في البيان الختامي للمؤتمر الإقليمي للسكان والتنمية :
تحقيق / بشير الحزمي شدد (إعلان القاهرة 2) الصادر عن المؤتمر الإقليمي للسكان والتنمية الذي عقد في العاصمة المصرية مؤخرا على توجيه اهتمام خاص لأوضاع السكان والتنمية في الدول العربية المتضررة من الاحتلال والحروب والنزاعات.وأكد المؤتمر في ختام فعالياته التي تواصلت على مدى 3 أيام برعاية جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان على الأولويات والأنشطة الرئيسية لأجل الاسراع في تحقيق أهداف وغايات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بعد عام 2014، وكذلك الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية بعد عام 2015.وخص الاعلان بالاهتمام ما يتعلق باللاجئين والنازحين والهجرة القسرية والتأكيد على أنها تعيق تحقيق التنمية المستدامة وتؤدي إلى تراجع التقدم نحو تحقيق برنامج عمل القاهرة للسكان والتنمية لاسيما ما يحدث في فلسطين نتيجة الاحتلال الاسرائيلي، وآثاره على التنمية المستدامة وحقوق الانسان.وأصدر المشاركون في ختام المؤتمر (اعلان القاهرة 2) الذي تلاه وزير الصحة المصري محمد مصطفى حامد، مرحبين خلاله بنتائج وخلاصات المراجعة الاقليمية العربية لتنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وأنشطته الرئيسية وملحقاتها لما بعد عام 2014.كما رحبوا أيضاً بنجاح العديد من البرامج السكانية التي نفذتها الدول العربية منذ اقرار برنامج العمل خاصة في مجال ديناميكيات السكان، والصحة الجنسية والانجابية والانصاف بين الجنسين وتمكين المرأة والوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية، وكذا المعلومات والبيانات.واقر المجتمعون بأنه على الرغم من التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف وغايات برنامج العمل في المنطقة فإن التنفيذ يبقى متفاوتاً داخل البلدان وفي المنطقة عامة مع استمرار التحديات المتعلقة بالفوارق في مستويات الفقر والثروة والادماج الاجتماعي والشباب والمسنين وحالة النساء والفتيات وحصول الجميع على خدمات الصحة الجنسية والانجابية والهجرة والتحضر وكذلك حالات الطوارئ المعقدة والصراعات المسلحة والبيئة وتغير المناخ.وجددوا التأكيد على المبادئ الواردة في برنامج عمل القاهرة فيما يتعلق بحق الدولة السيادي في تنفيذ التوصيات بما يتماشى والقوانين الوطنية مع الاحترام الكامل لمختلف القيم الدينية والاخلاقية والخلفيات الثقافية للشعوب وفقاَ لحقوق الانسان المعترف بها دولياً.الكرامة والمساواةوعلى صعيد السياسات العامة وفيما يخص الكرامة والمساواة شدد المشاركون على ضرورة بذل المزيد من الجهود لمكافحة الفقر والحصول على الحقوق والحريات الأساسية، التي تمكن الناس من المشاركة الكاملة في المجتمع، والاستفادة من التقدم الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي والتمتع بحياة لائقة، ونبهوا الى أن اتساع نطاق عدم المساواة قد أدى إلى زيادة تقويض أسس ضمان الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية للجميع، وساهم في تباطؤ النمو على المستوى الكلي، وأحبط جهود خفض الفقر واستراتيجيات الحراك الاجتماعي على المستوى الجزئي.ودعا الإعلان الى معالجة مشكلة عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال الحد من سوء توزيع الثروة وزيادة فرص ضمان الاستفادة الكاملة من رأس المال البشري لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع على قاعدة آليات تشريعية وقانونية.