية تواصل الاعتصام في الميادين
ومن جهتها تتمسك الأطراف المكونة للتحالف الحاكم في تونس، بقيادة حركة النهضة الإسلامية، برفض مطالب المعارضة والحركات الشبابية الداعية إلى حل المجلس الوطني التأسيسي، واستقالة الحكومة وتعويضها بحكومة إنقاذ وطني.وأكد القيادي في حزب حركة النهضة العجمي الوريمي أن حلّ الحكومة بصفة منفردة فرضيّة غير واردة، موضحاً أنّ «المجلس الوطني التأسيسي مؤسّسة منتخبة شرعياً، لا يمكن حلّها ولا بديل لها»، حسب تعبيره.وقال العجمي الوريمي في برنامج لإذاعة «موزاييك»، أمس الاثنين، إن الترويكا لا تطرح حل الحكومة ولا ترى مصلحة للبلاد في حلّها أو حل المجلس الوطني التأسيسي، مشيراً إلى أنه من غير الممكن تحديد مصير البلاد بصفة منفردة ودون التحاور بين مختلف الأطراف.ودعا إلى التخلي عن فكرة حل الحكومة والعمل على إعادة هيبة المجلس الوطني التأسيسي والاتفاق حول أجل محدّد لاستكمال صياغة الدستور وإحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والقانون الانتخابي.في غضون ذلك عقدت الحكومة التونسية التي يقودها الإسلاميون اجتماع أزمة أمس الاثنين بعد خمسة أيام من اغتيال النائب اليساري محمد البراهمي، وعلى خلفية حركة احتجاجية متنامية في البلاد.وقال مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الحكومة اجتمعت لإعلان قرارات مهمة»، في إشارة إلى اجتماع الأزمة برئاسة رئيس الوزراء علي العريّض على وقع الحركة الاحتجاجية التي أججها اغتيال البراهمي.على صعيد متصل، حذر رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، راشد الغنوشي، من دفع البلاد نحو المجهول، فيما واصلت المعارضة تحركاتها الميدانية والسياسية لحل المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة وسط حالة من الاحتقان والغضب وانقسام حاد في المجتمع.وقال الغنوشي في تصريح إذاعي فجر أمس الاثنين، إن الائتلاف الثلاثي الحاكم منفتح على الحوار والتوافق، معتبرا أن «مشروع المسار الديمقراطي الانتقالي شارف على نهايته».ولكنه حذر من دفع البلاد إلى المجهول، فيما ذهب بعض قادة أحزاب الائتلاف الحاكم إلى الحديث عن انقلاب على الديمقراطية، و«مؤامرة صهيونية» لإفشال المسار الانتقالي الديمقراطي في تونس.وكانت تونس قد شهدت اندلاع موجة احتجاجات قوية بعد اغتيال السياسي المعارض محمد البراهمي، وهو ثاني سياسي معارض يتم اغتياله في تونس خلال ستة أشهر بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد في فبراير الماضي.ولم يستبعد وزير تونسي حل الحكومة التي يرأسها القيادي في حركة النهضة الإسلامية علي العريض، فيما تواترت أنباء عن استقالة عدد من وزراء هذه الحكومة التي تشكلت خلال شهر مارس الماضي.وقال وزير الثقافة في الحكومة التونسية المؤقتة مهدي مبروك، الليلة قبل الماضية، إن حل الحكومة الحالية أمر غير مستبعد، ولكنه شدّد في المقابل على أهمية الإبقاء على المجلس التأسيسي لاستكمال المسار الانتقالي الديمقراطي.وكانت أنباء ترددت ليلة أمس الأول أن عدداً من وزراء الحكومة التونسية الحالية استقالوا من مناصبهم، منهم وزيرا الداخلية لطفي بن جدو، والعدل نذير بن عمو.وسبق لوزير التربية سالم الأبيض أن أعلن قبل ذلك استقالته، وقال إنه أبلغ رئيس الحكومة علي العريّض رغبته في الاستقالة من منصبه بعد اغتيال المعارض القومي محمد البراهمي يوم الخميس الماضي.ميدانيا، استخدم الجيش التونسي الأسلاك الشائكة لإغلاق ميدان رئيسي يستخدمه المتظاهرون المؤيدون للحكومة والمعارضون لها في العاصمة أمس الاثنين، وأعلنه «منطقة عسكرية مغلقة».وذكرت وسائل إعلام معارضة أن المحتجين من الجانبين تعهدوا بالعودة، مضيفة أن معارضين للحكومة بدؤوا التجمع قرب الميدان، فيما يزداد التوتر في البلاد مع تحول الاحتجاجات إلى العنف، وذلك سط دعوات المعارضة لحل الحكومة التي يقودها الإسلاميون.وكانت وزارة الداخلية التونسية تعهدت السبت بالحياد وحماية المتظاهرين المعارضين للحكومة بعد تصاعد وتوسع الاحتجاجات في تونس، إلا أن النائب المعارض سمير الطيب اتهم وزارة الداخلية بعدم الحفاظ على عهودها، متهما قوات الشرطة بممارسة العنف ضد المحتجين.واستخدمت الشرطة أمس الأول كميات كبيرة من الغاز المدمع ضد متظاهرين معارضين عقب تشييع جثمان محمد البراهمي الذي لقي حتفه بالرصاص خارج منزله على يد مسلحين الخميس الماضي.من جهته نفى المدير العام للأمن العمومي مصطفى الطيب بن عمر في حوار تلفزيوني اتهامات من المعارضة بوجود «جهاز أمني مواز»، داعيا كل شخص يملك «إثباتات» على وجوده أن يقدمها لوزير الداخلية، في إشارة إلى تصريحات النائب المعارض منجي الرحوي الذي نقل إلى المستشفى إثر «اعتداء وحشي».واتهم الرحوي -وهو قيادي في الجبهة الشعبية (يسار)- المدير العام لوحدات التدخل (شرطة مكافحة الشغب) عماد الغضباني بالإشراف على ما أسماه «أمنا موازيا تشرف عليه مليشيات من حركة النهضة»، قائلا إن الغضباني «يساند حركة النهضة ويقمع المتظاهرين بشكل وحشي».من جهتها طالبت نقابة موظفي شرطة مكافحة الشغب (غير حكومية) السبت وزير الداخلية بمراجعة التعيينات في المؤسسة الأمنية «بالاعتماد على معيار الكفاءة والحرفية والتجربة لا الولاء والتقرب إلى السلطة الحاكمة».وفي سيدي بوزيد (وسط) مهد الثورة التونسية ومسقط رأس البراهمي الذي شيعت جنازته السبت، قال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية إن قوات الأمن فرقت متظاهرين فجر الأحد واعتقلت محتجين أضرموا النيران في إطارات السيارات لقطع الطرق، ورشقوا الشرطة بالحجارة.وكان نشطاء في المدينة قالوا في وقت سابق إن الولاية أصبحت خارج سيطرة السلطة المركزية، وإن الأهالي عينوا مجالس محلية لتسيير الأمور رافضين العودة عن ذلك حتى تسقط الحكومة، بحسب قولهم.يشار إلى أن الاحتجاجات أدت إلى مقتل شاب يدعى محمد المفتي مساء الجمعة أمام مقر ولاية قفصة (جنوب غرب) أثناء مظاهرة ضد حركة النهضة التي تتهمها المعارضة باغتيال البراهمي، في حين تنفي الحركة ذلك.وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان لها أمس أن الوضع الأمني في البلاد كان موضع بحث بين الرئيس منصف المرزوقي والمجلس العسكري الأعلى الذي يضم قيادات الجيوش الثلاثة.