رواية
م/ أيمن شوقي[لا يوجد نمط فقرة][فقرة بسيطة] الفصل الثاني / الجزء التاسع استيقظت على صوت المنبه في الصباح الباكر، ومددت يدي في كسل جميل وأنا أكتم صوته المزعج وتثاءبت في بطء وأنا أتأمل زوجتي وهي تنام بجواري بعد ليلة حب طويلة... ابتسمت وأنا أداعب وجنتيها بأناملي، واستيقظت هي وابتسمت في وجهي وطبعت قبلة سريعة على شفتيها لأخبرها :-ألن توقظي صغيرتنا لكي تذهب إلى المدرسة.أومأت برأسها، وغادرت الفراش وشرعت في تبديل ملابسي بسرعة لأخرج مسرعا إلى حجرة المكتب باحثا في بعض الأوراق التي يتوجب علي مراجعتها بعد اجتماع البارحة، والتقطت بعضها لأضعها في الحقيبة في سرعة، وعندما خرجت وجدت زوجتي تضع قدح الشاي المعطر برائحة النعنــاع وهى تقول لي :-إلى أين، ألن تتناول هذا الكوب ... لقد جهزته من أجلك خصيصا ؟وقفت أتأملها من جديد، وبدأت أشعر بقلبي وهو ينبض من جديد من أجلها، وابتسمت وأنا أسألها :-هل استيقظت غادة؟أجابني صوتها الطفولي وهي تركض من خلفي :-أنا هنا يا أبي استدرت إليها وأنا أجدها تقف بجانب الباب وهي تفرك يديها بتلك الطريقة التي تعنى أنها تريد أن تطلب شيئا فأطلقت ضحكة صافية وأنا أتناول القدح وأترك الحقيبة على الطاولة وأتوجه إلى الصغـيرة قائلا :- مالذي دهاك يازهرة قلبي، ماذا تريدين ؟خفضت الصغيرة رأسها في حرج وهي تقول :-أريدك أن تقلني إلى المدرسة ابتسمت وأنا أسألها :-ولماذا؟ أجابتني في فخر :-حتى يرى أصدقائي سيارتكضحكت منال في صوت عال ٍ وهي تقول :-يبدو أن ابنتك قد أخذت أول صفاتك، الاهتمام بالمظاهر.تأملت الصغيرة وأنا أتحسس شعرها ثم هتفت :-سأوصلك يا غادة إلى المدرسةقفزت الصغيرة في فرحة وهي تقول لأمها :-هل ترين يا أمي، لقد كسبت ... أبي سيوصلني إلى المدرسة.ارتشفت رشفة كبيرة من قدح الشاي وأنا أشير لها أنني أهم بالانصراف فلحقت بي منال وهي تقول :-سوف أقوم بالاتصالات المتبقية مع باقي الأصدقاء لأدعوهم إلى حفل زواجنا.فتحت باب الشقة وأنا ألتفت إليها لأتأملها من جديد، لأبتسم مجددا وأنا أجيبها :-عيد زواج سعيداً يا منالوغادرت المنزلإلى يوم جديد ... وأحداث مخيفةأوصلت غادة إلى مدرستها ، وتعمدت أن أقف بالسيارة أمام باب المدرسة لأترك الفرصة حتى تذهب إلى أصدقائها وتشير إلى السيارة لتريهم أنها سيارتي، وأحسست بالفخر من أجلها ومن أجلي ثم انطلقت إلى العمل ...واستغرقت به حتى النخاع في الأوراق والخطط وتدوين الملاحظات حتى دق جرس الهاتف الداخلي، فالتقط السماعـة في ضجر وأنا أهتف :-ما الأمر يا سارة، لقد أخبرتك أنني لا أريد أي مقاطعة.أجابت السكرتيرة في ارتباك :-إنها مكالمة من فتاة تدعى إسراء ولقد أصرت على الاتصال بك.تذكرت فجأة أنني قد أغلقت جهازي المحمول كعادتي قبل الانهماك في عملي فأجبتها في توتر :-حسناً، مرري المكالمة .وكانت الدهشة تغمرني فقد نسيت أمر إسراء تماما، وكأنها لم تكن في حياتي البارحة، فهل هذا يعنى أنها كانت نزوة فقط أم ماذا؟أخذتني الأفكار حتى تدفق صوت إسراء بما يحمله من توتر في سماعة الهاتف.-مدحت، أين أنت؟ ألن تكف عن هذا العبث؟أجبتها في هدوء :-اهدئي يا إسراء حتى نستطيع أن نتحدث.