قدمت جماعة ( أنصار الله ) رؤيتها للحلول والمعالجات للقضية الجنوبية الى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار .. فيما يلي نصها : ان الحديث عن المعالجات السليمة والمطلوبة لأي قضية لا بد ان يكون منطلقاً من تشخيص دقيق لجذور هذه القضية والمحتوى الذي تنطوي عليه، ومن هذا المنطلق وبناء على ما طرحناه في رؤيتنا لجذور ومحتوى القضية الجنوبية سنحاول ان نوضح تصورنا لمعالجتها في هذه السطور الموجزة، ذلك ونحن نستشعر حجم الأهمية التي تمثلها هذه القضية ومدى تداعياتها وتأثيراتها على المستوى الوطني ككل، والتي تتطلب المعالجة الفورية والعاجلة دون أي تباطؤ أو مماطلة أو ترقيع او تجزئة حيث انها لاتحتمل ذلك على الاطلاق، خصوصاً ان بعض القوى المسيطرة على السلطة والثروة في صنعاء تعمل على إعاقة وعرقلة أي حلول من شأنها ان تسلبهم الامتيازات والمصالح التي يتمتعون بها.كما نؤكد أيضاً على ان معالجة كل قضايا الوطن وفي مقدمتها القضية الجنوبية تتطلب إرادة سياسية صادقة وجادة، وبدونها لن يكون لأي حلول أو معالجات مكان على أرض الواقع، ولن تزيد الأمور إلا سوءاً وتعقيداً اشد مما هي عليه، كما أنها ستصطدم بارادة الشارع الذي لن يسمح لأحد ان يتجاوزه، وكذا نؤكد على أهمية مشاركة كل مكونات الحراك الجنوبي في معالجة القضية.في البداية نشير إلى أن معالجة هذه القضية تبدأ في الحقيقة باتخاذ اجراءات وتدابير عاجلة من شأنها ان تبني الثقة وتخلق البيئة الملائمة لحل القضية بشكل جذري، وهذا ما مثلته النقاط العشرين التي تقدمت بها اللجنة الفنية التحضيرية للحوار والنقاط الإحدى عشرة التي طالب بتنفيذها فريق القضية الجنوبية في بداية اعماله، وفي هذا الخصوص نعبر عن استيائنا البالغ نتيجة التمنع من جانب والمماطلة من جانب آخر في تنفيذها، وذلك للأثر الايجابي الذي كان سيحدثه التنفيذ على أرض الواقع، وبالتالي فإننا هنا نشدد على ضرورة التنفيذ الفوري لكل ما ورد في مجموع تلك النقاط كخطوة اساسية ومهمة في معالجة القضية خصوصاً ان كثيراً منها يعالج الكثير من مفردات الجانب الحقوقي والإنساني للقضية.ونؤكد هنا أن كل ما يتعلق بمحتوى القضية الجنوبية والانتهاكات والحقوق المرتبطة بالقضية يجب ان يعالج أولاً من خلال تنفيذ النقاط الإحدى والثلاثين واستيعاب ما اغفلته، وان يتم إدراج كل انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالقضية منذ حرب صيف 1994م، ضمن مواضيع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بحيث يتم تطبيق المبادئ والتدابير الخاصة بالعدالة الانتقالية وفق المعايير الدولية على كافة تلك الانتهاكات، بحيث يتم الاعتراف بكل تلك الجرائم والانتهاكات دون أي تبرير من قبل القوى الحاكمة في صنعاء حينها والاعتذار عنها وانصاف ضحاياها وتعويضهم وجبر ضررهم، وكذا الاصلاح المؤسسي لاجهزة ومؤسسات الدولة المتورطة في تلك الانتهاكات وإعادة هيكلتها بما يضمن حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وصون كرامتهم.