ووجه بالاهتمام اللازم بحقوق ومسؤوليات الأسرة بجميع أفرادها لضمان الحماية والرفاهية والاستقرار والإنتاجية؛ والدعوة إلى وضع (أو) تنفيذ استراتيجيات الحد من الفقر والبرامج التي تستهدف الأشخاص المهمشين وخاصةً النساء، مع توجيه مزيد من الاهتمام للنساء المعيلات، وتوفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي لهن.وحث الاعلان الحكومات على وضع خطط وبرامج لتعزيز دور المرأة في الترابط والتلاحم الأسري وتربية النشء على قيم المواطنة.حقوق المرأةوفيما يخص المرأة دعا المؤتمر الدول التي لم توقع، للنظر في التوقيع والتصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو وبروتوكولها الاختياري) وإدراج أحكامها في القانون والممارسة الفعلية ووضع استراتيجيات للالتزام بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 1325، و1820، و1188 و1960؛ بما لا يتعارض مع سيادة الدولة؛ ودعا الدول العربية إلى النظر في رفع أي تحفظات متبقية على أي من مواد هذه الاتفاقية.كما دعا الى الالتزام بضمان الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء والفتيات دون تمييز على أساس الدين أو المعتقدات أو العرق، أو الأصل القومي، وإدماج المساواة بين الجنسين ومبادئ تمكين المرأة في جميع خطط التنمية مع توجيه اهتمام خاص لبرامج واستراتيجيات التعليم والتواصل والعمل على توفير تكافؤ فرص لكلا الجنسين وخلق مناخ عام مساعد على ذلك، وإدخال إصلاحات في قوانين الزواج تمنع زواج الأطفال وتضمن حماية ورفاهية الأطفال الإناث وتجعل تسجيل الزواج في السجلات الرسمية إلزامياً، وإصدار تشريعات للأحوال الشخصية تعزيزاً لحقوق المرأة والطفل في الأسرة، وتنفيذ برامج وتدابير من خلال إشراك قادة المجتمعات المحلية والأهلية والشباب لمعالجة الأسباب الكامنة وراء تزويج الأطفال، ورفع الوعي بالعواقب الوخيمة لزواج الأطفال على الصحة والبقاء على قيد الحياة؛ وتنفيذ برامج تستهدف تغيير مواقف وسلوكيات المجتمع، خاصةً المتعلقة بزواج الأطفال، وتعليم وعمل الفتيات، فضلاً عن ضمان حق الفتيات في الحصول على التعليم والمعلومات، بمن فيهن المتزوجات.حقوق المهاجرين والنازحينوعلى صعيد محور المهاجرين والنازحين دعا المؤتمر الى الالتزام بحماية ورعاية حقوق جميع المهاجرين، بمن في ذلك اللاجئون والنازحون، وهو أمر ضروري لتعظيم مساهمتهم في بلدان المنشأ والمهجر على حد سواء، وتوجيه اهتمام خاص لأوضاع السكان والتنمية في الدول العربية المتضررة من الاحتلال والحروب والنزاعات، خصوصاً فيما يتعلق باللاجئين والنازحين والمعرضين للهجرة القسرية؛ مع التأكيد على أهمية حماية ورعاية حقوق الإنسان لجميع المهاجرين بمن فيهم النازحون واللاجئون وضحايا الاتجار في البشر، وضمان حماية جميع حقوق الإنسان والعمل للمهاجرين الدوليين من المنطقة العربية وفيما بينها.و شدد المشاركون على ضرورة تأمين حصول المهاجرين داخل الدولة على مزايا سياسات التوظيف، وسوق العمل، والصحة، والتعليم، والأراضي والإسكان، في ظروف متساوية لتسهيل اندماجهم؛ وإدراج سياسات وبرامج الهجرة في التخطيط للتنمية وضمان الموارد المالية اللازمة لوضعها موضع التنفيذ.واكد المؤتمر اهمية العلاقة بين الهجرة الدولية والتنمية في مختلف بلدان المنطقة، والحاجة الى التصدي للتحديات والاستفادة من الفرص التي تطرحها الهجرة على البلدان المرسلة والمستقبلة للمهاجرين وعلى دول العبور، والحاجة إلى جعل الهجرة مسألة اختيار حقيقي، وليس لسبب عدم توفر فرص عمل لائقة في أوطانهم.كما دعا الاعلان الى إجراء بحوث للتأكد من جدوى عودة الأدمغة المهاجرة إلى الدول العربية، وتحسين التعاون بين الدول والتعاون بين الشركاء لضمان التدفق المنظم للهجرة والتقليل من اللجوء إلى الهجرة غير النظامية.