أجابتني في حدة مباغتة.-لماذا أغلقت جهازك؟بدأ الضجر يدب في صوتي وأنا أجيبها: -إنني في العمل ولا أحب المقاطعة دون أمر مهم.قاطعتني في ثورة :-وهل أنا لست أمرا مهما بالنسبة لكأجبتها في انزعاج :-ماذا هناك يا إسراء .. اهدئى قليلاساد الصمت قليلا ثم قالت لي :-أريدك أن تأتى حالا.هززت رأسي وأنا أجيبها :لن أستطيع أن أغادر المكتب في الوقت الحا ...قاطعتنى إسراء في برود :لقد اتصلت بي زوجتك يا مدحت ...وأغلقت الخط ... لا ادرى كيف استطعت الانتظار حتى جاء وقت الانصراف من العمل، وانطلق غير مبال بالموظفين وهم يحدقون في وأنا أركض بين أروقة الطابق الذي أعمل فيه، وقفزت إلى المصعد بحركة لم أكن أتصور أنني قادر عليها وتعلقت عيناى بأرقام المصعد حتى انفتح باب المصعد ، لانطلق إلى سيارتي بكل ما أحمله من طاقة في قدمي وقفزت نحوها غير مبال بالعامل البسيط الذى يقوم بترتيب السيارات أمام المبنى. وأدرت المحرك وانطلقت بالسيارة في حدة فأطلقت إطاراتها صريرا مزعجا وأنا أجري كالمجنون بين طرقات القاهرة المزدحمة، وفي أقل من أربع عشرة دقيقة كنت أقف أمام باب إسراء وأنا أطرقه في إزعاج كامل وأنا أحاول التقاط أنفاسي في صعوبة.حتى فتحت أختها الصغيرة هند الباب وقد بدا على قسماتها أقصى انطباعات الانزعاج والخوف والقلق، ولكن ما إن وقع بصرها علي حتى هتفت في دهشة :-أستاذ مدحت ، ماذا جرى ؟لم أجبها مباشرة وأنا أندفع إلى داخل المكان وأتلفت حولي باحثا عن إسراء ولكن ما إن وقع بصري على شروق وهي تقف في ركن الردهة تحتضن دميتها في قوة وهي تنظر إلي في رهبة حتى تجمدت في مكاني والتفت إلى هند لأسألها وأنا أحاول أن أتمالك أعصابي ليبدو على الهدوء:-أين إسراء يا هند؟هزت هند كتفيها في حيرة وهي تجيبني :-إنها في العمل، لقد استدعوها اليوم لتقوم بالترتيب للحفلة.اختلط علي الأمر لدقائق ثم هززت رأسي وبدأت الأفكار مشتتة في عقلي المنهك من التوتر والإنهاك ثم سألتها في حدة :-أية حفلة، ما هذا الهراء، ولماذا أغلقت هاتفها؟انفجرت الصغيرة باكية من حدة صوتي ، وألقت علي هند نظرة مزدرئة وهي تتحرك مسرعة نحو شروق وتحملها في حنان، فدفنت الصغيرة رأسها في صدر خالتها وهي تبكى في صوت خافت، فهتفت هند في انزعاج :-أستاذ مدحت، اسمح لي أن أخبرك أنك قد تعديت كل أصول اللياقة والأدب هنا.تراجعت خطوتين إلى الخلف وأنا أشعر بالحرج الحقيقي لتصرفاتي أمام الطفلة التي لم تتحمل انفعالي، فخفضت رأسي وأنا أتمتم في خجــل :-أعتذر يا هند، ولكن أختك تدفعني للجنون بحق.جلست هند على المقعد المجاور لها وهي تحمل الطفلة بعد أن توقفت عن البكاء وهي ترمقني بنظرات مستريبة وساد الصمت المكان لدقيقتين، حتى أضاء مصباح ما إحد ظالجوانب المظلمة في عقلي.فاندفعت نحو هند وأنا اسألها :-هند، من هو زوج إسراء، لمن هذه الطفلة .حدقت هند في وجهي لثانية ثم أجابت :-إنها طفلة إسراء و ...قاطعتها في حدة:-ومن يا هند .. طفلة من هذه؟أجابتني في حدة:-ابنة حسن الصواف.وهنا فقط ، تخاذلت قدماي وسقطت على الكرسي المقابل لهند وأنا أحدق في وجه الطفلة فقد كانت ابنة خطيب زوجتي، السابق وخصمي اللدود.. يتبع.....