كما سبق ان تحدثنا عن جذور القضية الجنوبية وقلنا بأن الجانب البنائي منها تمثل في فشل بناء مشروع الدولة المؤسسية واستيلاء القوى العصبوية في صنعاء العسكرية والقبلية والدينية عليها، وضرب مرتكزات الدولة واستهداف مؤسساتها وتعطيل وظائفها وتبني الآلية البوليسية والسيطرة على الوضع بالازمات والحروب، والتملك الذاتي للبلاد والسلطة والثروة والقوة، وتسخيرها لخدمة مصالح دوائر النفوذ، وتبديل الدولة كمشروع وطني مؤسسي ببنى تقليدية متسلطة مع إضفاء صبغة سياسية وديمقراطية شكلية عليها عطلت القانون وانتهكت حقوق المواطنين وحرياتهم، واعتبرنا ايضاً بأن حرب صيف العام 1994م، هي العامل المباشر لظهور القضية الجنوبية، حيث ان النظام العصبوي في صنعاء لم يكن مؤهلاً للتحول إلى الدولة التي تعتبر ضماناً للوحدة والحفاظ عليها، وبالتالي فإن القضية الجنوبية في الحقيقة هي قضية بناء الدولة حيث ان العلاقة بينهما علاقة اصيلة وعميقة وضرورة لازمة.لذلك فإن الدولة المدنية الحديثة ـ المستندة إلى بنية مؤسسية حقيقية - بالشكل الذي يضمن الحقوق المدنية والسياسية ويعزز من التماسك الاجتماعي، ويضمن السير نحو المستقبل الذي يطمح إليه كل اليمنيين ـ يعتبر الركيزة الأهم في معالجة القضية الجنوبية وضمان عدم تكرارها وعلى أساس ان تكون كل المظالم والانتهاكات والتجاوزات التي تمت بحق أبناء الجنوب قد عولجت، وفي هذا الشأن تعددت الخيارات من قبل الأطراف السياسية اليمنية والتصورات المطروحة لحلحلة القضية حيث تراوحت بين أربعة مسارات وذلك كالتالي:- دولة وحدوية مع حكومة مركزية قوية، ويميل إلى هذا الرأي بعض القوى السياسية في الشمال، ويعد أقل الخيارات حظاً ويتميز على نحو خاص بأنه يتناقض مع روح الحركة الاحتجاجية في الشارع الجنوبي.ـ دولة وحدوية مع إدارة محلية قوية ويتمثل في دولة بسيطة مع تفويض صلاحيات كبيرة للإدارة المحلية ولهذا الخيار انصار من سائر اجزاء الطيف السياسي إلا أنه كسابقه لا يحظى بأي تأييد داخل الشارع الجنوبي.[c1]- دولة فيدارلية متمثلة في:نظام فيدرالي متعدد الاقاليم.[/c]ـ نظام فدرالي من إقليمين: البعض يرى هذا الخيار كحل على أساس فترة انتقالية لمدة لا تتجاوز الأربع سنوات يتم بعدها حق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم.ـ إقامة دولة مستقلة ديمقراطية وفدرالية على أرض جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ومن وجهة نظر أنصار هذا الخيار بأن جذر المشكلة لا يكون في النظام الحالي ولا في هيكلة الدولة بل في هيمنة ثقافة ونظام الشمال.ومن هنا وفي ضوء معطيات الواقع اليمني الراهن بكل تعقيداته التي تزداد يوماً فيوم فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وعلاقتها العميقة بفشل بناء دولة الوحدة فإننا نرى أن يكون ذلك الشكل الذي يجب أن تبنى على أساسه الدولة هو شكل الدولة الاتحادية الفيدرالية بحيث يكون ذلك اتفاقاً حقيقياً على شكل الوحدة.