محور الشبابوفيما يخص محور الشباب دعا المؤتمر الى الاستفادة من مزايا النافذة الديموغرافية المتمثلة فى نسبة الشباب في المنطقة العربية و الالتزام بوضع التشريعات والقوانين والسياسات والبرامج والتدريب الذى يضمن حقوقهم ومشاركتهم وتعزيز رأس المال البشري لضمان تمكينهم بالقدرات اللازمة لتحفيز الابداع الاجتماعي والاقتصادي لديهم.وشدد الاعلان على ضرورة المشاركة الأوسع للشباب في صنع القرار باعتبارها ستلبي تطلعاتهم وتعزز قدراتهم للمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن رفاهية وراحة الأجيال القادمة، وتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاستقرار السياسي والتنمية، مؤكداً ان تحسين جودة التعليم بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل وتوفير فرص الحصول عليه في المنطقة العربية، هما هدفان أساسيان من أهداف التنمية الاقتصادية للشباب، وخلق فرص العمل، والمشاركة المدنية النشطة، كما ورد في إعلان الدوحة (2009) على جودة التعليم باعتباره الهدف النهائي من الإصلاحات التعليمية في المنطقة، مسلطاً الضوء على الحاجة إلى بناء نظم ضمان الجودة والتقييم.ونبه (إعلان القاهرة 2) إلى ضرورة ضمان الحق في العمل اللائق للشباب من خلال سياسات وبرامج فعالة توفر فرص عمل مستقرة وآمنة، وغير تمييزية، وخاصة فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي، توفر أجوراً مناسبة وفرصاً للتطوير الوظيفي، والالتزام بحقوق الشباب في العمل، بما في ذلك الحق في التوظيف العادل، وتنظيم النقابات والانتماء إليها، والحق في السكن اللائق بما يتفق مع المواثيق الدولية؛ وتطوير قدرات الشباب على التفاعل وبناء العلاقات الاجتماعية الصحية التي تساعد على منع العزلة الاجتماعية وتعزز الفهم الواعي للصحة الإنجابية والجنسية بدعم وتوجيه الوالدين وبطريقة تتماشى مع تطور قدراتهم، والالتزام بأولويات خلق فرص عمل وقوة عمل ماهرة عن طريق زيادة الاستثمار، بما في ذلك فى القطاع الخاص، وفي البرامج التي تعزز روح المبادرة لدى الشباب وبناء قدراتهم من خلال الدورات التدريبية، واستخدام المناهج الدراسية الرسمية وغير الرسمية، والإرشاد المهني والوظيفي، والتدريب الداخلي مدفوع الأجر، وتوفير الحماية الاجتماعية، والتوجيه وتبادل الخبرات حتى يتسنى للشباب، بما في ذلك الفئات المعرضة للتهميش، الحصول على المعلومات والمهارات اللازمة للوصول إلى فرص العمل اللائق، وضرورة إشراك الشباب بفاعلية في جميع آليات السياسات والبرامج الوطنية والإقليمية بما فى ذلك التخطيط والتنفيذ وصنع القرار والرصد والتقييم.كبار السن والمعاقينواكد الاعلان على ضرورة تعزيز البيئة الداعمة لتمكين واحترام قدرات كبار السن المتراكمة واستثمار خبراتهم في الحياة والاعتراف بالفرص الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالشيخوخة، وبالتالي جني ثمار 'عوائد طول العمر'، والعمل مع الجهات المعنية لضمان إدراج كبار السن في عمليات التنمية الأوسع نطاقاً، بما في ذلك استراتيجيات الحد من الفقر، وعبر جميع القطاعات والوكالات التي تشمل المنظمات الحكومية وغير الحكومية وكذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص وإصدار التشريعات التي تدعم تمكين الأسر لرعاية المسنين مع توقع زيادة أعدادهم. والتأكيد على دعم بقاء المسنين في محيطهم الأسري الطبيعي، الذي هو جزء لا يتجزأ من الثقافة العربية وغالباً ما ينعكس في القوانين، كهدف سياسي، وضمان أن الخدمات الحالية، والظروف المعيشية والبيئة تستجيب لذلك.