عدن المدينة الكوسموبوليتان.. أي المدينة المتعددة الأعراق والثقافات والأديان.. ذابت في عدن كل تلك الأعراق وأصبحت نسيجاً واحداً.. هكذا عرفت عدن عبر التاريخ وساد هذا الواقع المؤصل عبر التاريخ حتى 30 نوفمبر 1967م بعد حصول الجنوب على استقلاله وأعلنت عدن ولأول مرة في التاريخ عاصمة للدولة الوليدة فتاريخ الجمهورية في الجنوب عمره 23 عاماً.في هذا الواقع الحضري والحضاري عرفت عدن وتحديداً مدينة الشيخ عثمان أسرة الحاج سلام الشرجبي في قسم (ج) وهذا القسم معروف بكل رموزه الوطنية والفنية والرياضية والثقافية وسبق أن تطرقت إلى رجال هذا القسم. أسرة الحاج السلام الشرجبي صاحبة عقارات سكنية وصناعية فالحاج سلام رحمه الله من أرباب صناعة الصباغة ومحلاته لا تزال قائمة حتى اليوم.دخل الحاج سلام سجل أصحاب البر والإحسان حيث قدم الرعاية للأطفال الأيتام من جيرانه القريبين والبعيدين وأسألوا الأخ العزيز اللواء علي عوض واقص باعتباره احد الأيتام الذين رعاهم الحاج سلام الشرجبي أما إذا سألتموني عن خاتمة هذه السيرة العطرة أقول لكم إن الحاج سلام الشرجبي مات شهيداً في المسيرة الجماهيرية الضخمة التي انطلقت في عدن (كريتر) تضامناً مع المناضلين الوطنيين الكبيرين محمد سالم علي عبده وعبده خليل سليمان عام 1958م وأريد من أخواني الجنوبيين أن يحسنوا توثيق تاريخ الحركة الوطنية في هذه المدينة العظيمة.ولد المناضل الوطني والنقابي عبد الكريم سلام ( واسمه التنظيمي أوالحركي صالح عبد الكريم) عام 1944م في الفيحاء الشيخ عثمان وتلقى مراحل دراسته في مدارس عدن وكان المغفور له بإذن الله عبد الكريم سلام من الذين تشبعوا بالمناخ الصحي الذي تمثل في الحركتين الوطنية والثقافية وتأثر بذلك بدءاً من محيطه الصغير (الأسرة وعميدها والده الحاج سلام الشرجبي) فانضم في بداية الامر مع حركة القوميين العرب ومن رفاق دربه الذين ظلت علاقته بهم راسخة هو المغفور له بإذن الله الدكتور أحمد الكازمي (المتوفى في 15 نوفمبر 2012م) وواصل مسيرة نضاله الوطني والسياسي والحزبي في صفوف الجبهة القومية. كان الفقيد عبد الكريم مناضلاً في صفوف التنظيم ومتعاملاً بصدق وأمانة وبشفافية حتى أنه كسب عطف وتقدير القائد الزاهد سالم ربيع علي وكان الفقيد ينشد التقدم العام والخاص، سواءً للوطن أو لمؤسسته (المشاريع اليمنية السوفيتية بمساحتها الكبيرة وأصولها الضخمة التي نهبت بعد 7 يوليو 94م سيئ الذكر) أو على مستوى تأهيله الذاتي سياسياً أو مهنياً حيث كان رحمه الله مهندساً ميكانيكاً يشهد القاصي والداني بكفاءته وإخلاصه لعمله.تعرض الفقيد لعملية تشكيك فوصفوه مرة باليساري الطفولي ومره بالتروتسكي لان مشكلة فقيدنا أنه كان مثقفاً وكان نهماً في القراءة في اعتقادي أن من لم يقرأ يلجأ لتفجير الخصومات والصراعات لأن مشكلة أصحابنا أنهم ارتبطوا بالقبيلة أو القرية وارتبطوا في ذات الوقت بالأممية وهنا تضارب مريع أو قل بأنه انقسام فالقبيلة أو القرية دائرة ضيقة في حين أن الأممية دائرتها لا متناهية وهي حقيقة مرة مرض منها الكاتب الكبير محمود السعدني ووصفهم بأنهم ( قبائل دوماركس).هكذا دفع عبدالكريم سلام إلى حرب شعواء في عمله ومعاشه ووضعه النفسي والذهني والمعنوي وظل على ذلك الحال حتى دخول الأوباش إلى الجنوب بعد حرب 1994م وحتى وفاته كمداً يوم الخميس الموافق 13 يونيو 2013م.رحم الله عبد الكريم سلام الشرجبي ( صالح عبد الكريم) وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان“إنا لله , وإنا إليه راجعون”لجأت إلى كتابة هذا الموضوع بعد أن أصبت بالذعر من الصمت المطبق من الشخصيات الوطنية التي عاصرت الفقيد الذي لم تنشر له تعزية ولف موته صمت مريب ورهيب وليغفر الله للصامتين والجاحدين.
يا جماعة الستينيات.. مات عبدالكريم سلام الشرجبي!
أخبار متعلقة