ومما يجب أن يرتكز عليه هذا الاتحاد ـ بحيث يضمن نجاحه ـ دستور اتحادي يقوم على المبادئ والمعايير والأسس الوطنية السليمة ويفتت تركز السلطة واحتكار الثروة ويضمن حق أبناء الجنوب في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة الاتحادية ويؤكد على حق الأقاليم في ممارسة السلطات التشريعة والتنفيذية والقضائية كما يؤكد على حق كل إقليم بوضع دستور خاص به يحدد هيكل سلطاته وصلاحياته بما لا يتعارض مع الدستور الاتحادي، ويلتزم النهج الديمقراطي ومبادئ الحكم الرشيد، بحيث يحقق العدل والمساواة وسيادة القانون واستقلالية القضاء وحيادية المؤسسة العسكرية والفصل بين السلطات، ويضمن الحقوق والحريات، كذلك فإنه لابد أن تكون هناك إستراتيجية شاملة لتحقيق التنمية المستدامة بحيث تكون مرتكزاً آخر يجب أن يقوم الاتحاد الفدرالي على أساسه وبحيث تكون هذه الإستراتيجية قابلة للتنفيذ وتوضع موضع التطبيق مباشرة.وذهابنا إلى هذا الخيار منطلق من رؤيتنا في شكل الدولة المقدم إلى فريق بناء الدولة والتي مما نصت عليه التالي:“ولما كانت حرب (94م) وما سبقها من إجراءات أحادية من قبل شريكي الوحدة وما تلاها من نتائج ترتبت على انتصار أحد الشريكين على الآخر أهمها إلغاء الجنوب من المعادلة السياسية، لا تمس الأساس الآخر بشكل الدولة اليمنية وفقاً لمضامين وثيقة العهد والاتفاق فإننا نرى ما يأتي:1ـ إن مشروعية الدولة اليمنية البسيطة القائمة قد تعدلت بمقتضى وثيقة العهد والاتفاق، ومن ثم فإن إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل هذه الوثيقة لا يقوم على أساس مشروع.2ـ كل الإجراءات التي تمت بعد (94م) بما يتعارض مع الوثيقة، ونقصد بذلك الانتخابات العامة وتعديل التقسيم الإداري وغيرهما لا مشروعية له.3ـ لما كانت الوثيقة قد تضمنت أساساً كافياً لإنشاء دولة مركبة فإنه يلزم استكمال إنشاء هذه الدولة المركبة.4ـ قد تبين عملياً خلال أكثر من عشرين عاماً مضت على قيام الوحدة الاندماجية فشل الدولة البسيطة في الحفاظ على الوحدة وقيامها بالواجبات المفترضة عليها.5ـ إن العوامل الجغرافية والثقافية والسكانية والحضارية في اليمن تصب كلها في صالح الدولة المركبة لا البسيطة.6ـ إن الوحدة اليمنية في سنة (90م) هي وحدة طوعية نشأت بمقتضى اتفاق تعاهدي بين طرفيها نتج عنه قيام دولة بسيطة، وقد خضع هذا الشكل لتعديل طوعي بمتقضى اتفاق تعاهدي آخر، ومن ثم فإن بقاء الشكل الأصلي أو المعدل للدولة أو الخروج عليهما لابد أن يكون أيضاً طوعياً”.[c1]الضمانات:[/c]ـ إن أي حل يجب أن يكون محل رضى وقبول أبناء الجنوب.ـ بما أن الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية لا تكفي لتنفيذ الاستحقاقات المنوطة بها من صياغة الدستور الجديد ومن ثم الاستفتاء الشعبي عليه وإقرار قانون للانتخابات بناء على الدستور الجديد وسجل انتخابي جديد، فإنه لا مناص من التوافق على مرحلة انتقالية جديدة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وعلى رأسها مخرجات قضية صعدة والقضية الجنوبية وبناء الدولة ترتكز على:ـ إعلان دستوري تتوافق القوى السياسية الممثلة في الحوار الوطني على تفاصيله.ـ مجلس تشريعي انتقالي، وحكومة وحدة وطنية (إنقاذ وطني) تشرف على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ويكون التمثيل فيهما مناصفة بين أبناء الجنوب والشمال.ـ تحويل المعالجات إلى مبادئ ونصوص دستورية وقانونية واضحة بما يضمن عدم تكرار ما حدث.
رؤية مكون (أنصار الله) في المعالجات والضمانات للقضية الجنوبية
أخبار متعلقة