ودعا المؤتمر في اعلانه الختامي إلى تعزيز وحماية الاستقلال الذاتي للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم والمشاركة بنشاط في المجتمع وفي اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم، ودعوة الدول العربية التي لم تفعل ذلك حتى الآن، إلى التوقيع والتصديق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري وإدراج أحكامها في القانون والممارسة العملية.الحقوق الإنجابيةودعا الى تعزيز وحماية الصحة الجنسية والإنجابية وحماية الحقوق الإنجابية باعتبارها ضرورة أساسية لتحقيق الالتزامات الوطنية والعالمية للتنمية المستدامة، وتوجيه اهتمام خاص وعاجل للصحة الإنجابية للمراهقين، لا سيما فيما يتعلق بالوقاية والتشخيص والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والأمراض الأخرى المنقولة جنسياً، من خلال الحصول على الخدمات المناسبة لسنهم مع احترام القيم الثقافية والمعتقدات الدينية وبالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.الاستدامة البيئيةوأكد الاعلان على اهمية تعزيز جهود الاستدامة البيئية داعياً جامعة الدول العربية بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية الى إجراء المشاورات التمهيدية والتحضيرية اللازمة لضمان ادماج وجهة النظر العربية في مخرجات الحوار رفيع المستوى حول الهجرة الدولية والتنمية الذي تعقده الجمعية العامة للأمم المتحدة دورياً.كما طالب في مجال الاستدامة البيئية بضمان الفهم الكامل للتفاعل بين السكان والبيئة وتغير المناخ والتنمية الاقتصادية، لخلق أساس للتنمية المستدامة التي تأخذ في الاعتبار الحجم الحالي والمستقبلي للسكان، وتوزيعهم واحتياجات وحقوق السكان؛ وإزالة الحواجز التي تحول دون الاستدامة من خلال زيادة استخدام التكنولوجيا النظيفة، بما في ذلك الابتكار، والحكم الرشيد، وخلق الوعي المنهجي والتوعية حول سلوك الاستهلاك العام والمستدام التي تعود بالفائدة على البيئة.الشفافية ومكافحة الفسادوشدد على ضرورة تعزيز الإدارة الرشيدة القائمة على الشفافية والمساءلة والمشاركة للجميع، وسيادة القانون والحد من الفساد، مؤكدا أن تعزيز الإدارة الرشيدة على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والعالمي، هو أساس نتائج التنمية الأمثل، وانعكاساتها على السلم والأمن.ودعا الدول التي لم تصادق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان إلى النظر في القيام بذلك وتشجيع الدول التي صدقت عليها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق المساواة والإنصاف بين الجنسين وإقامة علاقات متوازنة ومحترمة بين الرجال والنساء في المنطقة وعلى مستوى المجتمع وداخل الأسرة.كما دعا المؤتمر الدول العربية الى الاستفادة من التعاون الدولي، بأشكاله كافة، وذلك في إطار العمل على التكيف مع تغير المناخ ومواجهة عواقبه وسائر القضايا البيئية والتنموية والسكانية.تحقيق الاستقراروطالب المشاركون ممثلي الحكومات والمنظمات غير الحكومية في المنطقة العربية، ببذل الجهود لتحقيق الاستقرار في المنطقة العربية، ووضع حد للنزاعات والصراعات القائمة والتي تؤثر تأثيراً مباشراً على تطبيق برنامج العمل الدولي للسكان والتنمية والإعلانات ذات الصلة ولا سيما غايات وأهداف التنمية آفاق العام 2015 وما بعده وتنعكس سلباً على أوضاع السكان خاصة النساء والشباب مع الأخذ في الاعتبار الاعلانات الصادرة عن البرلمانيين وتحالف الشباب العربي للسكان والتنمية وتحالف الجمعيات الأهلية العاملة على قضايا المرأة وجمعيات المجتمع المدني وما ورد فيها من توصيات.