كتب/علي الطائيإذا أردنا إن نكتب عن أي عمل أدبي علينا إن نقف عند ظروف كتابته وما هي بيئة كاتبة لكي نستطيع أن نعطي النص قدره وحقه في مجموعته الشعرية (عري القناديل ) للشاعر عبد الكريم الكيلاني تعتبر نموذجا لهذه الحالة فلا يمكننا إن ندرس هذه النصوص الشعرية دون إن نرى ظروف كتابتها وما يحيط بكاتبها وبلده من أزمات فشاعرنا يعبر في كل مقطوعة عن أماني ومآسي العراق أولا وقوميته ثانيا ففي ظل أيام الكبت والخوف التي عاشها العراق كان الشعر هو المتنفس الوحيد لشاعرنا للتعبير عن ما يجول في نفسه ولكن كان له أن يخفي ما لا يرضى عنه النظام فكم من واحد من الشعراء أو الكتاب أو البسطاء من أبناء هذا الشعب سيق إلى التهلكة بسبب بيت من الشعر أو كلمة تفوه بها من اجل أن يعبر عن خلجات نفسه فكانت المرأة هي هذا المتنفس الشعري له أن أماني الشعب الكردي الذي ينتمي إليه شاعرنا كانت حبيسة النفوس في ذلك الزمن الصعب، أن تكون عراقيا فأنت تحت عيون العسس أن تكون كرديا فأنت تحت عيون عسس البعث هذا واقع عراقنا في ظل النظام السابق حتى بعد إن سقط النظام وجد الكثير فسحة من الأمل والزمن ليعبر بصدق عن حبة لقومه لشعبة لانتمائه إلى هذه الأرض فكان إن جاء الإرهاب الأعمى ليحرق الأخضر واليابس في ارض الرافدين فأصبح من لا يتعاون معهم خارجا عن الدين ويستحق الموت إما الأكراد فقد أصبح السواد الأعظم منهم في عرف الإرهاب خونة ومرتدين لم يعد يشفع لهم دينهم أو مذهبهم فكان إن منعوا شاعرنا من التجوال في مدينته في مرابع صباه وشبابه في إحياء وأزقة مدينته التي عشقها منعوا من اللقاء مع أصحاب الصبا لان الإرهاب يهدده لا لشئ ارتكبه سوى انتمائه لقوميته لتغنيه بأماني شعبة لحبة لجبال كوردستان وسهول دجلة لاهوار العمارة.. اهو الخوف من الكلمة هل تحولت الكلمة إلى سلاح اشد فتكا من الرصاص فكانت تلك الأحزان والماسي أن صقلت وفجرت ينابيع الشعر من شفاه شاعرنا هنا نقف عند دور الماسي والأحزان والظلم التي تفجر الشعر كمعبر عنها منذ الأزل منذ إن عرف الإنسان الشعر كان هو المعبر عن الماسي والأحزان والحب ففي تاريخنا نقف عند امرئ القيس الذي كتب أروع القصائد قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل فلو لا ما تعرض له من ماس وظلم ربما لم يسطر لنا أروع الكلمات التي حفظها الزمن وعنتر بن شداد تعرض لظلم العبودية والكبت والحرمان من الحبيبة وإنكار النسب فسطر لنا أروع الكلمات والسياب شاعر الماء والمطر كتب بروحه أروع وأجمل القصائد في عري القناديل كتب شاعرنا 35 قصيدة او مقطوعة موسيقية تعبر عن خلجات نفسه التواقة للحب والحرية والسلام لحب كوردستان وجبالها وسهولها لحب مدينته الحدباء التي ولد وترعرع فيها مستخدما المرأة كمدخل ليعبر عن نفسه وروحه كتب لنا ليس شعرا بل متنفسا لروحه التواقة للحياةلؤلؤة العالم أنت ص 12وهواك يحرق أجنحتيوالصرخة صمت اعميلازالت أحلامي تبكيأي هوى وعشق يحرق أجنحتك أيها العاشق وتحول الصراخ إلى صمت والأحلام لتبكي وان تعبر عن هذا الزمن الأرعن الذي يجعل الأحلام تبكي أنه زمن الموت الأرعنفي الناعور ص 17 يقولالسنة من لهب النارتجرحني نحو موانئ مهجورةتخترق الأزمنة الجديدة****وتحيل حضوريخراباوترقص رقصتها السادية***فمتى يحترق الليلفي