استطلاع / شوقي العباسياهتمت الشريعة الإسلامية بالأسرة لما لها من دور في بناء المجتمع وتكوين العلاقة بين الأفراد ، وجاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الكثير من النصوص والأحكام التي تنص على أهمية الأسرة ودورها في بناء مجتمع سليم قادر على مواجهة المشكلات والتحديات، فتنظيم الأسرة في الإسلام لا ينحصر بالحديث عن عدد أفراد الأسرة وإنما يتعداه إلى ما هو أسمى وأوسع. من هنا برز دور وأهمية العلاقة بين الحكومة والعلماء والمرشدين حيث لابد من إقامة علاقة صحيحة وتوضيح دقيق لمفهوم التنظيم الذي يبتعد تماماً عن تحديد النسل من خلال نشر التوعية السليمة عن طريق الخطب والمحاضرات الدينية لمالها من أثر قوي على نفسية الفرد وتوضيح الحقائق فالقرآن الكريم والسنة النبوية أقرا تنظيم الأسرة وفقا للآيات القرآنية التي دعت لوجود تباعد زمني بين كل حمل, وذلك حفاظا على حقوق الطفل في الرضاعة والرعاية.قضية مصيريةيقول الشيخ جبري إبراهيم حسن مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف إن معالجة قضية الزيادة السكانية ضرورة باعتبارها قضية مصيرية للمجتمع اليمني لما فيها من تأثير كبير على موارد وعجلة النمو الاقتصادي، ويضيف : نحن لا ندعو إلى تحديد النسل ولكننا نسعى لتنظيمه بما يتماشى مع تعاليم الإسلام، فالعبرة ليست في الزيادة العددية ولكن في الإنتاج والحياة الأفضل ، مشيرا إلى أن الدراسات والبحوث أشارت إلى أن أحد معوقات حل المشكلة السكانية هو الفهم الخاطئ للدين، وقد أدى ذلك إلى الاهتمام بضرورة تأهيل الخطباء والمرشدين وتدريبهم على موضوعات المشكلة السكانية وبيان الرأي الصحيح للدين في مواجهتها.ونبه الشيخ جبري إلى أن تجاهل هذه القضية يساعد على تفاقم مشاكل أطفال الشوارع وعمالتهم ويسهم في تزايد معدلات الجريمة ، مطالباً الخطباء والمرشدين والدعاة بالاستفادة من المعلومات التي حصلوا عليها في الدورات التي نظمتها العديد من الجهات الحكومية في هذا المجال والعمل على نقلها إلى الناس في الحضر والريف بشكل خاص حيث تزايدت معدلات الإنجاب في الريف بشكل كبير ، محذرا من تداعيات الزيادة السكانية وتأثيراتها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتنموية خاصة في ظل محدودية الموارد الطبيعية، حيث إن عدد السكان ازداد خلال السنوات الأخيرة ليصل إلى قرابة 25 مليون نسمة. أمومة آمنةتقول الأستاذة جميلة صالح يحيى مدرسة تربية إسلامية : هناك مقولة للإمام الغزالي تقول إذا خافت المرأة على جمالها وعلى عدم القدرة لحسن إدارة بيتها ورعايتها أولادها وزوجها وحياتها عليها تقنين الإنجاب ويقول أيضا جابر بن عبد الله كنا نعزل والقرآن ينزل لم ينهنا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقضية تنظيم الأسرة في جملتها لايرفضها الإسلام، ولكن ما يؤكده بعض الفقهاء وعلى رأسهم الغزالي أنه يجوز نتيجة مستجدات العصر كضيق المساحة وكثرة البشر وقلة الإمكانات التي توفر الحياة الكريمة للسواد الأعظم، فمن المسئولية والحكمة أن نتدارك هذه القضية فالعبرة ليست بالكثرة ولكن بالتشكيل والتربية لأطفالنا ، وتضيف أن الأسرة عندما يكون أولادها اثنين أو ثلاثة على الأكثر تستطيع الأم من حيث الصحة أن تمنحهم الرعاية والأب يوفر لهم الدخل المناسب والحياة الكريمة.وأشارت إلى أن القضية (كيف)أكثر منها (كم) فعلى كل الأمهات أن يدركن ذلك ومعرفة أن الثروة بالأبناء دون إمكانات وتركهم للعمل في الشوارع والتسول يخلق مجتمعا يعج بالمشاكل والأمراض مما يزيد من التخلف والضعف الذي تعاني منه الأمة ويصبح الإنسان عالة على غيره.تغيير ثقافة الإنجابيؤكد الدكتور فهد الصبري مدير مشروع الصحة الإنجابية في المجلس الوطني للسكان وجود نوعين من القيم المسيطرة على المجتمع اليمني أولهما: أن الثقافة السائدة مازالت ذكورية فهناك أسر لايهدأ بالها حتى تنجب الذكر، والدافع لذلك هي الثقافة المسيطرة فهي عادات موروثة لم تتغير وناتجة عن تقاليد وموروثات من الصعب تغييرها.ويضيف : على الرغم من وجود حملات إعلامية متعددة في هذا المجال إلا أن النتيجة كانت غير مرضية وسيستمر تعزيز القيم المرتبطة بالإنجاب لدى الفئات التي تعتبر الإنجاب هو متعتها الوحيدة، ولذا فإن أي مجهود سوف يبذل في هذا الإطار لن يجد آذانا مصغية وذلك لانخفاض المستويات الاجتماعية والاقتصادية لدى نسبة كبيرة من شرائح المجتمع اليمني التي تفكر في الإنجاب ليكونوا مصدرا للدخل والرزق لأسرهم.وقال: علماء الاجتماع يؤكدون أن التغيير لن يأتي إلا بالتغيير الاقتصادي، فنحن نعاني الثنائية الإقليمية "الحضر والريف" فهناك فجوة واسعة والمجتمع في حاجة إلى القضاء على الفروق والاختلافات بين الفريقين في الخدمات والدخل والأوضاع الاجتماعية لكي تفكر أسر الريف ــ وهي المستهدفة في تغيير القيمة المصاحبة لكي يكونوا على وعي، فأي طبقة فقيرة لن تقتنع بما يقال في الإعلام إلا إذا تغيرت أوضاعهم، فلابد من تكاتف جهود المجتمع المدني مع الدولة لخلق بيئة اقتصادية جيدة تشعر بها هذه الفئات الفقيرة.المشكلة السكانية"المشكلة السكانية ليست إنجابا فقط ولكنها مشكلة توزيع وعدد ونوعية مساحات متاحة وجودة التعليم والفقر الذي تزداد معدلاته وفرص عمل".. بهذه الكلمات بدأ الأخ عبدالحكيم سعيد كلامه ، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في وجود خلل في العناصر السابقة، ودعا إلى علاج مشكلة التعليم وإعادة توزيع السكان على المساحة الكلية لليمن بشكل يحقق الاستغلال الكامل للموارد المتاحة والعمل على توفير فرص عمل ملائمة للخريجين أو تأهيلهم لسوق العمل.وقال: إن تنظيم الأسرة لا يعني منع النسل والإجهاض أو قطع التكاثر بالوسائل الجراحية ولكنه يعني تباعد فترات الحمل بما يتواءم مع دخل الأسرة حتى يأخذ الأولاد حظهم من التربية الصالحة، ولا يرهق الآباء أنفسهم بأعباء مالية تفوق قدراتهم فينحرفوا عن المسار المشروع في كسب لقمة العيش.
الفهم الخاطئ للدين.. وراء الزيادة السكانية
أخبار متعلقة