عتمته قلبيكي يأتي الفجرندياوتورد فيه الإزهارهنا نرى نقيضين لا يلتقيان أبدأالخراب والتدميروالسلام والحياةنرى أصحاب العقول المريضة يحولون القصور خرابا ويدفعون الآخرين للبحث عن موطن الهجرةوقد عبر عنه بصدق خير تعبيرولكنه رغم ذلك يبقى متمسكا بالأمل بانبلاج الفجر والضوء لأنة دليل المحبة والسلامحتى تنبت الإزهار لأنة ذلك إيذانا ببدء حياة جديدةفي الخيط ص 25هاهمسراق الومضاتيساقون اليوم لمحرقة الموتكقطيع أواه الليلبعيداأرى هنا روح الأمل بان يأتي يوم ينال المجرمون والقتلة جزاءهمويعود الفرح الحالم إلى الأرضفي الطل ص 42نرى الحبة ودرجة عشقه فقد أصبح ظل المحبوبة يطارده من مكان إلى أخريتبعني ظلك مولاتيأين أولي وجهيويقول أيضاًيتسلل تحت لحاف نصوصيويعانق وجه ملاءاتيكيف لا والهوى والحب الصادق الذي يتسامى عن الشهوات هذا يذكرنا بشعر وهيام العذريين من شعرائنا القدامى مجنون ليلى وكثير عزة وغيرهمممن سقطوا صرعى الحب والوجد شوقا وحبا بالحبيبةولكن لا يمكننا أن ننسى حب شاعرنا للعراق وحزنه عندما سقط بيد الإرهابكما حزن كل عراقي على ما وصل إليه حال البلاد اليومالطوفان ص 44اغرق الطوفان بلاديوغزت كل جيوش الكون ارضياغتصبت قلبيتشظت في صباحاتيلهيبا بل اعاصيراوبركاناعري القناديل ص 60هذه المقطوعة التي أحسن عندما سمى مجموعته باسمهاكم هو الحزن وحرارة الألم في نفس شاعر فقد ذكر فيها مفردات مثلالصبار والعلقم ومعروف إن الصبار نبات شوكي والعلقم هو الطعم المر الذي لا يستسيغه الإنسان ولا يتجرعه إلا مرغماً ثم يعرج على ذكر مفردة السادية نعم السادية التي تجعل البعض من أشباه البشر يتلذذون بألم وأحزان الآخرينلابد لمن يقرأ هذه القصيدة إن يتذكر ويحس بما كان يعاني منة أبناء العراق ليستطيع إن يستمتع بكل مفردة فيها فقد مر زمن كانت البسمة حلماً يراود البعض حتى ألان مازال البعض يستكثر على العراقيين البسمة والفرح والحب. مازال البعض من يتسلى في الليالي الطوال بحكايات سمعها من أبيه أو جده عن الماضي وأيام كانت الفرس هي وسيلة النقل ويوم كان من يملك البرنو يعد من الوجهاءفي ماضي تليد وجميل رغم بساطة وفقر الناس في ذلك الوقتلو أردنا إن ندرس كل قصائد المجموعة لاحتجنا إلى عشرات الصفحات علنا نفي المجموعة والشاعر حقهماولكن ما استوقفني هو هذا الحب في قلب الشاعر للعراق أولا ولكوردستان ثانيا والذي تجلى في كل كلمة من المجموعة..عسى أن يأتي يوم تعود للعراق شمسه المشرقة وتعود جبال كوردستان كما كانت زاهية ونسمع منك قصائد تخلو من الحزن والألمفكل قصيدة في عري القناديل هي عبارة عن مأساة وحزن وألم وشوق لغد لم يأت بعد رغم كل الأحزان والألم والموت الذي عاشه العراق ماضيا ويعيشه حاضرالابد أن يأتي اليوم الذي يقوم من تحت الرماد لينتفض وتعيد الحياة إلى ارض الرافدين من اعلى قمة جبل إلى ابعد نقطة في الاهوار.هنا أود إن أقف عند نقطة ذات مغزى عميق هو هذا التواضع الكبير الذي تتحلى به نفسية الشاعر وبعده عن الأنا هذه الأنا التي أصبحت اليوم عند البعض مرضا وجعل البعض ينسى نفسه فيغوص في الأنا حتى الثمالة وهذا التواضع يحسب لك أيها الشاعر العاشق المحب لأرضك ووطنك وشعبك.
|
ثقافة
(عري القناديل) مجموعة شعرية تتحدث عن عشق وأحزان الإنسان العراقي
أخبار متعلقة